اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون02 يونيو 2017 - 25 بشنس 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 21-22

اخر عدد

«يارَبُّ، افتَحْ عَينَيهِ فيُبصِرَ»

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

02 يونيو 2017 - 25 بشنس 1733 ش

من الصلوات القصيرة والمعزية في الكتاب المقس، صلاة أليشع النبي في سفر الملوك الثاني الأصحاح السادس، وهي صلاة نطق بها اليشع النبي عندما خاف تلميذه وارتعب بعدما رأى خيل ومركبات جيش ملك آرام محيطة بالمدينة التى يعيش فيها أليشع، لأن الملك كان قد علم أن اليشع هو سر نصرة جيش إسرائيل على جيوشه، فصرخ تلميذ أليشع مضطربًا: «آهِ يا سيِّدي! كيفَ نَعمَلُ؟»، أمّا أليشع فقال له: «لا تخَفْ، لأنَّ الّذينَ معنا أكثَرُ مِنَ الّذينَ معهُمْ»، وصلى أليشع وقال: «يارَبُّ، افتَحْ عَينَيهِ ففَتَحَ الرَّبُّ عَينَيِ الغُلامِ فأبصَرَ، وإذا الجَبَلُ مَملوءٌ خَيلًا ومَركَباتِ نارٍ حَوْلَ أليشَعَ، لتحفظه وتحامي عنه (2مل6: 15–17).
وفي مرات كثيرة عندما تتعرض حياتنا للضيقات والآلام والشدائد تصغر نفوسنا ونضطرب، أو قد نخاف، أو نفقد الوسيلة للخروج من الضيق. وهنا يجب أن نتذكر الجبل المملوء خيلًا ومركبات من نار محيطة بنا لتحرسنا وتحمينا. نعم! فالله لا يترك شعبه، بل هو يحيط بنا ويحفظنا في كل ضيقاتنا، وهو لا يسمح لسوء أن يقترب منّا إلّا بسماح منه وبتدبيره الصالح لحياتنا. فما المشكلة إذًا التي تجعلنا نضطرب؟ المشكلة هي أننا لا نستطيع ان نرى قوة الله المحيطة بنا كل الأيام، لذلك نحن نحتاج أن تكون لنا العين المفتوحة والبصيرة الروحية التي بها ندرك حضور الله المصاحب لكل أيام حياتنا، نحتاج فقط أن تنفتح أعيننا فنبصر... فالجبل كان ممتلئًا بالخيل والمركبات النارية، وكان أليشع مطمئنًا لأنه يراها، أمّا الغلام فكان مضطربًا لأنه لا يستطيع أن يراها.. وهنا نحتاج فقط أن نصلي: افتح يا رب عينيّ لكي أرى يمينك التي تحفظني..
نعم تتعرّض الكنيسة وأولادها هذه الأيام لأوقات صعبة وآلام مبرحة، ولكن هذه جميعها لا تعني أن الرب قد تركنا، لكننا نحتاج فقط أن ندرك أن الخلاص هو من عند الرب، وأن الله بذاته هو موجود لنا، وهو بنفسه يدافع عنا.. لذلك تصلي الكنيسة عنا لكي تكون لنا البصيرة الروحية التي تطمئن بوجود الرب وسط كل الآلام وتقول: "طوبي لعيونكم لأنها تبصر". ونحن نحتاج أن نصلي دائمًا صلاة أليشع النبي: "افتح يا رب عينيّ لأرى حضورك وحفظك"، ولذلك كانت طلبة الأعمى الذي صرخ وراء الرب: «يا يَسوعُ ابنَ داوُدَ، ارحَمني!».. فلما سأله الرب: «ماذا تُريدُ أنْ أفعَلَ بكَ؟»، كانت طلبته الوحيدة: «يا سيِّدُ، أنْ أُبصِرَ!» (لو18: 35-43).
كيف تكون لنا العين المفتوحة التي تشعر بحفظ الله وتدرك وجوده؟
1- يحفظنا جدًا الاقتراب من المذبح المقدس، والاشتراك في جسد الرب ودمه. فالكتاب يحكي عن تلميذي عمواس أنهما عندما كسر يسوع الخبز وأعطاهم، انفتحت أعينهما وعرفاه.. لذلك فالتناول من الأسرار المقدسة يحفظ لنا سلامنا بالاتحاد الدائم مع الرب.
2- تحفظنا أيضًا صلواتنا المتضعة التي تطلب معونة الرب. فهكذا كتب داود النبي «إليك رفعتُ عينيّ يا ساكن السماء. فها هما مثل عيون العبيد إلى أيدي مواليهم» (مز123). نحتاج أن نصلي لا معترضين على حكمة الرب، بل في خضوع وخشوع نطلب معونته. فالعين المعترضة على تدبير الله تعطّل الإنسان من الشعور بعنايته، لذلك يوصينا الكتاب «لا تكُنْ حَكيمًا في عَينَيْ نَفسِكَ» (أم3: 7).
3- يحفظنا الحرص من كل شهوة رديئة أو خطية تفصلنا عن الله. فنحن نحتاج أن نموت عن شهواتنا ورغباتنا الشخصية ونعيش بقلوب نقية، فحواء فقدت الشعور بحضور الله عندما اشتهت الشجرة، ولوط وقع في مشاكل عدّة عندما رفع عينيه واشتهى أرضًا مثمرة. 
4- يحفظنا النظر لداخلنا. فلا تنظر حولك فقط فتلوم المحيطين وتتهم الكثيرين بالتقصير والتخاذل، ربما فعلًا هناك أخطاء من كثيرين، لكن ما يحفظ سلامك واطمئنانك هو أن تنظر لحياتك وتحفظها من كل ما يحزن الرب، حينئذ تتمتع بالشعور بحفظه ورعايته.
ليعطنا الرب سلامًا في كل ضيقاتنا أنه لا يتخلّى عنا، ويفتح عيوننا لنرى خلاصه القوي.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx