اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون05 مايو 2017 - 27برموده 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 17-18

اخر عدد

فتراءى كلامهن لهم كالهذيان

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

05 مايو 2017 - 27برموده 1733 ش

لقد سجل لنا القديس لوقا رد فعل الرسل لخبر قيامة الرب الذي بشرتهم به المريمات قائلًا: «فتراءى كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدقوهن» (لو24: 11). يذكّرنا ذلك بموقف شبيه عندما احتج بولس الرسول لدى أغريباس قائلًا: «لماذا يُعَد عندكم أمرًا لا يُصدَّق إن أقام الله أمواتًا» فعندئذ «وبينما هو يحتج بهذا، قال فستوس بصوت عظيم: أنت تهذي يا بولس الكتب الكثيرة تحوّلك إلى الهذيان» (أع26: 8، 24). يعني ذلك أن خبر القيامة يُستقبل لدى البعض على أنه هذيان، وضرب من ضروب الخرافة ومجانبة الصواب. قد يقول قائل إن هذا قطعًا لا ينطبق إلّا على غير المؤمنين الذين لم يولدوا من الروح، طالما أنه بدون استعلان الروح القدس لا يستطيع أي عقل بشري أن يستوعب خبر قيامة المسيح من بين الأموات. إلّا أنه مع الأسف ليس الحال هكذا. إنني أقولها على استحياء إن قيامة المسيح صارت بالنسبة لكثير من المسيحيين كالهذيان!! فهم على الرغم من أنهم يردّدون يوميًا في قانون الإيمان "وقام في اليوم الثالث كما في الكتب"، ينكرون قوتها ومفاعيلها في توجهاتهم، وسلوكياتهم، وقناعاتهم الشخصية. فالمسيحي المنحني تحت أثقال الأحزان والهموم يتراءى له كلام من يبشره بفرح القيامة كالهذيان؛ والخاطئ المُكبَّل بالخطية، اليائس من التحرر من قيودها، يتراءى له كلام من يبشره برجاء القيامة كالهذيان؛والمتهاون في مسيرة جهاده الروحي يتراءى له كلام من يحثّه على الجهاد بما يليق بالقيامة كالهذيان؛ والشخص المحب للعالم المنغمس في شهوته يتراءى له كلام من يذكّره بأن يطلب ما فوق حيث المسيح القائم جالس كالهذيان؛ والذي يخاصم أخاه ويغضب عليه يتراءى له كلام من يحثه على الغفران كما غُفر له بفعل موت وقيامة الرب كالهذيان؛ والذي يطلب مجد نفسه عابدًا ذاته يتراءى له كلام من يذكره بإعطاء كل المجد للمسيح القائم من الأموات كالهذيان؛ والذي لا يحفظ الوصية مستهينًا بها يتراءى له كلام من يذكره بالدينونة التي تتنظر من يهمل خلاصًا هذا مقداره تحقق بفعل القيامة كالهذيان.

لقد تساءل السيد المسيح في ذلك الزمان بحزن ولازال سؤاله يتردد عبر الأزمنة: «ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض؟» (لو18: 8). أيّ إيمان يتوقعه منّا ذاك القائم من الأموات سوى الإيمان بالقيامة، لا على مستوى الشفتين والعقل بل على مستوى الفعل؟! هوذا بولس الرسول يعلن متأسِّفًا: «ولكن اعلم هذا أنه في الأيام الأخيرة ستأتي أزمنة صعبة، لأن الناس يكونون محبين لأنفسهم، محبين للمال، متعظمين، مستكبرين، مجدفين، غير طائعين لوالديهم، غير شاكرين، دنسين بلا حنو، بلا رضى، ثالبين، عديمي النزاهة، شرسين، غير محبين للصلاح خائنين، مقتحمين، متصلفين، محبين للذات دون محبة لله لهم صورة التقوى، ولكنهم منكرون قوتها» (2تي3: 1-5).

أليس هذا هو الهذيان بعينه أن نصلب لأنفسنا ابن الله ثانية ونشهّره؟!!


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx