اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون28 يوليه 2017 - 21 أبيب 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 29-30

اخر عدد

بين الإشباع والشبع

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

28 يوليه 2017 - 21 أبيب 1733 ش

الشبع هو حاله مَنْ نال احتياجه في الوقت المناسب بعد إحساس بالجوع، سواء في أمور الروح أو الجسد أو النفس. ولنأخذ أمثلة توضّح الفكرة حتى ننال الشبع ونفرق بينه وبين الإشباع..

ففي الأمور الروحية: الشبع بمحبة الله من خلال الصلوات والقراءة في كلمات الله «وُجِدَ كلامُكَ فأكلتُهُ، فكانَ كلامُكَ لي للفَرَحِ ولِبَهجَةِ قَلبي، لأنّي دُعيتُ باسمِكَ يا رَبُّ إلهَ الجُنودِ» (إر15: 16). كذلك الشبع بالتناول من جسد الرب ودمه، وهذا النوع من الشبع يجعل النفس شبعانة فتدوس العسل (أي الشر)، أما النفس الجائعة فكل مُرّ لها حلو. لذلك فالشبع الروحي يزداد عمقًا يومًا بعد يوم بزيادة الصلوات والعِشْرَة المقدسة مع الله، مما يملأ القلب شجاعة فيدوس كل رغبة شريرة مصدرها مادي، فتردّد النفس الشبعانة مع القديس أوغسطينوس: "وضعتُ قدمي فوق قمّة العالم، حينما صرت لا أشتهي شيئًا ولا أخاف شيئًا"، أي تحرّر من كل الأربطة المعطّلة عن الشبع، وهذا النوع من الشبع الروحي يوصّل إلى التعفّف الذي يطرد الشهوات العالمية من القلب.

ويحدّثنا الكتاب عن العبادة المشبعة، بغلق الباب في المخدع والصلاة والصوم، بطريقة يغلب عليها الفرح بالنسكيات، والصدقة في الخفاء للبُعد عن إرضاء الذات والمظاهر، حقًا «طوبَى للجياعِ والعِطاشِ إلَى البِرِّ، لأنَّهُمْ يُشبَعونَ» (مت5: 6).

وكذلك قال الرب للسامرية: «مَنْ يَشرَبُ مِنَ الماءِ الّذي أُعطيهِ أنا فلن يَعطَشَ إلَى الأبدِ» (يو4: 14)، والأكثر من هذا يقول أيضًا: «مَنْ آمَنَ بي، كما قالَ الكِتابُ، تجري مِنْ بَطنِهِ أنهارُ ماءٍ حَيٍّ» (يو7: 38)، كل هذا يفيد ضرورة التعطُّش للحياة مع الله..

أمّا الإشباع: فهو فعل الوصول إلى شبع مؤقت سرعان ما يزول ويعود الإنسان ثانية إلى الجوع، ويستمر هذا الفعل في محاولات مستميتة للوصول إلى الشبع دون استمرارية، لكن الشبع الداخلي هو الذي يستمر كحالة دائمة مستقرة داخلية. وما أتكلم عنه من إشباع يخص الغرائز، فكل محاولة للإشباع الجسدي من الطعام أو غيره كذلك كل حواس «العَينُ لا تشبَعُ مِنَ النَّظَرِ، والأُذُنُ لا تمتَلِئُ مِنَ السَّمعِ» (جا1: 8). كذلك الأمور النفسية والعاطفية، ممكن محاولات الإشباع فيها كثيرة دون الوصول للشبع، إلى أن تستقر النفس في الروحيات فتتقدس المشاعر والأحاسيس وتشبع.

+ فضائل تنتج من حياة الشبع:

1) التعفف: وهي حالة الشبع الروحي من الله، مما يجعل الحواس والمشاعر والطاقات كلها في حالة من الشبع الذي يرفض الشر والاشتهاء، وبهذا يصير التعفف شيئًا مستقرًا، ويؤدي هذا إلى التسبيح القلبي النقي.

2) الحرية: أي حرية مجد أولاد الله، بحالة الشبع الروحي لا يبحث الإنسان عن أمجاد باطلة، بل يتعلق قلبه بالمجد الأبدي، فيتحرر من أي سعي نحو شيء باطل لا يدوم.

3) قوة الإرادة : فالشبع الروحي يجعل روح الله نشيطًا في عملة داخل الإنسان الروحي، وهذا يستميل الإرادة إلى القوة الروحية، فتقوى الإرادة في التمسك بالوصية الإلهية ورفض أيّة نوايا خبيثة أو شريرة. كل ذلك يؤدي إلى السمو والرفعة الروحية، وكلما ارتفعت النفس روحيًا أدّى إلى النمو المستمر، حتى ينال هبات روحية وصلة قوية بالله.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx