اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون25 أغسطس 2017 - 19 مسرى 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 33-34

اخر عدد

الأنبا كيرلس الفنّان الرقيق والينبوع العميق

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

25 أغسطس 2017 - 19 مسرى 1733 ش

+ التقيته لأول مرّة في خلوة بدير البرموس في يوليو 1980م، وكان وقتها مُشرِفًا على بيت الخلوة، وصلّيت معه قدّاسًا.. كُنّا خمسة شُبّان انتهينا من امتحانات الثانويّة العامّة وننتظر النتيجة.. وأتذكَّر أنّه تحدّث معنا في غرفتنا حديثًا خاصًّا عن معنى كلمة خادم المكوّنة من أربعة حروف وكلّ حرف يمثِّل صِفة، ثمّ كلمة متواضع المكوّنة من ستّة أحرف وكلّ حرف يمثّل أيضًا صفة للإنسان المتواضع.. ولاحظنا أنّه يحفظ كمّيّة غزيرة من أقوال الآباء عن ظهر قلب، وعندما طلبنا منه أن يكتب لكلّ واحد كلمة منفعة، كتب لي بخطّه الجميل على ظهر صورة صغيرة للقديس موسى الأسود "مَن يقتفي آثارك، لن يضلّ قط" للقدّيس أغسطينوس.

+ بعد شهور قليلة علمت أنّه ذهب لكي يخدم الشباب في المنيا.. ولمدّة عِدّة سنوات كان يحضر للإسكندريّة كلّ شهر بالتبادل مع راهب آخَر لخدمة طلبة المنيا الذين يدرسون بالإسكندريّة، وكان عددهم حوالي أربعين طالبًا وطالبة فيقيم لهم اجتماعًا ويأخذ اعترافاتهم ويصلّي لهم قدّاسًا خاصًّا بإحدى الكنائس.

+ في عام 1985م قام بإصدار تقويم السلام، وهو أوّل تقويم يصدر في الكنيسة القبطيّة بخلاف تقويم المحبّة الذي كان يصدُر منذ القديم وحتّى الآن.. وقد ضَمّن التقويم الجديد القراءات الكنيسة اليوميّة بالتفصيل، مع بعض أقوال الآباء والتأمّلات العميقة، وزيّنه بخطوطة الرقيقة وأفكاره المبتكَرَة ولمساته الفنّيّة البديعة.. وأتذكَّر أنّ الصورة الرئيسيّة في التقويم لتلك السنة كانت للسيّد المسيح وهو يشير بأصبعه تجاه الناظر إليه، ومكتوب تحت الصورة: «اتبعني أنت» (يو21: 22).

+ أتذكّر أنه وضع في أحد أوراق التقويم صورة لطفل صغير نائم على كفّ يد كبيرة يحتضنها، وقد قام بقص ولصق الصورتين معًا، وكتب تحتها الآية الجميلة: «نفسي في يديك كلّ حين» (مز119: 109)، وقد احتفظت بهذه الورقة الصغيرة وكنت أتّأملها كثيرًا.

+ كان الأنبا كيرلس مُطران ميلانو فنّانًا رقيقًا في كلّ شيء.. في الكلام وفي الكتابة، وفي الرسم والتصميم والمباني.. وكان أيضًا فنّانًا في التعامُل بحُبّ مع الناس، الكبار والصغار.. وكان يتمتّع بحِسٍ روحيٍّ عالٍ مع روح لطيفة مرِحة وسرعة بديهة..

+ كنت ألاحظ أنّه ينشغل كلّ أسبوع بفكرة روحيّة عميقة، وتدور تأمُّلاته طوال الأسبوع حول هذا الموضوع. ولاحظت أيضًا أنه كان يحفظ مقاطعَ كثيرةً من الكتاب المقدّس بعهديه، وتنساب حولها تأملاته الجميلة في عُمقٍ روحاني نابع من قلبٍ ناسِكٍ مُختبِر..

+ أحبّ الرهبنة وشرب من ينابيعها الآبائيّة حتّى ارتوى وفاض.. أسّس ديرًا وتَلْمَذَ الكثيرين من الرهبان، وأجيالاً من الخُدّام في مصر وخارجها.

+ كان ملتزمًا بصلاة القدّاس الإلهي كقانون يومي، منذ رسامته كاهنًا في أواخر عام 1979م حتّى نياحته، أي أنّه صلّى أكثر من 13500 قدّاسًا. وكان يحلو له أن يصلّي صلاة الصلح الغريغوري "أيها المسيح إلهنا القوة المخوفة.." مع بعض القِسَم المملوءة بالتأملات البديعة.. وقد صلّيتُ معه عِدّة مرّات في مناسبات متنوِّعة، فكان واضِحًا لي أنّه يجد شبعه ولذّته العميقة في صلوات القدّاس، فهو بالنسبة له كان بالفِعل مذاقة الملكوت.

+ الرب ينيّح نفسه الطاهرة في فردوس النعيم، ويقبل صلواته عنّا لكي نكمِّل أيّام غربتنا بطهارة ونَصِل بسلام إلى مواضع الراحة ومساكن النور.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx