اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون16 يونيو 2017 - 9 برموده 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 23-24

اخر عدد

آريوس باغوس

القس إبراهيم القمص عازر

16 يونيو 2017 - 9 برموده 1733 ش

جمع القديس بولس الرسول في شخصه ما بين الفكر اليهودي والثقافة الهلّينية (اليونانية). هو يهودي متشدد (فريسي) بحكم الأسرة والوراثة، فقد كان أبوة فريسيًا. تلقّى تعليمه الديني فى أورشليم عند رجلي غمالائيل، أعظم معلمى اليهود فى زمانه (أع22). وبحُكم البيئة والنشأة، تثقّف بالثقافة اليونانية وأجاد لغتها وتعبيراتها وقرأ لشعرائها وحفظ أقوال فلاسفتها، إذ قد وُلِد ونشأ في طرسوس في ولاية كيليكية من أعمال الإمبراطورية الرومانية، حيث قضى مدة طفولته وحصل على الرعوية الرومانية. لذا كان يجيد العبرية كما اليونانية، ممّا أهّله ليكون رسولاً للعالم أجمع. في رحلته التبشيرية الثانية بينما كان يسير في أثينا (أع17)، احتدّت روحه فيه، إذ راى المدينة مملوءة أصنامًا، فبدأ يتكلم ويبشر بيسوع المسيح المقام من بين الأموات. فقادوه الى آريوس باغوس (هضبة آريس "إله الحرب"، هو ساحة خاصة للقاء الفلاسفة. يطارحون فيها الآراء)ـ لا ليحاكموه أو يجادلوه، ولكن ليسمعوا منه عن هذا التعليم الجديد. فقدم بولس الرسول خطابًا لاهوتيًا إيمانيًا بنكهة منطقية عقلانية، واضعًا لنا منهاجًا هامًا للخدمة والكرازة، ثم أن خطابة يعتبر أعظم وثيقة مُلهمة للتعايش السلمي والسلام العالمي.

1) أسّس القديس بولس في حديثه منهاجًا للخدمة

نرى في هذا الخطاب اللاهوتي، كيف خاطب القديس بولس الآثنيين، ليس فقط بلغتهم (اليونانية)، ولكنه استخدم تعبيراتهم، واستشهد بأقوال من فلاسفتهم. لقد استطاع أن يتحاور معهم من منطلق خلفياتهم الثقافية ومنطقهم العقلاني. لقد كان الرسول بولس يخاطب كل شعب طبقًا لخلفيته وبيئته وثقافته. فحينما تكلم مع اليهود في انطاكية بيسيدية تحدث عن إعلان الله عن نفسه من خلال "الناموس والأنبياء" (أع13)، في إطار تاريخ الشعب اليهودي. وحينما تكلم مع الوثنيين فى ليسترا تحدث عن إعلان الله عن نفسه من خلال (الطبيعة) (أع14) في إطار التاريخ الطبيعي. وحينما تكلم مع الآثينيين والفلاسفة استعمل تعبيراتهم وأقوال فلاسفاتهم، باعتبار أن الفلاسفة أنبياء الوثنية.

2) قدم القديس بولس خطابًا لاهوتيًا لكل الأجيال

بدأ القديس بولس حديثه منطلقًا من الرغبة الإنسانية في البحث عن الله "أراكم متدينين"، ثم تدرج مبتدئًا من الكون (الخلق)، فكوننا بتكوينه ونظامه ودقته، أعظم دليل على وجود الله "Intelligent design". ثم أكد أن الإنسان (الحياة) هو أعظم دليل على روحانية الله وعظمته. فكيف يوجد الإنسان ويحيا ويتحرك، إذ كان الله مجرد "صنمًا"؟ فالله لا يمكن أن يكون وهمًا أو صنمًا. ثم وصل الى جوهر الرسالة وغاية الإعلانات. فالله ليس بعيدًا بل هو قريب جدًا منا، إذ رأيناه وعاينّاه في شخص الابن الكلمة، الذى تجسد ومات ثم قام من الأموات. مؤكدًا ألوهيته، ووحدانيته مع الله الآب، إذ هو وحده الحق الكامل، والطريق الوحيد نحو معرفة حقيقية بالله، وبالتالي هو ديّان الأحياء والأموات.

3) حمل خطابه أسبابًا انسانيه للتعايش والسلام بين الشعوب

حمل خطاب القديس بولس الذي ألقاه فى القرن الأول الميلادي أسبابًا للسلام والتعايش بين الشعوب والأفراد، بغضّ النظر عن اللغة والعرق واللون والجنس والموطن والحضارة. فجميعنا ننتمي الى أصل واحد، فكلنا مخلوقون بيد الله، وكلنا لنا أصل بشري واحد (آدم وحواء)، ولنا طبيعة بشرية واحدة، ولذلك نشترك في نفس الدم الواحد «وصنع من دم واحد كل أمة». وهذه أسباب كافية للحفاظ على الحياة المشتركة، والتعاون البنّاء، وتجنُّب كل أشكال وأنواع الصراعات والصدامات .


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx