اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون08 سبتمبر 2017 - 3 نسئ 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

يا رب اسمع صلاتي (المزمور 143)

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

08 سبتمبر 2017 - 3 نسئ 1733 ش

ونحن في نهاية العام القبطي، منتظرين احتفالات الكنيسة بالعام القبطي الجديد، أفضل ما يمكننا أن نختم به العام هو أن نراجع حياتنا، ونجدد توبتنا وعهودنا مع الرب، ونطلب مراحمه. ومن أعمق الكلمات التي سجلها الكتاب المقدس عن التوبة هي كلمات معلمنا داود النبي والملك، لأنه اختبر اوجاع الخطية ومرارتها، واختبر أيضًا مراحم الرب الغنية وغفرانه وقبوله. لذلك تعتبر الكنيسة أن مزامير التوبة هي من أغنى اختبارات الكتاب المقدس التي تسجل مشاعر التوبة الحية التي يمكننا أن نختبرها جميعًا.
وحديثنا اليوم عن آخر مزامير التوبة وهو المزمور 143، وهو آخر مزامير صلاة باكر في الأجبية، و بحسب رأي المفسرين فإن المزمور كتبه معلمنا داود النبي عندما قام عليه ابنه أبشالوم، لذلك فكلمات المزمور تحمل نغمة مرارة وحزن عميق. والمزمور أيضًا تتكرر فيه جمل التوبة وطلب المعونة والغفران، وهذا يؤكد أن عمل التوبة هو احتياج متجدد ومتكرر في حياتنا طالما نحن في الجسد.
المزمور يحمل لنا عدة اختبارات روحية تخص حياة التوبة، وهذه بعض من الاختبارات:
1) نغمة الحزن والمرارة في المزمور تؤكد علي حقيقة هامة وهي أن الضيق في مرات كثيرة يدفعنا أن نقترب من الله أكثر، ونفحص طرقنا، ونقدم توبة عن كل تعدياتنا تجاه الرب، فداود النبي دفعته المرارة تجاه ابنه أن يطلب التوبة.
2) «بأمانَتِكَ استَجِبْ لي، بعَدلِكَ» وهي عبارة عميقة توضّح أن الله دائمًا أمين في وعوده للبشر، وأن كل من يقبل إليه لا يُخرجه خارجًا، فهو يقبل كل الراجعين إليه بسبب أمانته، وهذا هو رجاء الإنسان المغلوب من ضعفه؛ إلّا أن الله أيضًا لا يتخلى عن عدله، فهو لا يحب الإثم بل يكره الشر، وهذا ما يجعلنا نحرص ألّا نتمادى في الشر.
3) «لا تدخُلْ في المُحاكَمَةِ مع عَبدِكَ، فإنَّهُ لن يتَبَرَّرَ قُدّامَكَ حَيٌّ» فإدراك الإنسان لضعفه وخطيته، وأنه دائمًا في الموازين إلى فوق، هو أكثر ما يحنّن قلب الله على الخاطئ، فنحن نحتاج أن نعلم أننا لا يمكننا أن نتبرّر قدام الله.. لكن من أجل انسحاقنا هو يقبلنا.
4) «لأنَّ العَدوَّ قد اضطَهَدَ نَفسي، وأَذلّ فِي الأرضِ حَياتي» ففي مرات كثيرة يسلمنا الرب للتاديب بسبب خطايانا، سواء للأعداء الروحيين أو الجسديين، لكن قيام الأعداء كثيرًا ما يدفعنا للتوبة.
5) «تذَكَّرتُ أيّامَ القِدَمِ. لهِجتُ بكُلِّ أعمالِكَ» تذكر داود غلبته للأسد والدب، ونصرته على جليات، ومعونة الرب له في قيام شاول عليه، وهذه ساعدته أن يجتاز المرارة والضيق. هكذا نحن، فإن تذكُّر أعمال الرب في حياتنا يشجعنا، ويمنحنا روح الرجاء في توبتنا، كما يساعدنا أن نخرج من كل ضيقة.
6) «بَسَطتُ إلَيكَ يَدَيَّ، نَفسي نَحوك كأرضٍ يابِسَةٍ» ربما في خطيتنا تمر علينا مشاعر الاقتراب من الموت ونصير بلا تعزية، ونشعر أن أفكارنا يابسة من كل رجاء، وهنا يعلن معلمنا داود أن الأيدي المرفوعة هي أفضل مخرج من الحياة اليابسة، حتي إن شعرنا أنه لم تبقَ لنا قوة لنرفع أيدينا، علينا أن نصرخ للرب بقلب تائب: أعطني القدرة لأرفع يديّ نحوك. ففي ضيقنا وابتعادنا عن الرب، ينبغي ألّا نلجأ للتسلية أو الأصدقاء أو مسرات العالم، بل نحتاج أن نرجع إلى الرب بقلب تائب، ونرفع أيدينا نحوه.
7) «أسرِعْ أجِبني.. أسمِعني رَحمَتَكَ» حياة التوبة كثيرًا ما تدفعنا لاختبار حقيقي للعشرة مع الرب والحوار الدائم معه، فتصير حياتنا خبرة حيّة مع الله، وهذا يجعل حياتنا تغتني بالرب، فنحن نطلبه.. وهو يسمعنا.. ويجيبنا.. فنسمعه.. وهكذا نختبره.
8) «لأنّي إلَيكَ رَفَعتُ نَفسي» في مرات كثيرة تقودنا الخطية إلى الضجر، لكننا يجب أن نحرص ألّا نسلّم أنفسنا لمشاعر الضجر بل نقاومها، ونتمسك في توبتنا أن نغصب أنفسنا على الكنيسة والصلوات والاشتراك في الأسرار، والحرص على التعلم من الكتب المقدسة، وهذا هو جهاد التوبة...



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx