اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون24 مارس 2017 - 15 برمهات 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

معرفة الله

القس إبراهيم القمص عازر

24 مارس 2017 - 15 برمهات 1733 ش

في إنجيل "المولود أعمى"، تُعدنا الكنيسة وتهيّئنا وتفتح عيوننا على شخص الرب يسوع، قبل أن يدخل إلى أورشليمنا الداخلية أي القلب (أحد الشعانين). حتى إذ ما عرفناه وتذوقنا عشرته، نقبل بشكر شركة آلامه (أسبوع الآلام). ومن ثَمّ يصير لنا نصيب في قيامته (أحد القيامة)، فنؤهَّل لشركة روحه القدوس (يوم الخمسين)، ونُتوَّج بمعاينة ملكوت الله (الحياة الأبدية). هذا الملكوت الذي نختبره الآن عندما يلمس الله عيون أذهاننا، فتتجدد طبيعتنا وتستنير (الاستنارة).

وكلمة السر هنا هي "معرفة الله". وتقدم لنا القراءات ثلاثة مستويات من المعرفة، اجتازها المولود أعمى حتى صار بالحقيقة بصيرًا، بعدما استرد بصره. المستوى الأول: عندما سألوه عن السيد المسيح، قال: «إنسان يُقال له يسوع» (مستوى السمع عنه). المستوى الثاني: ثم قال عنه ثانيًا: إنه مجرد نبي (مستوى الانبهار بمعجزاته). المستوى الثالث: جاء له المسيح وعرّفه بذاته، ودعاه للإيمان به (مستوى الاختبار).

1) معرفة الله تقتضي الإعلان:

لم يكن ممكنًا للمولود أعمى أن يعرف المسيح، ما لم يأتِ المسيح بنفسه ويخلق له عينين، واهبًا إيّاه نعمة معرفته. هكذا لم يكن ممكنًا للإنسان أن يعرف الله، دون أن يأتي الله، ويكشف "reveal" عن ذاته، فيؤمن. الله هو صاحب المبادرة، ونحن لا نعرف الله في ذاته وجوهره، ولكننا نعرفه في محبته، بمقدر ما يكشف ويعلن لنا عن ذاته. وما الإيمان به سوى قبول وتصديق إعلانات الله لنا «إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (مت16: 17).

2) لا نعرف الله إلّا في المسيح:

الرب يسوع المسيح هو الإعلان الكامل عن الله. نعم هو إنسان، وقد أخذ وظيفة نبي، ولكن هذا يخص ناسوته الظاهر أمامنا، وإنسانيته التي اتخذها لأجلنا، عندما تجسد وصار إنسانًا وشابهنا في كل شيء ما خلا الخطية. أمّا عن لاهوته وطبيعته الأزلية، فهو الابن الكلمة، القائم في وحدانية كاملة ودائمة، أزلية أبدية مع الآب والروح القدس. هو أقنوم الإعلان، الذي كشف عن ذاته قديمًا، ثم اكتمل إعلانه بتجسده من مريم العذراء في ملء الزمن. ولهذا من رآه فقد رأى الآب، وكل من آمن به صار له شركة مع الله الثالوث «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلًا» (يو14: 23). لذلك لا معرفه ولا خلاص ولا حياة ولا أبدية خارج دائرة الإيمان بالرب يسوع المسيح، هو وحده فقط الطريق والحق والحياة.

3) لا نعرف المسيح إلّا بالشركة معه:

لكي نعرف المسيح معرفة حقيقية يجب أن نتحد به، فمعرفة المسيح لا تكتمل إلّا بالاتحاد معه والثبات فيه. فمجرد السماع عنه، ومعرفة صفاته، أو حتى الحديث عنه، أو التأمل فيه، لا يمكن أن يكون كافيًا. فالمطلوب هو الشركة والاتحاد به، أن نصير أعضاء في جسده، من لحمه وعظامه، جزء من عائلته. هذا تحققه لنا الكنيسة (جسد المسيح) وتهبه لنا في الاسرار. فبالمعمودية نلبس المسيح، وبالميرون نمتلئ من روحه القدوس، وبالإفخارستيا نثبت فيه، فنصير واحدًا معه، وهو يكون فينا، فنثبت فيه كثبات الغصن والكرم، والعضو في الجسد. عندها تكون شركة المحبة قوية ومتينة لا يفصلها حتى الموت، لأنه من سيفصلنا عن محبة المسيح.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx