اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون08 سبتمبر 2017 - 3 نسئ 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

خطورة الشهوات

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

08 سبتمبر 2017 - 3 نسئ 1733 ش

والمقصود بها الشهوات الأرضية التي تحارب النفس وتتسبّب في هدم البناء الروحي عند كثيرين. وفي (يع4: 1) «مِنْ أين الحُروبُ والخُصوماتُ بَينَكُم؟ أليستْ مِنْ هنا: مِنْ لَذّاتِكُمُ المُحارِبَةِ في أعضائكُمْ؟». ويؤكد الأب بيامون: "إن البناء متى اهتز وسقط لا يكون العيب في الرياح التي تهب، بل في عدم تأسيس البناء على أَسَاسٍ قوي"، بمعنى أن هزيمة الإنسان أمام غضب أو شهوات، فالسبب ليس في الحروب التي تحارب النفس ولكن في الضعف الروحي الداخلي بسبب الخصومات.
يقول القديس أغسطينوس: "في الحرب الروحية ننتصر على الشياطين حين ننتصر على شهواتنا، لأننا بانتصارنا على ضعفنا ننتصر على الشيطان الذي يسبب لنا محاولات قهرنا بالشهوة". وذهبي الفم يؤكد: "لا يضرك أحد إن لم تضر أنت نفسك بنفسك، وإن كنت لا تضعف فإن كل تهديدات العدو وحروبه لا تهددك، لأن الله ينتشلك حتى لا يقترب منك العدو"، وهذا ما ترجمة الكتاب المقدس بعبارة «تشتَهونَ ولَستُمْ تمتَلِكونَ» كمن يبحث عن سراب غير حقيقي.
+ الشهوات الأرضية تفقدنا سلامنا مع الله: لذلك في (يع4:4) «أيُّها الزُّناةُ والزَّواني، أما تعلَمونَ أنَّ مَحَبَّةَ العالَمِ عَداوَةٌ للهِ؟ فمَنْ أرادَ أنْ يكونَ مُحِبًّا للعالَمِ، فقد صارَ عَدوًّا للهِ»، فالله يريدنا أن نعيش في العالم، ولكن القلب ملك لله، ينظر إلى الأبدية، فيصير نبع سلام. والروح القدس الذي فينا يشتاق إلى المقدسات التي تنفعنا فنتقدم إليها بخطى قوية، كما جاء في (يع4: 5)، فإلهنا إله غيور علينا، يريدنا ملكه وليس ملكًا لشهوات زائلة لا تدوم.
كمثال: الملك أخاب الذي اشتهى مُلك نابوت اليزرعيلي، وحين رفض قتله بتشجيع من زوجته إيزابل، فجاءه إيليا النبي قائلًا: «في المَكانِ الّذي لَحَسَتْ فيهِ الكِلابُ دَمَ نابوتَ تلحَسُ الكِلابُ دَمَكَ أنتَ أيضًا» (1مل21: 19)، وكان مثالًا لمن يطلبون ولا يأخذون لأنهم يطلبون رديًا لكي يُنفقوا في لذّاتهم (يع4: 3).
+ فشهوة الامتلاك: تقود إلى ضياع كل شيء، ويقول القديس غريغوريوس: "حين نطلب ملكوت الله نطلب خلاص الله، فيصير كُلَّ شيء مقدسًا لنا إذ ننال من يد الله ما نحتاجه، وهذا قصد كلمة الله: «اطلبوا أولًا ملكوت الله وهذه كلها تُزاد لكم» (مت6: 33)" أي احتياجاتنا.
ويرى الآباء أن ذات الإنسان وهي سبب الشهوات مرتبطة بالكبرياء، ومن هنا كان سبب الكسر «قَبلَ الكَسرِ الكِبرياءُ، وقَبلَ السُّقوطِ تشامُخُ الرّوحِ» (أم16: 18). والحل الذي يقدمه لنا كلام الله هو «فاخضَعوا للهِ. قاوِموا إبليسَ فيَهرُبَ مِنكُمْ» (يع4: 7)، وهذه هي النصيحة التي تجلب النصرة، ومثلها ما ورد في (أف6: 11، 13) «البَسوا سِلاحَ اللهِ الكامِلَ لكَيْ تقدِروا أنْ تثبُتوا ضِدَّ مَكايِدِ إبليسَ». وأيضًا نصيحة ثالثة «لا تُعطوا إبليسَ مَكانًا» (أف4: 27)، وبذلك تتحقّق النصرة على الذات والشهوات، وتتحرر النفس.
فالاقتراب من الله: كما طلب هو «اِقتَرِبوا إلَى اللهِ فيَقتَرِبَ إلَيكُمْ» (يع4: 8)، وحين يقترب النور تتبدد الظلمة. ثم تنقية الأيدي: «نَقّوا أيديَكُمْ أيُّها الخُطاةُ» (يع4: 8)، فاليد النقية مطلوبة.
ويقول القديس إكلمنضس: "ليتنا نقترب من الله في قداسة النفس، رافعين أيادٍ نقية غير دنسة"، وهذا يوصّل إلى نقاوة القلب وطهارته، فلا يكون الإنسان ذا رأيين وهذا ترمومتر العبادة.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx