اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون05 مايو 2017 - 27برموده 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 17-18

اخر عدد

بين آدم الأول... والمسيح المخلص (آدم الثاني)

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

05 مايو 2017 - 27برموده 1733 ش

دُوِّن الكتاب المقدس كله لكي يعلن عن محبة الله للبشرية وفدائه الذي أتمّه للإنسان. يتكلم العهد القديم عن السقوط وإعداد البشرية لمجيء الرب، بينما يتحدث العهد الجديد عن مجيء الرب يسوع وإتمام الخلاص بالصليب. ولذلك يظهر في العهد القديم خمسة أمور رئيسية كان الرب يعدّ البشرية من خلالها لاستقبال المخلص وهي: الوصايا، والنبوات (نسل المرآة يسحق رأس الحية)، والأحداث النبوية (كعبور البحر الأحمر والحيّة النحاسية)، والطقوس والذبائح (كذبيحة المحرقة وغيرها من الذبائح)، وأخيرًا الأشخاص الرمزيون وهي شخصيات كانت ترمز للرب يسوع في ناحية أو عدة نواحٍ، ومن أهم هذه الشخصيات كانت شخصية آدم.

في قراءات عيد القيامة المجيد يُقرَأ فصل البولس من رسالة معلمنا بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس الأصحاح الخامس عشر، وفيه يقارن بولس الرسول بين أبينا الآول آدم وبين شخص الرب يسوع المخلص، وفي هذه المقارنة هناك عدة أوجه للشبه والخلاف نذكر منها:

1) إن آدم والرب يسوع كلاهما قد جُرِّب من الشيطان، وكان مجال التجربة ينحصر في ثلاث نقاط هي: شهوة الطعام، وشهوة العيون، والكبرياء أو الرغبة أن يصير مثل الله. وهكذا جُرِّب الرب يسوع أيضًا بهذه الثلاث: شهوة الطعام (قل للحجارة أن تصير خبزًا)، وشهوة العيون (أعطيك ممالك العالم)، والكبرياء (اطرح نفسك لكي تصير مشهورًا). ولكن رغم أن كليهما جُرِّب، إلّا أن آدم الأول سقط بسبب عدم حفظه للوصية الإلهية، بينما انتصر الرب يسوع بذات السلاح، سلاح كلمة الله، أي الوصية.

2) كان كلاهما حيًّا: كان آدم حيًّا بنفخة الله التي وضعها في أنفه، أمّا الرب يسوع فكان روحًا مُحيِيًا، لهذا كان قادرًا أن يهب الحياة من خلال روحه القدوس، لذلك تكلم مع السامرية قائلًا: «الماء الذي أنا أعطي يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية» (يو4: 14)، لذلك نصلي في الساعة الثالثة لكي يجدّد فينا الرب روحه المحيي.

3) كلاهما صارت له عروس واحدة: آدم الاأول من جنبه خرجت حواء أم كل حي، ومن جنب الرب يسوع المخلص اقتنى لنفسه كنيسة مجيدة واحدة مقدسة رسولية إذ اشتراها بدمه الذي سال من جنبه، وصار هو رأسًا للكنيسة التي صارت جسدًا خاصًا به.

4) آدم الأول أخطأ ولُعِنت الأرض بسبب خطيته بالشوك واللعنة، وأمّا يسوع فقد حمل في جسده آلام الشوك وآلام اللعنة (لأن المُعلَّق ملعون من الله).

5) كلاهما حُكِم عليهما بالموت: بسقوط آدم الآول دخل حكم الموت إلى كل العالم، وحمل كل أبنائه نتائج الخطية. أمّا بموت الرب يسوع آدم الثاني، دخل الخلاص إلى كل العالم عندما قبل الابن الوحيد أن يحمل خطايانا في جسده على الصليب ليموت عنّا ويعفينا من نتائج خطية آدم الأول التي بسببها اجتاز الموت إلى الجميع.

6) يسوع شارك آدم في حكم الموت، لكن آدم مات ولم يستطع أن يغلب، أمّا الرب يسوع فبسلطانه الشخصي استطاع أن يقيم ذاته بقوة لاهوته وحده، فقد بذل نفسه للموت باراداته «لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها»، ولم يستطيع الموت أن يمسكه «أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتكِ يا هاوية» (1كو15: 55).

7) بخطية آدم الأول خرجت كل البشرية من جنة عدن، وبخلاص الرب يسوع على الصليب اجتازت الحياة إلى العالم كله لكل من يقبله مخلصًا وفاديًا.

هكذا شابه آدم الثاني- الرب يسوع - آدم الأول في بعض النقاط، لكنه أيضًا خالفه في الكثير منها، لذلك اختارت الكنيسة لنا في قراءات عيد القيامة أن تضعهما في مقابله رائعة عندما تتلو لنا «صار آدم الأول نفسًا حيّة، وآدم الأخير روحًا مُحيِيًا... وكما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضًا صورة السماوي» (1كو15: 45–49).


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx