اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون11 أغسطس 2017 - 5 ميسري 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

«مهما قال لكم فأفعلوه» (يو2: 5)

نيافة الأنبا سرابيون أسقف لوس آنجلوس

11 أغسطس 2017 - 5 ميسري 1733 ش

العذراء أم النور هي أمنا جميعًا. نحن نحبها ونطلب شفاعتها عنا، وندعوها الشفيعة الأمينة المؤتمنة أمام ربنا يسوع المسيح. ومحبتنا للعذراء الطاهرة تجعلنا دائمًا نتطلع إليها ونتعلم منها وخاصة في فترة الصوم الذي يحمل اسمها المبارك.
العذراء القديسة مريم لم تكتب لنا رسالة، ولكن تقدم لنا نموذج حياة طاهرة مقدسة لنقتدي بها. ومسرة قلبها نحونا أن نتجه إلى ابنها الحبيب ونطيع وصاياه، لأن طاعة الوصية هي علامة المحبة. فالسيد المسيح يقول لنا: «إنْ كنتُم تُحِبّونَني فاحفَظوا وصايايَ» (يو14: 15)، «إنْ أحَبَّني أحَدٌ يَحفَظْ كلامي، ويُحِبُّهُ أبي، وإليهِ نأتي، وعِندَهُ نَصنَعُ مَنزِلًا» (يو14: 23)...
الوصية الوحيدة المذكورة في الكتاب المقدس والمنسوبة للعذراء هي «مَهما قالَ لكُمْ فافعَلوهُ» (يو2: 5)، أنها تلخّص رغبة العذراء نحونا أن نظهر محبتنا لابنها الحبيب بحفظ وصاياه. ووصية المسيح الأساسية لنا هي «هذِهِ هي وصيَّتي أنْ تُحِبّوا بَعضُكُمْ بَعضًا كما أحبَبتُكُمْ» (يو15: 12)، لأن محبة الآخرين علامة لمحبتنا لله «ولَنا هذِهِ الوَصيَّةُ مِنهُ: أنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضًا» (1يو4: 21). العذراء أم النور التي أحبت الله وحفظت وصاياه، قدمت لنا مثالًا لمحبة الآخرين من خلال خدمة المحتاجين. لأن المحبة الحقيقية هي المحبة بالعمل والحق «يا أولادي، لا نُحِبَّ بالكلامِ ولا باللِّسانِ، بل بالعَمَلِ والحَقِّ!» (1يو3: 18). 
أحبّت العذراء أهل عرس قانا الجليل، لذا ذهبت مع ابنها الحبيب لمشاركتهم فرحتهم، ولكن حدثت مشكلة إذ فرغ الخمر. لم تنتقد العذراء أهل العرس الذين لم يكونوا مستعدين لضيوفهم، ولكن فكرت كيف تساعدهم دون أن يطلب منها أحد ذلك. لذا تقدمت إلى ابنها الحبيب قائلة له «ليس لهُمْ خمرٌ» (يو2: 3). ونلاحظ أن العذراء عرضت على ابنها المشكلة وليس الحل، لقد تقدمت بثقة أنه سوف يحل المشكلة بالطريقة التي يراها مناسبة، ورغم أن إجابة المسيح لها «ما لي ولكِ يا امرأةُ؟ لَمْ تأتِ ساعَتي بَعدُ»، إلّا أنها لم تلحّ عليه أو تناقشه فيما قاله، بل بثقة تركت له الوقت والطريقة لحل المشكلة، ولأنها كانت تثق أنه سوف يفعل شيئًا لذا قالت للخدام «مَهما قالَ لكُمْ فافعَلوهُ». ماذا يفعل؟ ومتى يفعل؟ هذا أمر متروك له، ولكنها تثق أنه لن يترك هؤلاء الناس بدون مساعدة. العذراء تعلّمنا أن نعرض مشاكلنا أمام الله بثقة وإيمان، دون أن نفرض وقتًا وطريقة معيّنة للحل، فالله لديه حلول كثيرة. 
مريم ومرثا عرضتا على المسيح مشكلتهما «يا سيِّدُ، هوذا الّذي تُحِبُّهُ مَريضٌ» (يو11: 3). وتوقّعتا أن يأتي المسيح حالًا ليشفي المريض، ولكن المسيح ذهب بعد ستة أيام وكان لعازر قد مات ودُفِن، لذا قالت كلٍّ من الأختين للمسيح «يا سيِّدُ، لو كُنتَ ههنا لَمْ يَمُتْ أخي!» (يو11: 21، 32)، وهنا لم يشفِ المسيح لعازر من مرضه، ولكنه أقامه من موته بعد أن كان في القبر أربعة أيام. 
الله قادر على كل شيء، ولكنه يدبّر كل الأمور بحكمة. نعجز - نحن المحدودين - أن ندرك حكمة الله التي تفوق إدراكنا، لذا لنتعلم من العذراء مريم أن نطرح احتياجاتنا ومشاكلنا ومتاعبنا أمام إلهنا بثقة وإيمان دون كيف؟ أو متى؟ ولنقف لننظر خلاص الرب...



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx