اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون05 مايو 2017 - 27برموده 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 17-18

اخر عدد

كلمة قداسة البابا فرنسيس الأول

05 مايو 2017 - 27برموده 1733 ش

وبعدها ألقى قداسة البابا فرانسيس كلمة، حيث قال:

المسيح قام.. حقًا قام

قداسة البابا، أيها الأخ الحبيب للغاية...

لقد احتفلنا مؤخرًا بعيد القيامة المجيد، محور الحياة المسيحية، وحظينا هذه السنة بنعمة الاحتفال به في نفس اليوم. فقمنا هكذا وبتآلف بإعلان بشارة القيامة، إذ عشنا، بشكل ما تجربة التلاميذ الأولين، الذين معًا في ذلك اليوم «ابتهجوا لرؤية الرب» (يو20:20).

وقد اغتنى هذا الفرح الفصحي اليوم بنعمة السجود سويًا للرب القائم من بين الأموات بالصلاة، وبتبادل قبلة المحبة المقدسة، وعناق السلام مُجدَّدًا، باسمه. وإني ممتنٌ للغاية لهذا: فبمجيئي إلى هنا كزائر كنتُ على يقين من أني سأحصل على بركة أخ ينتظرني. عظيمًا كان التطلع إلى أن نلتقي مجددًا. في الواقع إني أحتفظ في قلبي بذكرى حيّة لزيارة قداستكم إلى روما بعد فترة وجيزة من انتخابي، يوم 10 مايو 2013م، هذا التاريخ الذي أصبح، على نحو سعيد، مناسبة نحتفل فيها كل عام بيوم الصداقة القبطية-الكاثوليكية.

في فرح الاستمرار بأخوّة في مسيرتنا المسكونية، أود أن أتذكر وقبل كل شيء تلك العلامة الفارقة في تاريخ العلاقات بين كرسي القديس بطرس وكرسي القديس مرقس، أي "البيان المشترك" الذي وقعه أسلافنا قبل أكثر من أربعين عامًا، في 10 مايو 1973م. ففي ذلك اليوم، بعد "قرون عصيبة من التاريخ"، حيث "ظهرت اختلافات لاهوتية، غذّتها وألهبتها عوامل ذات طابع غير لاهوتي"، وكذلك غياب عام للثقة في التعامل؛ فقد حان الوقت بمعونة الله، لاعترافنا معًا بأن المسيح هو "إله حق نسبةً لألوهيته وإنسان حق نسبةً لبشريته" (البيان المشترك المُوقَّع من قداسة البابا بولس السادس وقداسة البابا الأنبا شنوده الثالث 10 مايو 1973). وليست بأقل أهمية وملاءمة لزمننا الحالي، الكلمات التي تسبق هذا الإقرار مباشرة، أي تلك التي من خلالها اعترفنا ب"ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح". بهذه العبارات أعلن الكرسي المرقسي والكرسي البطرسي ربوبية يسوع، واعترفنا معًا بأننا ننتمي إلى يسوع، وبأنه كل شئ بالنسبة إلينا.

علاوة على ذلك، أدركنا أننا - ولكوننا ملكًا له - لا يمكننا بعد الآن أن يسير كل منا في طريقه، لأننا هكذا نخون إرادته: بأن يكونوا «جميعًا [...] شيئًا واحدًا [...] كي يؤمن العالم» (يو17: 21). فأمام عيني الرب الذي يريدنا «كاملين في الوحدة» (آية 23)، لم يعد بإمكاننا الاختباء وراء ذرائع وجود اختلافات في التفسير، ولا حتى خلف قرون التاريخ والتقاليد التي جعلتنا غرباء. فكما قال هنا قداسة البابا يوحنا بولس الثاني: "لم يعد لدينا وقت نضيّعه في هذا الصدد! وحدتنا في الرب يسوع المسيح الواحد، وفي الروح القدس الواحد، وفي المعمودية الواحدة، تمثل بالفعل واقعًا عميقًا وأساسيًا" (حديث أثناء اللقاء المسكوني، 25 فبراير 2000). لا وجود بهذا المعنى لمسكونية قائمة على الأفعال والكلمات والالتزام وحسب، بل هناك مسكونية قائمة بالفعل، تنمو يوميًا في العلاقة الحية مع ربنا يسوع، وتتجذّر في الإيمان المُعلَن، وتقوم فعليًا على سر معموديتنا، أي على كوننا في المسيح «خليقة جديدة» (2كو5: 17). باختصار: «رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة» (أف4: 5). من هنا ننطلق دائمًا لاستعجال ذلك اليوم المنشود للغاية، والذي فيه سنكون في وحدة مرئية وكاملة على مذبح الرب.

فنحن لسنا وحدنا في هذه المسيرة المشوقة، والتي – على مثال الحياة – ليست دائمًا سهلة وواضحة، والتي من خلالها يحثّنا الرب للمُضي قدمًا، ترافقنا جوقة هائلة من القديسين والشهداء المتحدين فيما بينهم اتحادًا تامًا، وتدفعنا لأن نكون منذ الآن صورة حية «لأورشليم السمائية» (غل4: 26). ومن بين هؤلاء، يفرح اليوم بشكل خاص بلقائنا القديسان بطرس ومرقس، فالرباط الذي يجمعهما هو عظيم. يكفي أن نفكر في أن القديس مرقس قد وضع في قلب إنجيله فعل إيمان بطرس «أنت هو المسيح!»، والذي كانت إجابته على سؤال يسوع – سؤال مازال حاليًا – «وأنتم مَنْ تقولون إني أنا؟» (مر8: 29). ومازال هناك اليوم أيضًا الكثير من الأشخاص الذين لا يعرفون الإجابة على هذا السؤال، بل وقَلّ أيضًا حتى من يطرح هذا السؤال، وخصوصًا من يقدم، من خلال إجابته فرح معرفة يسوع، هذا الفرح الذي حظينا بنعمة إعلانه سويًا.

نحن مدعوون إذًا لأن نشهد للمسيح معًا، وأن نحمل للعالم إيماننا، قبل كل شيء بأسلوب الإيمان الخاص: أي بعيشه، لأن حضور يسوع ينتقل عبر الحياة ويتكلم لغة المحبة المجانية والملموسة. فبإمكاننا دائمًا - أقباطًا أرثوذكسيين وكاثوليك - أن نتكلم معًا أكثر فأكثر لغة المحبة المشتركة هذه، ومن الجميل أن نسأل أنفسنا قبل القيام بمبادرة خير إن كان بإمكاننا أن نقوم بها مع إخوتنا وأخواتنا الذين يتشاركون معنا بالإيمان بيسوع. هكذا ببنائنا الشركة عبر الواقع اليومي الملموس لشهادتنا المعاشة، لن يتوانى الروح في جعل العناية الإلهية تفتح أمامنا دروبها بطرق غير متوقعة.

بهذا الروح الرسولي البنّاء، مازلتم يا صاحب القداسة، تعيرون الكنيسة القبطية الكاثوليكية اهتمامًا خاصًا أصيلًا وأخويًا: وهو قُربٌ أعبّر عن امتناني الكبير من أجله، والذي قد تُرجِم بطريقة تستحق الثناء من خلال إنشاء المجلس الوطني للكنائس المسيحية الذي أُنشِئ بهدف أن يتمكن المؤمنون بيسوع من أن يعملوا معًا أكثر فأكثر، لصالح المجتمع المصري بأسره. كما أعرب عن تقديري الكبير لكرم الضيافة الذي قدمتموه للّقاء الثالث عشر للجنة الدولية المشتركة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية، والذي عُقِد هنا العام الماضي تلبية لدعوتكم، إنها لعلامة جيدة أن تكون قد انعقدت الجلسة التالية هذا العام في روما، وكأنه تعبير عن الاستمرارية الخاصة القائمة بين الكرسي المرقسي والكرسي البطرسي.

يبدو القديس بطرس، في الكتاب المقدس، وكأنه بطريقة ما يتبادل محبته مع القديس مرقس، إذ يدعوه «ابني» (1بط5: 13)، بيد أن العلاقات الأخوية بين الإنجيلي مرقس وأنشطته الرسولية تخصّ أيضًا القديس بولس، الذي قبل استشهاده في روما يتكلم عن مرقس وعن خدمته المفيدة (2تي4: 11)، ويستشهد به مرارًا (فل1: 24؛ كو4: 10). محبة أخوية وشركة الرسالة: إنهما الرسالتان اللتان تستودعنا إياهما كلمة الله وجذورنا. إنهما البذرتان الإنجيليتان اللتان يسرنا أن نستمر في إروائهما وجعلهما ينموان معًا، بعون الله (1كو3: 6-7).

إن ما يدعم نضوج مسيرتنا المسكونية، وبطريقة سرية للغاية، هو أيضًا مسكونية الدم الحقيقية والفعلية. كتب القديس يوحنا أن يسوع «أتى بماء ودم» (1يو5: 6)، ومن يؤمن به، هكذا «يغلب العالم» (1يو5:5)، بالماء والدم: أي يعيش حياة جديدة في المعمودية المشتركة، حياة محبة دائمة وللجميع، وحتى بثمن تضحية الدم. وكم من الشهداء في هذه الأرض، منذ القرون الأولى للمسيحية عاشوا الإيمان بطريقة بطولية حتى المنتهى، مفضِّلين سفك دمهم على إنكار الرب والاستسلام لإغراءات الشر، أو حتى لتجربة الرد على الشر بالشر؛ يشهد على ذلك بطريقة جليلة سنكسار الكنيسة القبطية. وقد تم مؤخرًا، وللأسف، إراقة دم بريء لمصلين عُزَّل وبقسوة.

أيها الأخ الحبيب للغاية، كما أن أورشليم السماوية هي واحدة، فإن سنكسار شهدائنا هو كذلك واحد، وآلامكم هي أيضًا آلامنا: إن دمائهم الزكية توحّدنا. مستمدين القوة من شهادتكم، دعونا نعمل على التصدي للعنف، كارزین بالخیر وباذرینه، وعاملین على نموّ التوافق ومحافظین على الوَحَدة، ومصلینِّ كیما تفتح التضحیات العدیدة الطریقَ أمام مستقبل شركةٍ تامة فیما بیننا وسلامٍ للجمیع.

إن تاریخ القداسة الرائع في هذه الأرض لیس فریدًا لارتباطها بتضحیة الشهداء وحسب. فما أن وضعت الاضطهادات القدیمة اوزارها، نشأ شكلٌ جدیدٌ من الحیاة المُكرَّسة للرب، حیاة لا تحتفظ بأي شيء لنفسها: فمن قلب الصحراء، أشرقت الحیاة الرهبانیة. هكذا، فبعد الآیات العظیمة التي صنعها الربّ في الماضي في مصر وفي البحر الأحمر (مز106: 21-22)، أتت معجزة حیاة جدیدة، جعلت الصحراء تزهر بالقداسة. وإكرامًا لهذا التراث المشترك جئت كزائر لهذه الأرض، حیث الربّ نفسه أحبّ المجيء: هنا نزل، ببهاءٍ، على جبل سیناء (خر24: 13-16)، وهنا، طفلًا، وبكل تواضع، وجد ملجأً.

یا صاحب القداسة، أيها الأخ الحبیب للغایة...

ليهبنا الربّ ذاته أن ننطلق الیوم مجدّدًا كحجّاج شَرِكةٍ وكمبشّري سَلامٍ. ولتأخذ بیدنا في هذه المسیرة، تلك التي على هذه الأرض رافقت یسوع، والتي أطلق عليها التقلید اللاهوتي المصري العریق منذ القدم، لقب والدة الإله. ففي هذا اللقب تتوحّد بطریقة رائعة الإنسانیة والألوهیة، لأنه في والدة لله، قد صار إنسانًا إلى الأبد. ولنطلب من العذراء القدّیسة، والتي تقودنا دومًا إلى المسیح، لنطلب من تلك السیمفونیة الكاملة بین الإلهي والإنساني، أن تأتي بقلیل من السماء على أرضنا.

و بعد ان انتهت كلمتي قداسة البابا تواضروس وقداسة البابا فرانسيس خلال اللقاء المشترك للوفدين الفاتيكاني والقبطي الذي عقد بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية عقب انتهاء الجلسة الثنائية التي جمعت الحبرين معًا تبادل بابا الفاتيكان والبابا تواضروس الهدايا التذكارية كما قام البابا فرانسيس بتقديم هدايا تذكارية لأحبار الكنيسة الحاضرين وفعل الأمر نفسه قداسة البابا تواضروس حيث قدم بدوره الهديا التذكارية لأعضاء المرافق لبابا الفاتيكان.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx