اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون28 يوليه 2017 - 21 أبيب 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 29-30

اخر عدد

النمّام يفرق الأصدقاء (أم28:16)

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

28 يوليه 2017 - 21 أبيب 1733 ش

النميمة هي داء روحي نفسي مزمن لا يكاد ينجو منه أحد. وإن كانت النميمة في ظاهرها هي الكلام عن الناس بشكل سلبي من وراء ظهورهم، إلّا أنها في باطنها تعبّر عن قساوة قلب ونقص شديد في المحبة. ومع الأسف ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تفاقم هذه الخطية حيث جعلته أمرًا مشروعًا في أعين الناس الثرثرة بخصوص آخرين على الملأ، وليس الثرثرة فقط بل وتناقل الإشاعات بخصوصهم، وتجريحهم وإهانتهم. ونظرًا لخطورة هذه الخطية وتأثيرها المدمِّر على كلٍّ من الشخص النمّام، والمستمع له، والشخص محور النميمة، فإن بولس الرسول أدرج النميمة مع خطايا الزنا والنجاسة: «لأنّي أخافُ إذا جِئتُ أنْ لا أجِدَكُمْ كما أُريدُ، وأوجَدَ مِنكُمْ كما لا تُريدونَ. أنْ توجَدَ خُصوماتٌ ومُحاسَداتٌ وسَخَطاتٌ وتَحَزُّباتٌ ومَذَمّاتٌ ونَميماتٌ وتَكَبُّراتٌ وتَشويشاتٌ. أنْ يُذِلَّني إلهي عِندَكُمْ، إذا جِئتُ أيضًا وأنوحُ علَى كثيرينَ مِنَ الّذينَ أخطأوا مِنْ قَبلُ ولَمْ يتوبوا عن النَّجاسَةِ والزِّنا والعَهارَةِ الّتي فعَلوها» (2كو12: 20-21). كما أنه اعتبرها إحدى علامات الذهن المرفوض التي تستوجب الموت: «وكما لَمْ يَستَحسِنوا أنْ يُبقوا اللهَ في مَعرِفَتِهِمْ، أسلَمَهُمُ اللهُ إلَى ذِهنٍ مَرفوضٍ ليَفعَلوا ما لا يَليقُ. مَملوئينَ مِنْ كُلِّ إثمٍ وزِنًا وشَرٍّ وطَمَعٍ وخُبثٍ، مَشحونينَ حَسَدًا وقَتلًا وخِصامًا ومَكرًا وسوءًا، نَمّامينَ مُفتَرينَ، مُبغِضينَ للهِ، ثالِبينَ مُتَعَظِّمينَ مُدَّعينَ، مُبتَدِعينَ شُرورًا، غَيرَ طائعينَ للوالِدَينِ، بلا فهمٍ ولا عَهدٍ ولا حُنوٍّ ولا رِضًى ولا رَحمَةٍ. الّذينَ إذ عَرَفوا حُكمَ اللهِ أنَّ الّذينَ يَعمَلونَ مِثلَ هذِهِ يَستَوْجِبونَ الموتَ، لا يَفعَلونَها فقط، بل أيضًا يُسَرّونَ بالّذينَ يَعمَلونَ» (رو1: 28-32).

   وللنميمة دوافع كثيرة. فقد تكون النميمة عن ضعفات الآخرين وسيلة النمّام للاقتراب من سامعيه ولكسب اهتمامهم وارتباطهم به. وقد تكون وسيلة الكثيرين للتسلية وتمضية الوقت والتغلب على الشعور بالفراغ والملل. كما قد تكون وسيلة النمّام للحصول على تأييد سامعيه لوجهة نظره السلبية من جهة شخص آخر، أو تكون إحدى وسائل العدوان السلبي ضد الشخص موضوع النميمة.

أمّا النتائج الضارّة للنميمة فهي كثيرة. إنها تؤدي إلى التحزب والانشقاق وشيوع جو من البغضة والغيرة. فقد تسببت نميمة يوسف عن إخوته في كراهيتهم له: «وأتَى يوسُفُ بنَميمَتِهِمِ الرَّديئَةِ إلَى أبيهِمْفلَمّا رأى إخوَتُهُ أنَّ أباهُمْ أحَبَّهُ أكثَرَ مِنْ جميعِ إخوَتِهِ أبغَضوهُ، ولَمْ يستطيعوا أنْ يُكلِّموهُ بسَلامٍ» (تك37: 2، 4). كما أنها تجعل النمّام يفقد ثقة الآخرين فيه، فالذي يتعامل معه يخشى أن يكون موضوع نميمته وبالتالي لا يأتمنه على أسراره. كما أن النميمة تؤدي إلى تقسّي قلب النمّام من جهة الأشخاص محط نميمته، إذ أنها ضد قوانين المحبة حيث أن المحبة: «لا تُقبِّح» (1كو13: 5). والسمعة الرديئة الناجمة عن النميمة تطارد أصحابها مما قد يتسبب في تعطيل توبتهم.

  

ليتنا نكف عن تلك الخطية الرديئة التي سلبت الملكوت من كثيرين، متضرعين إلى الروح القدس أن يحلنا من رباطاتها الخبيثة.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx