اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون05 مايو 2017 - 27برموده 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 17-18

اخر عدد

قومي استنيري...

القمص بنيامين المحرقي

05 مايو 2017 - 27برموده 1733 ش

«قُومِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ» (إش60: 1)

كان خروج بني إسرائيل من أرض مصر، وتحررهم من عبودية فرعون، إشارة إلى تحررنا من عبودية الشيطان بصليب السيد المسيح وقيامته.

كما كانت عودة اليهود من السبي، رمزًا للقيامة من الموت. فالسبعين عامًا التي قضوها في مذلة السبي، ترمز إلى ظلمة القبر، وبالعودة من السبي تمتعوا بنور الحياة والحرية. أمّا أورشليم الجديدة، فقد تمتعت بما هو أعظم من حرية العودة من السبي. فبالقيامة فُتِح لنا الطريق للحياة الأبدية، باتحادنا بالسيد المسيح الذي هو القيامة والحياة (يو11: 25).

كذلك كانت شريعة تطهير الأبرص رمزًا للقيامة (لا14: 4 -76)، فالشفاء والتطهير مصدر للفرح والاستنارة.

الله هو النور الحقيقيّ الأزلي (يو1: 9؛ 8: 12)، باتحادنا به نلنا قبسًا من هذا النور، بل وأصبحنا نحن نورًا للعالم (مت5: 14)، من قِبَل الاستنارة التي حصلنا عليها كنعمة وبركة من بركات القيامة «لأَنَّ عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ. بِنُورِكَ نَرَى نُورًا» (مز36: 9). يقول القديس يوحنا ذهبي الفم في عظة فصحية: [الآن أضاءت علينا إشعاعات من نور المسيح المقدس، وأشرقت علينا أضواء صافية من الروح القدس وانفتحت علينا كنوز سماوية من المجد. لقد اُبتُلِع الليل الكثيف الحالك وانقشع الظلام الدامس، واختفى ظل الموت الكئيب... إنه الفصح العجيب، إبداع فضيلة الله وفعل قوته] (رسائل آباء الكنيسة4: 29). إن ما نعنيه بالاستنارة يختلف عن إعمال العقل، فالاستنارة من عطايا القيامة لنا. يقول القديس مقاريوس المصريّ: [الذي عنده استنارة، هو أعظم من الذي له عقل ومعرفة، لأن الإنسان المستنير قد نال عقله استنارة أكثر من الإنسان الذي له معرفة فقط] (عظة 7: 5).

إن القيامة هي حجر الزاوية في الإيمان المسيحي «وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ» (1كو15: 14)، فقد كانت الكنيسة الأولى تعيش بالفعل حالة يقين الإيمان بالقيامة، ليس فقط كمبدأ إيمانيّ أو مجرد عقيدة لاهوتية، لكنها كانت تعيش في حالة قوة القيامة كحقيقة مُعاشة. بقيامة السيد المسيح من الأموات، وتحطيمه لمملكة الشيطان، وهبنا حياة جديدة لن يغلبها الموت، بل وجعل من الموت جسرًا للحياة. لذا يدعونا القديس بولس الرسول أن نعيش القيامة «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ بين الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ» (أف5: 14).

إن المسيح القائم هو الطريق والمصدر الوحيد للاستنارة، إن الليتورجية الكنسية تجسد لنا ذلك، حينما تُطفَأ الأنوار، وتُصلّى "تمثيلية القيامة"، ويعقبها إنارة الكنيسة بالشموع، التي تًضاء جميعها من على المذبح من الشمعدانين المحيطين بالدفنة، أي أن مصدر استنارتنا مُستمَّد من المسيح القائم.

وكما كان الطريق إلى القيامة هو الصليب، الذي عن طريقه ذاق السيد المسيح الموت بالجسد. هكذا السبيل للتمتع باستنارة القيامة، بعدما مشاركة رحلة الآلام والقيامة، عن طريق التمتع بالتمتع بالأسرار الكنسية: «مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا اقِمْتُمْ ايْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي اقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ» (كو2: 12)، وبذلك صرنا خليقة جديدة (2كو5: 17) نلنا فيها استنارة سمائية جديدة. علينا أن نكمل في طريق الإماته لكي نحصل على نور القيامة عن طريق رفض العالم (لو14: 33)، ونكران النفس (لو9: 23)، والانفصال عن الخطيئة (كو3: 5).

إننا لا نأخذ الاستنارة بصورة كاملة مرة واحدة، أو يحصل عليها الجميع بقدر متساوٍ، بل بقدر ما يجاهد الإنسان في حياة التوبة والنقاوة، بقدر ما تفتقد النعمة الإنسان، وذلك لكي تمتحن قصد الإنسان لترى مدى حفظه للمحبة الإلهية. لذلك نرتل في توزيع الخماسين المقدسة، كدعوة للإستنارة، قائلين: "أضيئي واستنيري يا أورشليم، لأنه قد جاء نوركِ. لأن ربنا يسوع المسيح، الحمل الحقيقي، قام من بين الأموات" (لحن كل الصفوف: 3).


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx