اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون11 أغسطس 2017 - 5 ميسري 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

نحن والله في الضيقات

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

11 أغسطس 2017 - 5 ميسري 1733 ش

يتكلم سفر الملوك الأول عن صلاة إيليا النبي وهو هارب من وجه ايزابل الملكة أنه قال: «قد كفَى الآنَ يا رَبُّ. خُذْ نَفسي لأنَّني لَستُ خَيرًا مِنْ آبائي» (1مل19). والقصة تحكي كيف ضاقت نفس إيليا عندما تعرض للألم، ففي الضيقات نكتشف أنفسنا في ضعفها، ونكتشف الله وهو يتعامل مع ضعفاتنا. كان إيليا النبي شخصًا قويًا، لكنه في لحظة ضيق صار ضعيفا جدًا! بينما الله وسط الضيقات لا يتعامل معنا بحسب ضعفاتنا، لكنه يُظهر حنانًا أعظم تجاهنا.. ولنا في هذه القصة أن نتوقف أمام بعض النقاط...

+ يذكر الكتاب أن إيليا «قامَ ومَضَى لأجلِ نَفسِهِ»، فالإنسان عندما يعمل لأجل مجد الرب يبقى قويًا، لكنه عندما ينظر إلى نفسه يبتدئ يضعف، هكذا كل من ينظر لنفسه في البيت، وفي الخدمة، وفي الكنيسة،  يبدأ يصطدم بالآخرين. لذلك جيد أن نعتني بذواتنا، ولكن فقط في المسيح. فالإنسان عندما يمضي لأجل نفسه يفقد كل شيء.

+ الانسان عندما ينظر إلى نفسه يترك الدائرة ويتخلى عن مسئولياته ويفقد نعمته، فها هو القديس يوحنا ذهبي الفم عندما يتعرض للاضطهاد من الإمبراطورة يرفض أن يترك خدمته أو يتخلى عن شعبه، لكنه يثبت محتملًا الألم حتى النفي، من أجل سلامة الكنيسة، لذلك فنحن جميعًا في الضيقات ينبغي لنا أن نبقي في مواقعنا لأجل الرب، فها هو نحميا أيضًا عندما تتعرض رسالته في بناء الأسوار للضيقات يتكلم قائلًا «أرَجُلٌ مِثلي يَهرُبُ؟» (نح6: 11).

+ عندما تتعرض حياتنا للضيقات، فإننا نحتاج أن نهدأ في مواقعنا بعض الوقت.. وعندما نشعر بالتعب وبثقل حمولنا، ينبغي أن نلجأ إلى مخادعنا، فنحن في الضيق نحتاج إلى قوة الخلوة والهدوء إلى النفس، فقد اقتاد الملاك إيليا إلى جبل الرب حوريب ليهدأ.

+ الله - مرات كثيرة- في ضيقاتنا يبدو مختلفًا، فهو لا يغضب ويؤدّب، لكنه يُظهر لنا محبة أكثر، فهو لا يتعامل معنا بحسب ضعفاتنا، ولا يستجيب لطلبتنا الخاطئة (خذ نفسي)، لكنه يرسل ملاكه لتعزيتنا، وهو لا يرسل لنا غرابًا ليحمل لنا فقط طعامًا.. لكنه في لحظات الضعف يرسل لنا قلبًا حنونًا، ويرسل لنا معونة لتقودنا في ضعفنا إلى جبل الله حوريب (جبل الوصية)، فالله عندما نفقد إيجابيتنا يتعامل معنا بإيجابية.

+ الله في الضيقات يعطي لنا مثالًا، فهو لا يظهر من خلال الزلزلة ولا الريح الشديدة ولا النار، لكن من خلال الصوت المنخفض الخفيف. فالخادم الروحي لا يحل مشاكل كنيسته بعنف ولكن بهدوء (الصوت المنخفض الخفيف)، والانسان الروحي لا يحل مشاكل بيته بالعنف ولكن بالوجود الهادئ للرب وسط البيت.

+ عندما ندخل في الضيقات لنحرص أن نقيّم الأمور تقييمًا صحيحًا حتى لا نفقد رجاءنا، لا تقل: بقيتُ أنا وحدي، بل في حياتك وبيتك وخدمتك وكنيستك قيّم المشكلة تقييمًا حقيقيًا، وتذكر أن هناك لا تزال سبعة آلاف ركبة لم تجثُ قط لبعل.

+ لنتذكر وسط الضيق أنه لا تزال هناك رسالة لنا، فهكذا أمر الرب إيليا أن يرجع ويمسح ملكًا ونبيًا!! لذلك في الضيق لا تطلب طلبة تعطّل مجد الله (خذ نفسي)، ولكن اطلب في خضوع: ماذا تريد يا رب أن أفعل؟

في الضيقات لا تهرب لأجل نفسك، ولا تحل مشكلة بالنار والزلزال أو الريح. بل لتحرص أن تكون لك حياة تقيّم مشاكلها تقييمًا حقيقيًا، وتدرك أن لديها دائما مسئولية جديدة يجب أن نقبلها من يد الرب، ونكملها بأمانة، حينئذ نكون مستحقين لمركبة الرب النارية لترفعنا من ضيقات العالم. لذلك في الضيق صلِّ دائمًا: لا تسمح يا رب أن أمضي من أجل نفسي، ولا تسمح لي أن أقول: كفي يا رب خذ نفسي.. فهي الطلبة التي لا يستجيبها الرب.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx