اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون19 مايو 2017 - 11 بشنس 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 19-20

اخر عدد

خير لكم أن أنطلق

القس إبراهيم القمص عازر

19 مايو 2017 - 11 بشنس 1733 ش

«لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ..» (يو16 :7). لقد سبق الرب يسوع وأعلن لتلاميذه، أنه يجب أن ينطلق ويعود إلى السّماء، وهذا من أجل صالح وخير الكنيسة. فوجود المسيح تدبيريًا بالجسد على الأرض، مرحلة مؤقته وليست دائمة. فلم يأتِ الرب ليسكن في أرضنا، أو ليقيم مملكة أرضية، أو ليؤسس لسلطان زمني. لقد حرر الرب يسوع دعوته من كل هذه الأفكار عندما أعلن قائلًا إن «مملكتي ليست من هذا العالم». فدعوته ليست دعوة سياسية أو اجتماعية، بل هي دعوة روحية خالصة لبناء إنسان جديد، ذي طبيعة جديدة، تؤهّله أن يصير عضوًا مثمرًا في ملكوت الله. لقد صعد الرب إلى السماء، لانه جاء ليؤسّس ملكوتًا يبدأ هنا في الأرض ولكنه يمتد للأبد. ملكوت يبدأ ولا ينتهي. ملكوت يتعدّى حدود المكان ليصل لكل إنسان في كل جيل وزمان. لقد أعلن الرب بوضوح شديد في حديثه مع الآب أنه يريد أن يعطينا مجده، يريدنا أن نكون معه دائمًا وأبدًا. لقد أطفأ صليب المسيح وموته آمال التلاميذ وطموحاتهم في الملكوت الزمني. ولكنه بعد القيامة أعلن الملكوت الحقيقي، ملكوته الجديد، ظلّ يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله. ثم صعد بالجسد أمام عيونهم، ليرفع أنظارهم، ويُحيي آمالهم، ويشعل اشتياقاتهم نحو ذلك الملكوت الأبدي. لذلك رجع التلاميذ بفرح عظيم ، وكانوا دائمًا يسبحون الله في الهكيل. فرغم خسارتهم الجسيمة، وفقدانهم حضور يسوع بالجسد بينهم وأمام اعينهم. ولكنهم بالحقيقة فرحوا لأنهم أدركوا كلمات الرب يسوع «خير لكم أن انطلق». فانطلاق الرب وصعوده معناه أن مهمته الأساسية والعمل الذي اُؤتمن عليه قد تُمّم. فملكوت الله الذي تنبأ عنه الأنبياء، وحلم به الآباء، ومن أجله جاء يوحنا المعمدان مبوِّقًا ومُمهِّدًا، وبه بدأ الرب يسوع كرازته، ثم شرحه كثيرًا من خلال أمثاله وتعاليمه، وأظهره في حياته ومعجزاته، وأخيرًا أسسه عندما مات وقام. هذا الملكوت قد صار حقيقة، وواقعًا لكل إنسان، وبعد أن كان الله معنا صار بالحقيقة فينا «ها ملكوت الله داخلكم» (لو17 :21 ). وبالإيمان يملك علينا «ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم» (أف3: 17)، وبالأسرار يصير واحدًا معنا وفينا. لذلك قد سبق الرب يسوع ووعد تلاميذه بحلول الروح القدس ليؤسس الكنيسة. التي في حقيقتها وجوهرها تعبيرًا وإيضاحًا لهذا الملكوت. حتى أن كل من يُزرع في الكنيسة (المعمودية والميرون)، وينمو بها ويتغذّى منها (سر الإفخارستيا)، ويحتمي فيها من تيارات العالم وتأثيراته (سر التوبة والاعتراف، سر مسحة المرضى)، ويثمر ثمارًا روحية بولادة البنين (سر الزيجة)، ويشهد ويخدم في كرم الرب (سر الكهنوت)، يصير وارثًا للملكوت وضامنًا له. ولذلك هناك ارتباط واضح بين الصعود والمجيء الثاني، وهذا ما أعلنته الملائكة بوضوح أن يسوع الذي أرتفع ليرفع أنظاركم نحو ملكوته الأبدي، سيأتي ثانية في مجيئة الثاني ليحقق ملكوته، في صورته النهائية. عندما ينتهي الزمن، ويأتي ويأخذنا على سحاب السماء لنلتقي معه ونفرح بحضوره بعد أن تُنزع الخطية تمامًا، وتتجدّد أجسادنا، ويُعزَل الشر والأشرار، فيصير العالم كله للرب ومسيحه. لقد فرح التلاميذ لأنهم أدركوا أن بركات انطلاق المسيح أعظم بكثير جدًا من حضوره بالجسد على الأرض. فحيث يوجد الرأس تكون الأعضاء، وما تمتع به السيد المسيح بصعوده جسديًا إنما هو باسم الكنيسة كلها ولحسابها. فصارت الكنيسة كلها متوّجة في شخص الرب يسوع، ومتجهة إليه وفيه نحو السماويات، حيث يجلس عن يمين الله ويملك.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx