اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون14 يوليه 2017 - 7 أبيب 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 27-28

اخر عدد

التعفف أحد ثمار الروح القدس

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

14 يوليه 2017 - 7 أبيب 1733 ش

ونحن نحتفل بتذكار عيد آبائنا الرسل، نتذكر كلمات معلمنا بولس الرسول لفيلكس الوالي إذ كان واقفًا أمامه للمحاكمة، يتكلم بكلمة الخلاص، مهتمًا بنجاة الوالي وخلاصه، متحدّثًا عن الإيمان والبرّ والتعفُّف والدينونة (أع24: 25).

وفي الكتاب يمكننا أن نميّز بين موضوعين علّم عنهما معلمنا بولس، الكنيسة، وهما: ثمار الروح التي كتب عنها لأهل غلاطية «وأمّا ثَمَرُ الرّوحِ فهو: مَحَبَّةٌ، فرَحٌ، سلامٌ، طولُ أناةٍ، لُطفٌ، صَلاحٌ، إيمانٌ، وداعَةٌ، تعَفُّفٌ» (غل5: 22)، ومواهب الروح القدس وتشمل التدبير والخدمة والشفاء والتحدث بالسنة وغيرها من المواهب التي تكلم عنها في رسالته 1كورنثوس11. ويمكننا ان نميز بينهما ببساطة، فالمواهب هي نِعَم مجانية يمنحها الله لأولاده لأجل بنيان الكنيسة، وهي لا تُعطى لأجل برّ الإنسان، ووجودها أو غيابها لا يؤثر في خلاص الإنسان الشخصي. أمّا ثمار الروح القدس فهي ثمار تظهر في حياة الإنسان المسيحي بسبب عمل نعمة الله في الإنسان، لكنها أيضًا تحتاج لجهاد الإنسان الروحي بلا انقطاع، وسعيه أن يعيش في حياة البر.

وأحد ثمار الروح هي ثمرة التعفف...

والتعفّف قد يظنه البعض أنه أمر يتعلّق فقط بعفّة الجسد وطهارته... لكن ثمرة التعفّف هي أشمل من هذا المفهوم القاصر، فالتعفّف هو ثمرة تتعلق بحياة الإنسان كلها، وتفحص كل جوانب حياة الإنسان التي نصلي عنها في صلاة النوم: "يا رب، جميع ما أخطأنا به إليك... إن كان بالفعل أو بالقول أو بالفكر أو بجميع الحواس.. فاصفح واغفر لنا". لذلك تحتاج ان نراجع بعض المفاهيم التي تخصّ ثمرة التعفّف.

1) عفة الفعل: وهي لا تعني فقط الامتناع عن الشهوات الجسدية، لكنها أيضًا تشمل عفة العمل في كل ما تمتد إليه يدك، فلا تصنع شرًا، ولا تقبل مالًا حرامًا، بل تمتد يدك بالخير للمشاركة في كل ما يمجد الرب. ولا تسلك طريقًا يؤدي إلى الهلاك. وحفظ مشاعرك نقية، مشاركًا للجميع في أفراحهم وأحزانهم بطهارة ونقاوة. كما أيضًا بالضرورة تلتزم بعفة الجسد التي هي أكثر خطية تحزن قلب الرب وتجلب غضبه، كما حدث في مدينة سدوم وعمورة. وهي أيضا لا تعني الحرص من العلاقات الجسدية المباشرة، ولكن أيضًا الحرص من المشاهدات الغير نقيه على الفضائيات وشبكات الإنترنت، فهي تسلب الإنسان تعفّفه حتى وإن كان لم يتمم الخطية بالفعل. عفة الفعل أيضًا تشمل مهارة استخدام الوقت فيما يفيد وما يبني.

2) عفة القول: وهي لا تعني ألّا تتفوّه بألفاظ جسدية غير نقية فقط، لكنها أيضًا تشمل القدرة على ضيط الحديث بكل صورة، فلا تصير لغتك تشبه لغة أهل العالم، بل تصير لغتك تظهر أنك مسيحي، تعرف متى تتكلم وكيف ولماذا تتكلم، وبأي كلمات تتكلم، لكي تكون كلماتك بحكمة وللبنيان دائمًا، فلا تَطُل كلماتك الآخرين بذمٍّ أو إدانة، فكل إنسان لمولاه، وأنت لم يقمك الله ديّانًا للناس، بل شريكًا لهم في الإنسانية.

3) عفة الفكر: وهي أيضًا لا تعني ألّا ينشغل فكرك بالشهوات الجسدية فقط، بل تمتد لتشمل كل فكر لا يرضي الرب، فالفكر دائمًا يترجم حالة القلب، والقلب النقي ينشئ فكرًا طاهرًا، ولا يحمل أفكار إدانة لإنسان، يحب الكل بنقاوة من قلب طاهر فوق مستوى الجسد. كما أنه فكر لا يخطّط لإيذاء الآخرين أو الإضرار بهم أو بحياتهم. فكر لا يبحث عن كرامته وذاته ووضعه الخاص، بل يعلم أن من أراد أن يكون أولًا ليكن آخر الجميع.

4) عفة الحواس: وتشمل حرص الانسان على نقاوة مشاهداته، وكل ما يصل لأذنيه، والحرص على عدم التنصُّت على خصوصيات الآخرين، والحرص من اللمسات الغير نقية، ورفض اللمسات التي تتعدى حدود اللياقة في المعاملات ووسائل المواصلات، والحرص أيضًا في الاهتمام بالمظهر الخارجي.. فلا يكفي أن يكون الإنسان جميلًا، بل أن يحرص ألّا يخدش مظهره نقاوة الآخرين.

لذلك مع احتفالنا بعيد الآباء الرسل، لنتذكر دائمًا أن ثمر الروح يحتاج لجهاد الإنسان الشخصي المستمر إلى جانب مساندة النعمة الإلهية له.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx