اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون28 يوليه 2017 - 21 أبيب 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 29-30

اخر عدد

الطمَع - مجلة الكرازة - 7 ديسمبر 2001 - العددان 41، 42

مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث

28 يوليه 2017 - 21 أبيب 1733 ش

مَا هوَ؟ وخطورته

ما هو الطمع؟ ما عناصره؟ ماذا قال الكتاب عنه؟

الطمع هو إنسان لا يكتفي بما عنده، تحاربه شهوة الاستزادة.

هو دائم الطلب، بفكره، ومشاعر قلبه، وبلسانه وحواسه.. يشتهي ما في يد غيره ويود لو يسلبه. لا قناعة في طبعه، باستمرار يبحث عما ينقصه.

والطمع يشمل مجالات عديدة. فهناك طمع في المال، وفي الأرض، وفي القنية، وطمع في السلطة والمركز والعظمة. وطمع في الشهوة.

وما أعمق قول سليمان الحكمي في سفر الجامعة (جا1: 7-8) «كُلُّ الأَنْهَارِ تَجْرِي إِلَى الْبَحْرِ، وَالْبَحْرُ لَيْسَ بِمَلآنَ... الْعَيْنُ لاَ تَشْبَعُ مِنَ النَّظَرِ، وَالأُذُنُ لاَ تَمْتَلِئُ مِنَ السَّمْعِ...».

ومن خطورة الطمع، أن الكتاب اعتبره أوثان (كو3: 5)، وقال إن «الطَمَّاعٍ­ الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ­ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ» (أف5:5). وقال الرب «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ» (لو12: 15). ومنع الكتاب مخالطة ومؤاكلة الطماعين، فقال الرسول «إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُوٌّ أَخًا زَانِيًا أَوْ طَمَّاعًا أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ... أَنْ لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هذَا» (1كو5: 11). وقال إن هؤلاء لا يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ (1كو6: 10).

أنواع مِن الطمع:

1- الطمع في العظمة والسلطة:

+ وبهذا النوع كانت سقطة الشيطان. فعلى الرغم من أنه كان ملاكًا عظيمًا (كاروبًا). وكان «خَاتِمُ الْكَمَالِ... مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ» (حز28: 11، 14). إلا أنه قال في قلبه «أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيّ فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ... أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ» (إش14: 13، 14). وبهذا «انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ».

+ وبنفس الطمع في العظمة، سقط الإنسان الأول، حينما استجاب إلى إغراء الشيطان في قوله «تَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ» (تك3: 5).

+ وكما سقط الشيطان والإنسان الأول، سقط أبشالوم، حينما طمع في ملك أبيه داود، وكوّن لنفسه جيشًا وحارب أباه ليغتصب منه ملكه. فكانت النتيجة أنه مات وهلك (2صم15-18).

+ وبنفس الوضع كل من يطمع في مركز رئيسه، وينافسه في قلبه، فيقع في الخيانة، ليتخلص من هذا الرئيس وينال مركزه.

+ وفي هذا الطمع أيضًا حكى التاريخ عن صراع الملوك والدولة.

+ وأصعب درجة في هذا النوع من الطمع، حالة طامع لا يريد فقط أن يكون الأول، بل أن يكون الوحيد.

2- الطمع في الأرض:

+ ومنه كل ما تقوم به دول قوية في احتلال أراضٍ لدول أضعف منها، بأن تغزوها وتستولى عليها. ومع كلمة (الاحتلال)، نذكر أيضًا (الاستعمار).

+ وقع في طمع الأرض أيضًا، لوط حينما اختار الأرض المعشبة على صحبة عمه إبراهيم. وهكذا سكن في سدوم (تك13)، وكانت النتيجة، أنه سُبِي مع أهل سدوم في حرب الأربعة ملوك (تك14). ولما أنقذه عمه من السبي، عاد إلى سدوم مرة أخرى. وانتهى الأمر بحرقها، وخرج منها بعد أن فقد كل شيء (تك19).

+ وفي هذا المجال لا ننسى قصة طمع آخاب الملك في حقل نابوت اليزرعيلي. وكيف أدّى به الأمر إلى تلفيق تهمة بالتجديف ضد نابوت اليزرعيلي، انتهت بقتله ووراثة آخاب للحقل. فغضب الله عليه، وأرسل إليه إيليا النبي يقول له «فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَحَسَتْ فِيهِ الْكِلاَبُ دَمَ نَابُوتَ تَلْحَسُ الْكِلاَبُ دَمَكَ أَنْتَ أَيْضًا» (1ملو21: 19). وهكذا فقد حياته ومُلكه وفقد الحقل الذي طمع فيه.

+ ومن أمثلة الطمع في الأرض، طمع بعض الدول الكبرى في سكنى الكواكب، أو رفع علمها على القمر أو ما أشبه.

3- الطمع في الشهوة:

وعن هذا الأمر قال الرب في الوصية الأخيرة من الوصايا العشر: «لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ» (خر20: 17).

+ وفي توبيخ ناثان النبي لدواد على خطيته، ضرب له مثلًا من هذا النوع: إنسان غني له الكثير من الغنم والبقر، اشتهى نعجة جاره الفقير واغتصبها منه. فقال داود في غضب «يُقْتَلُ الرَّجُلُ..» فقال له ناثان «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ». لأنه اشتهى بتشبع امرأة الحثي واغتصبها. وواجهه بعقوبة الرب له (2صم12).

+ والطمع في الشهوة أدّى بسليمان إلى التزوج بالعديد من النساء. وقال «اتَّخَذْتُ لِنَفْسِي مُغَنِّينَ وَمُغَنِّيَاتٍ وَتَنَعُّمَاتِ بَنِي الْبَشَرِ، سَيِّدَةً وَسَيِّدَاتٍ.. وَمَهْمَا اشْتَهَتْهُ عَيْنَايَ لَمْ أُمْسِكْهُ عَنْهُمَا..» (جا2: 8، 10). وكانت النتيجة مأساة قال فيها الكتاب «وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ» (1ملو11: 4).

+ والشهوة لا تشبع، كما قال سليمان نفسه «الْعَيْنُ لاَ تَشْبَعُ مِنَ النَّظَرِ، وَالأُذُنُ لاَ تَمْتَلِئُ مِنَ السَّمْعِ» (جا1: 8).

+ والشهوة تتدرّج في نوعيتها وفي كميتها، في مقدار ممارستها والتمتع بها. والتدرُّج من درجة في الشهوة إلى درجة أعمق منها.

+ ومن أمثلة الطمع في الشهوة أيضًا، طمع الضرتين في امتلاك الرجل، كما حدث مع ليئة وراحيل مع أنهما كانتا أختين شقيقتين. حتى أن راحيل قالت «مُصَارَعَاتِ اللهِ قَدْ صَارَعْتُ أُخْتِي» (تك30: 8). وإلى جوار الشهوة في امتلاك الرجل، كانت شهوة كل منهما في إنجاب البنين.

+ وفي شهوة امتلاك الرجل (من جهة السلطة) الصراع الذي يقوم بين الزوجة وحماتها: من منهما يكون له التأثير الأكبر عليه، والحصول منه على الموافقة في تنفيذ الرأي وإدارة البيت. إنه طمع قد يؤدي إلى إنقسام في البيت بينهما..

+ وفي موضوع الطمع في الشهوة، نذكر أيضًا شهوة المديح والشهرة. فليس فقط يطمع الشخص في أن ينال مديحًا وشهرة أكثر من غيره، بل بالأكثر قد يتطور به الأمر أن يشتهي بأن يكون الوحيد الذي هو موضع المديح والشهرة! ويتضايق من أية كلمة طيبة تُقال في مديح غيره..!

4- الطمع في المال:

+ قد يؤدي هذا الأمر إلى السرقة والنهب والسلب.

+ وقد يؤدي أيضًا إلى شهوة الجمع والتكويم (جا2: 26).

+ وكذلك تؤدي هذه الشهوة، إلى البخل، وقبض اليد، وعدم الرغبة في العطاء، أو في انفاق المال. كما يحدث مع بعض الجمعيات التي تهتم بأن يكبر رصيدها، دون أن تنفق منه على المحتاجين، أو تنفق في هذا المجال بتقتير شديد وبخل زائد.

+ والطمع في المال، يؤدي إلى سلب نصيب الرب في العشور والبكور. كما قال الرب في سفر ملاخي النبي «سَلَبْتُمُونِي. فَقُلْتُمْ: بِمَ سَلَبْنَاكَ؟ (قال) فِي الْعُشُورِ وَالتَّقْدِمَةِ» (ملا3: 8).

+ وفي سلب نصيب الرب، وما يصحب ذلك من كذب وخداع، ما ورد في سفر أعمال الرسل عن قصة حنانيا وسفيرا (أع55) اللذين اختلسا جزءًا من المال، وكذبا على القديس بطرس الرسول. وكانت عاقبتهما الموت.

+ والطمع في المال يؤدي إلى محبة العالم ومحبة النصيب الأكبر.

+ وكذلك يؤدي إلى الكسب الحرام، سواء عن طريق الغش في البيع، أو احتكار بعض الأغنياء للأسواق، وعدم ترك أي مجال للغير في المكسب.

+ كما يؤدي الطمع في المال إلى طمع بعض الأخوة في نصيب باقي إخوتهم في الميراث، وإلى طمع أحد الشركاء في التجارة أو الزراعة في نصيب باقي شركائه.

+ كذلك إلى الطمع في تقسيم الغنائم، حتى بين السارقين.

+ ويروي لنا الكتاب من جهة هذا الطمع، طمع عخان بن كرمي وسرقته رداءً شنعاريًا، مما أدى إلى غضب الرب وهزيمة الشعب. وانتهى الأمر بانكشاف أمر عخان ورجمه هو وأهل بيته (يش7).

+ كذلك قصة طمع جيحزي في أخذه سرًا جزءًا من عطايا نعمان السرياني وكان النتيجة أن أليشع النبي ضربه بالبرص (2مل5: 27).

مَضار الطمَع وعلاجه:

1- من جهة مضار الطمع نقول:

+ على رأي المثل "الطمع يضيّع ما جمع" وأمثلته لعب القمار.

+ أيضًا الطمع في الدنيا، يضيع الآخرة. والخسارة في الدنيا أيضًا.

+ وطمع أحد لاعبي الفريق بأن يكون الهدف بواسطته هو وحده، يؤدي إلى ضياع الفوز نتيجة لهذه الأنانية.

+ والطمع يؤدي إلى الجشع، وإلى الحسد، وهو طبع منفر.

+ والطمع في يوم الرب، يؤدي إلى كسر الوصية.

2- أما عن علاج الطمع، فيأتي بالتدرب على القناعة:

وذلك بتدرب الإنسان على الإكتفاء، والرضى بما عنده.

كن مثل العصفورة التي «لاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ» (مت6: 26). ولا تكن مثل النملة التي تجمع وتخزن ولا تكتفي.

كان الرب يأمر الحصادين بترك زوايا الحقل، لينتفع بها الفقراء كذلك يُعالج الطمع بالإيثار، وتفضيل الغير على النفس.

ويأتي أيضًا بالتدريب على العطاء، والكرم.

وبدراسة مضار الطمع، وما يجلبه من خسارة.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx