اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون02 يونيو 2017 - 25 بشنس 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 21-22

اخر عدد

الاستشهاد قيامة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

02 يونيو 2017 - 25 بشنس 1733 ش

كثرت في هذه الأيام أعداد الشهداء الذين قدموا دماءهم بحب كبير لله. ونحن في أيام الخماسين المقدسة التي نحتفل فيها بقيامة السيد المسيح منتصرًا على الموت، ونردّد اللحن الرائع "المسيح قام من الأموات، بالموت داس الموت، والذين في القبور أنعم لهم بالحياة الأبدية". والشهيد تنطبق عليه عبارة "بموته داس الموت"، أي لم يمت لأنه حُكِمَ عليه بالموت، لكن لأنه يملك الحياة الأبدية، لذلك قَبِلَ الموت طواعية ليبيد الموت، ويعلن مجد القيامة. لماذا؟! للأسباب الآتية:

(1) لأنه شهد للقيامة: بقبوله الموت بلا خوف ولا تردد ودمه يصرخ ،كما قال الله عن هابيل حين تحدث مع قاتله قايين شقيقه للأسف: «صوتُ دَمِ أخيكَ صارِخٌ إلَيَّ مِنَ الأرضِ» (تك4: 10)، وقيل عنه: «وإنْ ماتَ، يتَكلَّمْ بَعدُ!» (عب11: 4)، أي أنه حيٌّ بروحه ودمه يصرخ مطالبًا الله بالدينونة لمن قتله وسفك دمه هكذا. والشهيد ينال إكليل المجد في القيامة، وتضيء جراحاته أكثر من باقي الجسد في القيامة، لذلك نصلي ونقول: "يأتي الشهداء حاملين عذاباتهم، ويأتي الصديقون حاملين فضائلهم، ويأتي ابن الله في مجده ومجد أبيهـ ويجازي كل واحد حسب أعماله".

(2) وشهادة الدم أقوى شهادة: لأنه لا يموت أحد من أجل شيء غير حقيقي، بل سفك الدم يؤكد صحة المعتقد، ومن هنا كان سفك الدم علامة صحة الإيمان، ومن هنا كانت أضعف شهادة هي شهادة الفم، وأقوى شهادة هي شهادة الدم. لذلك نحن نَعتبر مَنْ قُتِلُوا من المؤمنين الصادقين في إيمانهم يشهدون لصحة إيمانهم. ومن هذا جاءت العلاقة بين الاستشهاد وانتشار الإيمان "فدم الشهداء بذار الإيمان"، لذلك مَنْ يظن أنه بقتل المسيحيين يقضي على المسيحية هو واهم ومخطئ تمامًا. وهذا ما حدث بالفعل حين حاول الوثنيون القضاء على المسيحية بقتل المسيحيين، ومع ذلك انتشرت المسيحية أكثر، وتلاشت الوثنية وانتهت تمامًا من أماكن الكرازة بالمسيحية. «ولكن بحَسبِما أذَلّوهُم هكذا نَمَوْا وامتَدّوا» (خر1: 12)، أي بالقدر الذي تُقاوَم به المسيحية، بالقدر الذي تنتشر به وتزدهر أيضًا كشجرة مورقة مثمرة بأفرع كثيرة تزداد دائمًا وتُثمر دائمًا بقوة، ويتم قول الرب للرسل القديسين «أقَمتُكُمْ لتَذهَبوا وتأتوا بثَمَرٍ، ويَدومَ ثَمَرُكُمْ » (يو15: 16)0

(3) والشهيد يعلن باستشهاده إيمانه بالحياة الأبدية: إنه يضحّي بالحياة الوقتية التي لابد أن تنتهي لينال الحياة الأبدية التي لا تنتهي مطلقًا، والدائم بلا شك أقوى من المؤقت وأهم بكثير، لذلك فالعلاقة قوية بين الاستشهاد والقيامة، لأن الشهيد يطلب المجد الأبدي مضحِّيًا بالمجد الباطل العالمي الذي لا يستمر ولا يفيد. من هنا نستطيع أن نفهم شجاعة الشهيد الذي لا يُخيفه تهديد أو وعيد أو أيّة تخويفات، ويتقدم بجرأة نحو الموت، لأنه يملك قوة القيامة الغالبة للموت كما وضّحنا... ولا شك أن خبرة الشهداء الذين قدّمتهم المسيحية بالآلاف عبر الأجيال كلها تؤكد تمسكهم بالحياة الأبدية كوعد المخلص لنًا: «بضيقاتٍ كثيرَةٍ يَنبَغي أنْ نَدخُلَ ملكوتَ اللهِ» (أع14: 22)، وأيضًا المبدأ الروحي «لأنَّ خِفَّةَ ضيقَتِنا الوقتيَّةَ تُنشِئُ لنا أكثَرَ فأكثَرَ ثِقَلَ مَجدٍ أبديًّا» (رو4: 17)، بهذا يمكننا أن نتعزّي ونفرح بشهدائنا القديسين، قُدامى ومعاصرين قدوتنا الصالحة.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx