اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون11 أغسطس 2017 - 5 ميسري 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

إيمان السيدة العذراء

مثلث الرحمات نيافة الأنبا بيشوي

11 أغسطس 2017 - 5 ميسري 1733 ش

كتب معلمنا لوقا الإنجيلي «امْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي فَطُوبَى لِلَّتِي آمنت أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ» (لو1: 41-45). هذه الشهادة للسيدة العذراء مريم هي من الروح القدس على لسان أليصابات. فبماذا آمنت العذراء؟

أولًا: آمنت بأنها سوف تحبل وتلد إبنًا بدون زرع بشر كما ورد في نبوة إشعياء «هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (إش7: 14)، وهذا أمر لم يكن له نظير في تاريخ البشرية، وهو أمر يفوق العقل، فالإيمان كما عرّفه معلمنا بولس الرسول «هُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى» (عب11: 1). بإيمان عجيب تلقائي كان رد مريم على الملاك المبشر بقولها «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ» (لو1: 38).

ثانيًا: إن العذراء مريم لم تؤمن فقط بأنها سوف تحبل وتلد بدون زرع بشر، ولكنها آمنت بأن القدوس المولود منها هو ابن الله كما قال لها الملاك «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ» (لو1: 35). لقد آمنت بتجسد الله الكلمة قبل أن يتم التجسد لأنها «آمنت أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ» (لو1: 45). فاُعتُبِرت أول كائن بين البشر يقبل الإيمان بتجسد الله الكلمة في ملء الزمان، وبإتحاد اللاهوت بالناسوت في بطنها وبأن المولود منها هو من تستر الملائكة وجوهها من بهاء عظمة مجده. آمنت بأمور لا يستطيع عقل أن يستوعبها، وقد حيّرت العلماء على مر العصور. لقد ارتفعت العذراء بفكرها الروحي حتى استوعبت هذا السر العظيم الذي أعلنه الله للبشرية عن طريقها، وبذلك صارت أعلى من الشاروبيم الممتلئين أعينًا في فهم الأسرار الإلهية. وبفهمها لأسرار الله صارت سماءً ثانية ليس فقط لحلول الله الكلمة في أحشائها لكن أيضًا لسكناه في عقلها معلنًا أسراره العليا.

ثالثًا: قال الملاك لمريم عن المولود منها «هَذَا يَكُونُ عَظِيمًا وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ» (لو1: 33). ثم وقفت العذراء مريم أمام الصليب عند الجلجثة ورأت أن الذي وعدها الملاك بأنه لا يكون لملكه نهاية يشرب كأس الآلام بل وكأس الموت. لكن إيمان العذراء كان أن ابن الله المتجسد الذي يذوق الموت هو الحي الذي لا يموت بقدرة لاهوته وهو الذي يدوس الموت ويغلبه بموته. استطاعت السيدة العذراء أن ترى تاج المُلك في إكليل الشوك، والعرش الملوكي في الصليب. استطاعت بإيمانها أن ترى قيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب في ملكوته وحوله ربوات من الملائكة يسجدون له ويسبحونه وهو معلق على الصليب.

لهذا ليس كثيرًا أن نقدّم لها التماجيد والتسابيح، وقطع الأجبية، وتذاكيات تسبحة نصف الليل، والألحان التي تتغنى بها الكنيسة. وليس كثيرًا أن جميع الكنائس تُبنى على اسم السيدة العذراء مريم ثم تستضيف هي أحد القديسين كابن لها تُسمى على إسمه الكنيسة. إننا لا نستطيع أن نفي العذراء حقها. فليعطنا الرب إيمانها ولتشملنا بركتها آمين.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx