اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون08 سبتمبر 2017 - 3 نسئ 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

عظة قداسة البابا في قداس تدشين كنيسة العذراء مريم ومارمرقس الرسول باليابان

قداسة البابا تواضروس الثانى

08 سبتمبر 2017 - 3 نسئ 1733 ش

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين.

هذا اليوم يوم فرح، نفرح فيه لكل عطايا الله التي يعطيها لنا. أولًا نفرح لأنه يوم أحد، والأحد هو العيد الأسبوعي لقيامة ربنا يسوع المسيح من الأموات. وأيضًا نفرح لأنه يوم 21 مسرى في الشهر القبطي، وكل يوم 21 من الشهر القبطي هو احتفال وتذكار للقديسه مريم العذراء.

الأمر الثالث أن هذا يوم فرح لأننا نشترك جميعًا في وضع هذه البذره، التي هي كنيسة قبطية مصرية في بلاد اليابان. ويسرنا كثيرًا وجود السيد السفير المصري في اليابان، وأيضًا وجود المطارنة والأساقفة: نيافة الأنبا سيرابيون مطران ولاية لوس آنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية، ونيافه الأنبا دانيال أسقف المعادي، ونيافه الأنبا دانيال أسقف سيدني، وأيضا نيافة الأنبا هرمينا أسقف عام كنائس عين شمس بالقاهرة، ومع الكهنة الأحباء من سيدني.

نفرح أن نوجد جميعًا في هذا اليوم، ونشترك جميعًا في وضع هذه البذرة.

بدأنا في الصباح بتدشين الكنيسة. وتدشين الكنيسة يعني كتابه شهادة ميلاد للكنيسة أنها تصير كنيسة مُدشَّنة ومُكرَّسة ومُخصَّصة ومعروفة، وتدخل في سجلّات الكنائس القبطية المصرية المنتشرة عبر العالم كله. توجد لنا كنائس في أوروبا، في الولايات المتحدة، في أمريكا اللاتينية، في جنوب أفريقيا، في كينيا، والسودان، وأورشليم؛ واليوم صارت لنا كنيسة في اليابان مثل كنيسه أستراليا. ولذلك اليوم يوم فرح، احفظوا تاريخه 27/8/2017، كتابه شهادة الميلاد للكنيسة أنها تصير كنيسة رسمية في الكنيسة القبطية المصرية. ونحن نشكر اليابان: نشكر الشعب ونشكر الحكومة، على احتضان هذه النبتة الصغيرة في الرعاية.

عندما نجتمع يا إخوتي الأحباء ونتذكر الكنسية القبطية ونذكرها، الكنيسه القبطية المصرية نشأت في منتصف القرن الأول الميلادي في مصر، وبالتحديد في مدينة الإسكندرية، المدينة التقليدية، وهي المدينة التي نالت اهتمامًا من السيد المسيح. ومعروف أن مدينه الإسكندرية أُنشِئت قبل مدينة القاهرة بقرون كثيرة، ولذلك نحمل لقب "بابا الإسكندرية" رغم أن اقامتنا في القاهرة العاصمة. في مدينة الإسكندرية نشأت الكنيسة القبطية المصرية التي أنشأها القديس مارمرقس الرسول، ولذلك نضيف في اسم هذه الكنيسة اسم السيدة العذراء والقديس مارمرقس الذي أسّس الكنيسة القبطية، وهو أحد رسل السيد المسيح. ونشأت هذه الكنيسة القبطية عبر القرون؛ كانت مصر فرعونية في التاريخ قبل ميلاد المسيح، وعاشت فيها المسيحية سبعة قرون بجوار الفرعونية، ثم جاءها الإسلام، فامتدت الحضاره في مصر وهي تحمل الفرعونية والمسيحية والإسلامية، وصارت مصر خليطًا من الحضارة الغنية، وأيضًا خليط من التاريخ القوي. في الكنيسه القبطية زارت العائلة المقدسة مصر في القرن الأول الميلادي وباركت مصر، وصارت مصر محظوظة بهذه الزياره، وصارت مصر البلد الوحيد الذي زاره السيد المسيح غير البلد التي وُلِد فيها في فلسطين.

في مصر نشأت مدرسة الإسكندرية، وهي التعليم المسيحي اللاهوتي الأصيل، ونشأ هذا التعليم، وصارت مدرسة الإسكندرية القديمة هي عنوان للتعليم الأرثوذكسي المسيحي المستقيم، وظهر علماء في اللاهوت أمثال القديس أثناسيوس الرسولي والقديس كيرلس عمود الدين وغيرهم أسماء كثيرة.

ثم نشأت في مصر حلقات من الاستشهاد دفاعًا عن الإيمان، وقدمت مصر أعدادًا كبيرة من الشهداء، نقرأ عنهم، ونتعلم من سيرتهم، ونتشفع بصلواتهم. وقدمت مصر شهداء مصريين، وهؤلاء الشهداء امتدوا في طول البلاد وعرضها، ولم يكونوا من صنف واحد أو قطاع واحد، كان الشهداء من الشباب والكبار والصغار ومن كل فئات المجتمع المصري في القرون الأولى وعاش الاستشهاد في مصر، وصار عنوانًا حتى صار له عيد نحتفل به سنويا في شهر سبتمبر من كل عام.

ثم قدمت مصر أروع هداياها للعالم كله وهي الرهبنة. أول راهب ظهر في العالم هو مصري من صعيد مصر اسمه القديس انطونيوس. وهذا الراهب أسس الحياو الرهبانية في القرن الثالث الميلادي، ومنه انتشرت الرهبنه في جميع العالم، وصارت الرهبنة طريقًا روحيًا مسيحيًا يخدم المجتمع أيضًا، وفي أماكن كثيره نجد الآباء الرهبان يخدمون ويكرزون ويتعبون.

وبذلك قدمت مصر: العلماء في اللاهوت، والأقوياء في الشهادة، والأبرار في النسك. وعاشت مصر تاريخًا قويًا يمتد إلى ايامنا هذة، و الكنيسة في امتدادها وانتشارها تخدم كل أحد.

كما قلتُ بالأمس، الكنيسة هي حب لكل إنسان. فعندما توجد كنيسة، عندما نؤسس كنيسة، فإننا نقدم طاقه حب، فالحب ليس له حدود، ولا ينتهي لا بزمان ولا بمكان، فوجود الكنيسة هو علامه للحب، حب كل إنسان، وحب كل ما في الإنسان. ثم الكنيسه أيضًا أمٌّ، هي أم مسئوله عن رعاية كل أحد، ومسئوليات الرعاية عديده وممتده في أماكن كثيرة. الكنيسة عندما ننشئ مدرسه هي أم ترعى، الكنيسة عندما ننشئ مستشفى هي أم ترعي، الكنيسه عندما ننشئ مكانًا تعليميًا أو خدميًا بأيّة صورة من الصور، هي أم ترعى... الكنيسة ام، ونحن نقول في الترانيم المسيحية باللغة العربية، احدي الترانيم التي نرتلها نقول: "كنيستي كنيستي كنيستي... هي بيتي، هي أمي، هي سر فرح حياتي". وهو التعبير المختصر لكلمة كنيسة.

أيضًا الكنيسة عمل، والعمل يعني النشاط، فالسيد المسيح كان يجول يصنع خيرًا في كل مكان، وهكذا علمنا الآباء الرسل وخلفاؤهم، والآباء عبر تاريخ طويل عبر ٢٠ قرنًا من الزمان، أنه يجب أن نجول ونصنع خيرًا في كل مكان. إيبارشية سيدني تمتد بخدمتها، وتخدم في هذه البلاد باعتبارها أقرب البلاد.

الكنيسه عمل ونشاط في الخدمة. الكل يعمل: الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكهنة والآباء الرهبان والشمامسة والخدام وحتى الأطفال الصغار، الجميع يعمل، والله يعطينا حياتنا لكي ما نعمل ونخدم. الله يعطينا الحياة كلها لكي ما يكون لنا عمل إيجابي نخدم به كل إنسان. والله عندما يخلق الإنسان، يخلقه لرسالة، والرسالة يقدمها الإنسان عبر حياته، فلذلك يجب أن يكون نشيطًا.

أنا أشكر كل الذين تعبوا في إنشاء هذه الكنيسة وفي تأسيسها، وأيضًا في مصر مهتمون أن يكون هناك كنيسة مصرية في اليابان، والعمل عمل دائم خالص لوجه الله، نحن دائمًا نخدم ونتعامل مع كل أحد من أجل المحبة التي وضعها الله في قلوبنا، قال السيد المسيح: «هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ» (يو3: 16)، فمحبة السيد المسيح لكل العالم بكل قاراتة ودوله وأراضيه، العالم الممتد. وهذة المحبة التي حملها السيد المسيح على الصليب لكل أحد، نحن نحملها أيضًا، ونشترك في تقديمها لكل أحد. وهذا هو دورك، وهذا هو دور الخدام، ودور الآباء في كل عمل صالح.

نحن بالحقيقة اليوم في فرح، ويوم مفرح لنا جميعًا. والشمس المشرقة في هذة البلاد التي نسميها "بلاد الشمس المشرقة". نفرح كثيرًا أن نجتمع في هذا الصباح بهذة البركات والنعم التي يقدمها الله لنا، ونشكر الله كثيرًا على محبته وعلى عملة وعلى تعبه وعلى خدمته في وسطنا، وأنه يعطينا كل هذة النعم باستمرار. يباركنا إلهنا، ويعطينا الله دائما هذة النعم.

ولكي تستكمل الكنيسة شكلها في الخدمة، تمت رسامة أب كاهن من قِبَل الأنبا دانييل لكي يكون كاهنًا لهذة الكنيسة، واليوم نقيم 3 شمامسة، هذا يستكمل شكل الخدمة، وأيضًا بوجود الآباء الذين خدموا ويخدمون هنا، وحضور المطارنة والأساقفة والشمامسة، هكذا اكتملت الكنيسة في شكلها الرسمي. ربنا يبارك ويفرحكم، والكنيسة دائمًا تكون بذره تكبر، وتصير شجرة مثمرة. وشكرًا لكل أهل اليابان، وشكرًا على المحبه الكبيرة التي احتضنت هذة الكنيسة.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx