اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون25 أغسطس 2017 - 19 مسرى 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 33-34

اخر عدد

كنت قديسًا.. وصرت شفيعًا «ولَمّا كمِلَتْ أيّامُ خِدمَتِهِ مَضَى إلَى بَيتِهِ» (لو1: 23)

نيافة الأنبا موسى

25 أغسطس 2017 - 19 مسرى 1733 ش

أعرف نيافة أنبا كيرلس منذ أن كان خادمًا مباركًا، ثم راهبًا أمينًا، فأسقفًا مكرمًا، فمطرانًا، فنائبًا بابويًا لأوروبا، لم تنقطع عشرتنا معه أبدًا، وكنت أزوره في المنيا وأبو قرقاص والقاهرة وميلانو. وكان يتميز نيافته بتقشفه الشديد وتدقيقه الرهباني، ومحبته للفقراء، وبأنه فنان قبطي من الطراز الأول. ومن عاشره عن قرب لاحظ أنه يبني النفوس والكنائس والأديرة من تحت الصفر، ويحولها إلى هياكل مقدسة من البشر، ومن الحجر.

كنت في زيارته بمقره المتواضع في ميلانو، ولما استيقظنا في الصباح قال لي: "تعالَ معي أريك شيئًا"، وفي سيارة بسيطة ذهبنا إلى مكان فسيح، ووقف بي أمام بوابة ضخمة، وفتحها بهدوء، فإذ بنا في كاتدرائية ضخمة لا يعرف أحد عنها شيئًا. وصلينا صلاة الشكر، وقمنا برش الماء المُصلّى عليه، وصارت هذه فيما بعد الكاتدرائية القبطية الأرثوذكسية بميلانو.

الأنبا كيرلس فنان مُلهَم وإحساس مرهف وعطاء لا يتوقف. كنت أقول له دائمًا: "أنت من يقولون عنه: تخلق من الفسيخ شربات"، حيث شاهدت بنفسي كيف تحول مكان بسيط إلى دير قبطي جميل. كان رسامًا أبدع الكثير للأطفال والشباب والأيقونات. وكان أنموذجًا للراعي الأمين على شعبه، الذي أحبه، وكان يحب ويحترم الفقراء ويعطيهم كل كيانه.

المتنيح الأنبا كيرلس علامة كنسية لن تنساها الأجيال، قدم للكنيسة أساقفة وكهنة ورهبانًا وأمناء وأمينات، قدم خدمة بملامح خاصة مقدسة وباذلة. زرته في استراحته البسيطة في القاهرة ورأيت كيف عاش راهبًا كل أيام حياته إلى أن رحل راهبًا، ذهب إلى الفردوس السعيد مع رب المجد والسيدة العذراء والملائكة والقديسين، ذهب وآثاره تقطر دسمًا بالروح القدس الذي ملأه، ذهب ومحبته ستظل مضرب الأمثال على مدى الأجيال.

كان يعمل بهدوء ورحل بنفس الهدوء الذي عاش به، رحل في هدوء الملائكة.. ليكون رفيقًا للملائكة.. وشريكًا في محفل القديسين.. والأبرار المُكمَّلين..

وبعد أن أكمل خدمته مضى إلى بيته، إلى الفردوس السعيد، مع رب المجد والسيدة العذراء والملائكة والقديسين. اذكرنا يا سيدنا امام عرش المسيح إلى أن نلتقي بنعمته هناك في المكان الذي هرب منه الحزن والكآبه والتنهد في نور قديسيه. الرب الذي أعانك يعين ضعفنا بصلواتك. حاللني وباركني.. 



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx