اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون02 يونيو 2017 - 25 بشنس 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 21-22

اخر عدد

«روح القداسة» (رومية1: 14)

القمص بنيامين المحرقي

02 يونيو 2017 - 25 بشنس 1733 ش

جوهر القداسة والتقديس:

الله قدوس في ذاته، وطبيعته لا تقبل غير القداسة «مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟ مَنْ مِثْلُكَ مُعْتَزًّا فِي الْقَدَاسَةِ» (خر15: 11). قدوس لا يعرف خطية. يقول حبقوق النبي: «أَلَسْتَ أَنْتَ مُنْذُ الأَزَلِ يَا رَبُّ إِلَهِي قُدُّوسِي؟ ... عَيْنَاكَ أَطْهَرُ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ وَلاَ تَسْتَطِيعُ النَّظَرَ إِلَى الْجَوْرِ» (حب1: 12، 13). ولأن كل أقنوم من أقانيم الجوهر الإلهيّ الواحد، فعله فعل الآخَر، مع ما لكل منهم من تمايز. يقول القديس أثناسيوس: [الآب يفعل كل الأشياء من خلال الكلمة في الروح القدس] (الرسالة الثالثة إلى سيرابيون: 28).

فتقديسنا هو عمل الثالوث: «إِرَادَةُ اللهِ (الآب): قَدَاسَتُكُمْ» (1تس4: 3)، وأيضًا: «لَكِنِ اغْتَسَلْتُمْ بَلْ تَقَدَّسْتُمْ بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا» (1كو  6:   11). فالروح القدس هو مقدس بطببيعته، ويقدسنا، فهو [روح القداسة والعدالة والسلطة].

عمل الروح القدس في تقديسنا:

التقديس هو عمل الله فينا، فقد صار الإنسان على صورة الله، من قبل النفخة التي أخذها من الله، نفخة الحياة. لذلك عندما اخطأ الإنسان، وتشوّهت صورة الله فيه، تجدّدت خلقته في المسيح، وعاد مرة أُخرى إلى رتبته الأولى، بنفس الطريقة، فعندما جدد السيد المسيح الصورة، إذ نفح فى وجوه تلاميذه القديسين «اقبلوا الروح القدس» (يو20: 22) (القديس كيرلس: حوار حول الثالوث 7). فالروح القدس الصالح في جوهره، يُضفي الصلاح على الأشياء الأخرى، فكل الجواهر المخلوقة المادية وغير المادية، تحتاج لهذا الجوهر لتقديسها، فهو معطي القداسة (القديس ديديموس، الروح القدس: 13).

الروح القدس يقدسنا بعمله في الأسرار:

في المعمودية نولد من الماء والروح، ويثبتنا في الزيتونة الجيدة، المثمرة في سر الميرون، وهكذا يستطيع المؤمن بالروح القدس العامل فيه أن ينمو في النعمة، ويأتي بثمر أكثر، فبقدر تجاوب المؤمن مع عمل الروح، بقدر ما يأتي بثمر. وهكذا بعمل النعمة يجاهد المؤمن متزرعًا بحياة التوبة، وبالإفخارستيا.

الروح القدس يقدسنا، فهو يبكتنا على خطيئة:

الروح القدس، لأنه قدوس لا يطيق الشر، فيدفعنا دائمًا إلى حياة التوبة، فسر التوبة والإعتراف هو تجديد مستمر لعمل المعمودية فينا، لذلك نصلي: [هذا لا تنزعه منا أيها الصالح، لكن جدده في أحشائنا. قلبا نقيا اخلق فيَّ يا الله، وروحا مستقيما جدد في أحشائي. لا تطرحني من قدام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه منى].  فالروح يكشف لنا ضعفاتنا، ويحثنا على التوبة، كما يشفع فينا (رو8: 26) لدى الآب في استحقاقات دم الابن.

الروح القدس يقدس الطغمات السمائية: إن قداسة الملائكة ليست من طبيعتها، فلا يجب أن نعتقد بأنها مقدسة منذ خلقتها دون أيِّ شيء، ولا كاملة في القداسة، فالقداسة الذاتية والمطلقة لله وحده. فالطغمات السمائية قداستها مكتسبة، بعمل الروح القدس، بناءً عن تجاوبها مع عمل الروح القدس، واستخدامها الجيد للحرية الممنوحة لها، ومع ذلك فهي غير كاملة في القداسة. فيقول القديس باسيليوس الكبير: [القوات الفائقة عن الأرضيات (الملائكية) المقدسة والعاقلة، وتدعى كذلك لأنها اقتنت التقديس بالنعمة التي أخذتها من الروح القدس] ( (The Spirit, ch. 16: 38.

عمل الروح القدس في تقديسنا يثبت ألوهيته:

يقول القديس ديديموس: [لو كان بالفعل هو (الروح القدس) مُقدس بواسطة اشتراكه في قُدسية آخر، لكان يُحسَب ضمن المخلوقات، أما لو كان يُقدس هؤلاء القادرين أن يكون لهم شركة فيه، فيجب أن يُعَد مع الآب والابن] (الروح القدس 19).

كذلك الروح القدس عندما يقدسنا، ويسكن في كل واحد فينا «أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟» (1كو3: 16)، فسكناه في البشر، وأيضًا في الملائكة، فهو غير محدود، وذلك دليل وبرهان على ألوهيته.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx