اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون16 يونيو 2017 - 9 برموده 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 23-24

اخر عدد

كنيستنا وروح الشهادة

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

16 يونيو 2017 - 9 برموده 1733 ش

تتوالى الأحداث التي يقدم فيها أبناؤنا أبناء الكنيسة القبطية أرواحهم على مذابح الاستشهاد في تاريخنا المعاصر بداية من شهداء الكشح... وتتسارع الأحداث في الفترة الأخيرة، بدءًا من استشهاد أبنائنا في كنيسة القديسين بالإسكندرية في بداية عام 2011، يليه بسنوات قليلة حادثة استشهاد أبنائنا في لبييا في عام 2014، وتتسارع الأحداث أكثر بداية من هذا العام، فلا يفصل بين حادثة وأخرى سوى أيام قلائل؛ فقد بدأ العام باستشهاد بناتنا في الكنيسة البطرسية، ولم تمضِ سوي أيام ليلحق بهم شهداء أحد السعف، خورس شمامستنا في كنيسة الشهيد مارجرجس بطنطا ومعهم أبناؤنا في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وأخيرًا يلحق بهم شهداء دير القديس الأنبا صموئيل المعترف معترفين بإيمانهم، قابلين في أجسادهم حكم الموت لا لشيء إلّا لأنهم أصروا أن يتمسكوا بإيمانهم المسيحي. ورغم صعوبة الأحداث وألمها على الكنيسة وعلى كل أبنائنا، إلّا أننا نري فيها تكرارًا للمجد الذي سطره أجدادنا الشهداء في القرون الأولى في عصور الاستشهاد الرومانية..

1- فكما كانت الكنيسة تقدم من أبنائها من كل الفئات بلا تمييز، ها هي لا زالت تقدم بنفس الإيمان من كل الفئات. وكما قدمت في القديم رجالًا ونساءً، شبابًا وأطفالًا وشيوخًا، بسطاء وعظماء؛ لازالت تقدم بنفس الحب نفوس أبنائها باختلاف فئاتهم، يجمعهم جميعًا حبهم لإلههم الرب يسوع المصلوب القائم، وتمسكهم بإيمانهم المسيحي بكل ثقة.

2- وكما أظهرت الأمهات في الكنيسة الأولى شجاعة بالغة، فقدمت الأم رفقة والأم دولاجي و القديسة يوليطة ووالدة الشهيد أبانوب، أبناءهن للموت، متساميات فوق مشاعر الأمومة الطبيعية، التي لم يمكنها أن تثنيهن عن الإيمان؛ هكذا أظهرت كنيستنا المعاصرة أمثلة حيّة للأمهات اللائي شاهدن استشهاد أطفالهن أمام أعينهم في حوادث مؤلمة في البطرسية والإسكندرية وعلى طريق دير الأنبا صموئيل.

3- كما أبرز تاريخ كنيستنا أمثلة حية للمثابرة والثبات على الايمان لشهداء احتملوا الاضطهادات لفترات طويلة قبل الاستشهاد، دون أن يتخلوا عن إيمانهم؛ هكذا قدمت كنيستنا الحيّة أمثلة معاصرة لاحتمال أبنائنا من أجل الإيمان، فهكذا ثبت الشهداء في ليبيا لمدة تزيد عن الأربعين يومًا، وقبلوا الآلام ثابتين في الإيمان قبل استشهادهم.

4- وكما كان واضحًا في التاريخ المسيحي للشهداء اهتمام الأسر المسيحية بتنشئة أبنائها تنشئة روحية، حتى أنهم كانوا مستعدين لتقديم نفوسهم عندما استدعى الأمر أن يضحّوا بحياتهم من أجل الإيمان؛ هكذا أظهرت أحداث الاستشهاد الأخيرة أمثلة حيّة لأسر اهتمت أن تنشّئ أولادها تنشئة مسيحية حقيقية، أعدتهم لقبول الموت بفرح ودون خوف أو تردد، كما أظهرت أمثلة للحب المسيحي الحقيقي في أبنائها المعترفين الناجين من الأحداث، الحب الذي يصفح حتى عن المضطهدين في سلام عجيب!!!

5- وكما سطر التاريخ القبطي أن شهداءنا كان عليهم أن يقبلوا نوعين من الشهادة، شهادة الكلمة معترفين بكونهم مسيحيين يتمسكون بإيمانهم، قبل شهادة الدم ليقبلوا الموت ويرفضوا النجاة. هكذا رأينا أبناءنا على نفس المثال في ليبيا وعلى طريق دير الأنبا صموئيل، يعترفون بإيمانهم مقرّين أنهم لا يقبلون النجاة، فشهدوا بالكلمة قبل أن يواجهوا الموت ذبحًا أو قتلًا أو نسفًا بكل شجاعة وفرح، واثقين ومنتظرين وعد الرب لهم أن ينالوا الملكوت السماوي.

رغم كل الألم فإن دماء أبنائنا تشهد أن كنيستنا حية، ولا زالت تحمل في داخلها نفس القوة وذات الإيمان ونفس الشجاعة. فلنثبت يا أبنائي حافظين عهد إيماننا للإله الذي أحبنا، واثقين أن دماءهم هي قوة وثبات للكنيسة، وانتشار وامتداد للإيمان. فقط احرصوا أن تعلّموا أولادكم الإيمان المستقيم، وأن تثبّتوهم في الحياة المسيحية الحقّة، ولنكن جميعًا نحن الأحياء مستعدين دائمًا لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا بوداعة وخوف.. فكما كان هكذا يكون...


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx