اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون02 يونيو 2017 - 25 بشنس 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 21-22

اخر عدد

شهداء مايو

قداسة البابا تواضروس الثانى

02 يونيو 2017 - 25 بشنس 1733 ش

خلال شهر مايو من كل عام نحتفل بتذكار العديد من القديسين والقديسات، أفرادًا ومجموعات. ويُفتتَح هذا الشهر بشهادة القديس مار جرجس الروماني أمير الشهداء، والشهيد بقطر بن رومانوس (يوم 5)، والقديس مار مرقس الرسول الطاهر والشهيد (يوم8)، والقديس إرميا النبي والشهيد (يوم13)، والأم دولاجي وأولادها (يوم14)، وتذكار تكريس كنيسة الشهيدة العفيفة دميانة والأربعين عذراء (يوم20)، والقديس سمعان الغيور الشهيد (يوم23)، وغيرهم من النساك والأبرار والصدّيقين من كل زمن.

وفي كل عام نحيي ذكرى هؤلاء القديسين الذين سبقونا، وصاروا لنا نماذج حية في الشهادة للمسيح عبر القرون، وسُجِّلت سِيَرهم وأخبار حياتهم في الكتب الكنسية التي من أشهرها كتاب السنكسار وكتاب الدفنار وغيرهما...

أمّا في زمننا الحاضر، فقد سمح الله أن نعيش ونعاين بأنفسنا وعلى أرض بلادنا الحبيبة مصر، وفي مواضع متنوعة، بعضًا مما نقرأ عنه... أمثلة حيّة عاشوا بيننا، ورضعوا الإيمان المستقيم منذ نعومة أظافرهم، بغضّ النظر عن الصفات الأخرى كالتعليم أو الثقافة أو العمر أو المستوى المعيشي أو الجنس... الخ، ولكن الذي يجمعهم أن الله يختارهم وهم في حالة روحية طيبة، وفي لحظات صادقة مع نفوسهم والاهتمام بأبديتهم...

هذا ما رأيناه مؤخرًا في شهداء الكنيسة البطرسية، وفي كنيسة مار جرجس بطنطا، وفي الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وأخيرًا في استشهاد أبنائنا الأعزاء في حادث المنيا وهم في الطريق إلى دير الأنبا صموئيل المعترف... ولنا عدة ملاحظات:

1- لقد قدموا شهادتهم ونحن في زمن القيامة المجيدة، وهذه الأيام الخمسين التي تلي عيد القيامة هي أيام فرح، وترمز إلى الأبدية السعيدة، حيث أننا دائمًا نعبّر عن الراقدين بقولنا: "رقد على رجاء القيامة..."، أمّا هم فقد رقدوا في زمن القيامة نفسه فطوباهم، وقد صاروا ضمن كوكبة شهداء شهر مايو من كل عام.

2- لقد قدموا شهادتهم وهم ذاهبون إلى دير القديس الأنبا صموئيل المعترف أحد أديرتنا القديمة. لقد اختاروا، وهم عدة عائلات، أن يقضوا ذلك اليوم الإجازة (الجمعة 26/5/2017) في زيارة مباركة لمواضع مقدسة من أجل الصلاة ورفع القلب لله.

3- لقد قدّموا شهادتهم وهم غالبًا صائمون استعدادًا لحضور القداس والتناول من الأسرار المقدسة، وهذه عادة قبطية في زيارة الأديرة، لنوال البركة والنعمة التي تسند الإنسان في غربته.

4- لقد قدموا شهادتهم الحيّة إذ رفضوا إنكار إيمانهم المسيحي وفضّلوا الموت، ويحكي شهود العيان لهذا الحادث كيف كان إيمانهم القوي جدًا، حتى أنهم عندما صرخوا يطلبون اسم "يسوع المسيح" أو يتوسلون لأحد القديسين، كان الإرهابيون يزدادون عنفًا وقسوة، أمّا أبناؤنا فظلّ إيمانهم ثابتًا إلى النفس الأخير.

5- لقد قدموا شهادتهم الحيّة، فصاروا لزماننا ولأجيالنا نماذج جديدة قوية عن هذا الإيمان القويم الذي نحفظه ونسلّمه لمن بعدنا، بعد أن استلمناه من أجيال وأجيال عاشوا القداسة والشهادة. وهكذا عاشت بلادنا وكنيستنا مروية بدماء غالية عبر كل العصور، وبقيت الكنيسة وأبواب الجحيم لا تقوى عليها.

أبنائي الأحباء

في الحروب التقليدية يواجه الأعداء جيوش على مسرح العمليات الحربية، وفي نطاق جغرافي مُحدَّد، وفي زمن معروف... أمّا ما يحدث الآن فهو حرب حقيقية ضد الإرهاب غير الظاهر والجبان، الذي يريد أولًا إسقاط مصر، البلد الذي لم يقبل أن يعيش ما سُمِّي كذبًا "الربيع العربي". ولأن مصر هي قلب منطقة الشرق الأوسط، وهي أيضًا رمانة ميزان السلام في حوض البحر الأبيض المتوسط، ولذا تسعى كل قوى الشر إلى إسقاط وإضعاف وإذلال مصر.

وقد قاموا بالاعتداءات ضد القوات المسلحة، وضد قوات الشرطة، والآن ضد المصريين الأقباط، بهدف كسر الوحدة الوطنية التي تجمع المصريين جميعًا... ولكن هيهات أن يحدث هذا.

إن وحدتنا الوطنية صاحبة الجذور الضاربة في التاريخ هي قوام حياتنا المصرية واستمرار مسيرتنا الشعبية الواحدة. وينبغي أن نعي ذلك تمامًا بين جميع المصريين، شبابًا وكبارًا، لأن البديل رهيب على الجميع، ولن يسمح الله.

لينتبه الجميع نحو حفظ هذه الوحدة وصيانتها، والتعقُّل في مواجهة الأحداث بكل حكمة وروية، وعدم إلقاء التهم جُزافًا أو إثارة السلبيات التي تسبّب إشاعة روح اليأس والبلبلة والفزع لدى قطاعات عريضة من الشعب، خاصة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت ميدانًا متوحشًا للعبارات البذئية والأكاذيب والأخبار الرديئة.

أبنائي الأحباء

وبدلًا من الانشغال بالمهاترات والإشاعات والكتابات الغاضبة، انشغلوا بالصلوات والوعود الإنجيلية، وتقديم التوبة القلبية والاستعداد الداخلي، «كونوا راسِخينَ، غَيرَ مُتَزَعزِعينَ، مُكثِرينَ في عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حينٍ، عالِمينَ أنَّ تعَبَكُمْ ليس باطِلًا في الرَّبِّ» (1كو15: 58)، و«إنْ عِشنا فللرَّبِّ نَعيشُ، وإنْ مُتنا فللرَّبِّ نَموتُ. فإنْ عِشنا وإنْ مُتنا فللرَّبِّ نَحنُ» (رومية14: 8).


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx