اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون16 يونيو 2017 - 9 برموده 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 23-24

اخر عدد

فاعلية الإيمان

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

16 يونيو 2017 - 9 برموده 1733 ش

البعض يرى أن مجرد الإيمان يكفي، كما جاء عن أبينا إبراهيم «فآمَنَ بالرَّبِّ فحَسِبَهُ لهُ برًّا» (تك15: 6)، بينما نجد في (يع2: 24) «ترَوْنَ إذًا أنَّهُ بالأعمالِ يتَبَرَّرُ الإنسانُ، لابِالإيمانِ وحدَهُ»، ويقصد فاعلية هذا الإيمان كما في (يع2: 20-23) «ولكن هل تُريدُ أنْ تعلَمَ أيُّها الإنسانُ الباطِلُ أنَّ الإيمانَ بدونِ أعمالٍ مَيِّتٌ؟ ألَمْ يتَبَرَّرْ إبراهيمُ أبونا بالأعمالِ، إذ قَدَّمَ إسحاقَ ابنَهُ علَى المَذبَحِ؟ فترَى أنَّ الإيمانَ عَمِلَ مع أعمالِهِ، وبالأعمالِ أُكمِلَ الإيمانُ، وتَمَّ الكِتابُ القائلُ: «فآمَنَ إبراهيمُ باللهِ فحُسِبَ لهُ برًّا»، ودُعيَ خَليلَ اللهِ». ومعنى هذه الحقيقة أن إيمان أبينا إبراهيم ظهر في تقديم ابنه ذبيحه كما طلب الله.

لذلك جاءت النتيجة الهامة: «ما المَنفَعَةُ يا إخوَتي إنْ قالَ أحَدٌ إنَّ لهُ إيمانًا ولكن ليس لهُ أعمالٌ، هل يَقدِرُ الإيمانُ أنْ يُخَلِّصَهُ؟» (يع2: 14). والوحي الإلهي هنا يقدم ضرورة سلوك الإيمان الذي في داخل القلب الذي قال عنه القديس بولس في (أع16: 31) «آمِنْ بالرَّبِّ يَسوعَ المَسيحِ فتخلُصَ أنتَ وأهلُ بَيتِكَ»، وآمن سجان فيلبي واعتمد هو والذين له أجمعون (أع16: 33).

وهنا صار ظاهرًا جليًا أن الإيمان لابد أن تكون له أعمال تدل عليه وتؤكد وجوده كالصلاة والصوم، ويؤكد هذا ما جاء في (مت7: 21-23) «ليس كُلُّ مَنْ يقولُ لي: يا رَبُّ، يا رَبُّ! يَدخُلُ ملكوتَ السماواتِ. بل الّذي يَفعَلُ إرادَةَ أبي الّذي في السماواتِ»، ثم يوضّح بعض الأمثلة لهؤلاء فيقول: «كثيرونَ سيقولونَ لي في ذلكَ اليومِ: يا رَبُّ، يا رَبُّ! أليس باسمِكَ تنَبّأنا، وباسمِكَ أخرَجنا شَياطينَ، وباسمِكَ صَنَعنا قوّاتٍ كثيرَةً؟ فحينَئذٍ أُصَرِّحُ لهُمْ: إنّي لَمْ أعرِفكُمْ قَطُّ! اذهَبوا عَنّي يا فاعِلي الإثمِ!».

لذلك فتفعيل الإيمان بالفضائل يؤكد الإيمان ويُخلّص الإنسان ويُظهر أهمية هذا البيان، وهذا ما يتفق مع قول القديس بطرس: «ولِهذا عَينِهِ -وأنتُمْ باذِلونَ كُلَّ اجتِهادٍ- قَدِّموا في إيمانِكُمْ فضيلَةً، وفي الفَضيلَةِ مَعرِفَةً، وفي المَعرِفَةِ تعَفُّفًا، وفي التَّعَفُّفِ صَبرًا، وفي الصَّبرِ تقوَى، وفي التَّقوَى مَوَدَّةً أخَويَّةً، وفي المَوَدَّةِ الأخَويَّةِ مَحَبَّةً» (2بط1: 5-7)، ويتفق أيضًا مع (يع3: 13) «مَنْ هو حَكيمٌ وعالِمٌ بَينَكُمْ، فليُرِ أعمالهُ بالتَّصَرُّفِ الحَسَنِ في وداعَةِ الحِكمَةِ»، أمّا النقيض مثل «ولكن إنْ كانَ لكُمْ غَيرَةٌ مُرَّةٌ وتَحَزُّبٌ في قُلوبكُمْ، فلا تفتَخِروا وتَكذِبوا علَى الحَقِّ» (يع3: 14).

حقًا «مِنْ ثِمارِهِمْ تعرِفونَهُمْ» (مت7: 16)، وهذا صحيح الإيمان بل وهام جدًا، ولكن الإيمان أنواع ومنه الإيمان النظري: «أنتَ تؤمِنُ أنَّ اللهَ واحِدٌ. حَسَنًا تفعَلُ. والشَّياطينُ يؤمِنونَ ويَقشَعِرّونَ!» (يع2: 19)، وهذا النوع لا يؤثر في سلوكيات الإنسان، فقد يصوم ويصلي لكن دون ثمار عمل الخير كما جاء في (يع2: 15-17): «إنْ كانَ أخٌ وأُختٌ عُريانَينِ ومُعتازَينِ للقوتِ اليوميِّ، فقالَ لهُما أحَدُكُمُ: «امضيا بسَلامٍ، استَدفِئا واشبَعا»، ولكن لَمْ تُعطوهُما حاجاتِ الجَسَدِ، فما المَنفَعَةُ؟ هكذا الإيمانُ أيضًا، إنْ لَمْ يَكُنْ لهُ أعمالٌ، مَيِّتٌ في ذاتِهِ». والواضح التأكيد على أهمية ما يقدمه المؤمن من أعمال داله على الإيمان، والنتيجة هي: «لكن يقولُ قائلٌ: أنتَ لكَ إيمانٌ، وأنا لي أعمالٌ. أرِني إيمانَكَ بدونِ أعمالِكَ، وأنا أُريكَ بأعمالي إيماني» (يع2: 18)، إنه التحدي الأكبر باستمرار.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx