اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون22 سبتمبر 2017 - 3 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعددان 37-38

اخر عدد

الثمار المفرحة

قداسة البابا تواضروس الثانى

22 سبتمبر 2017 - 3 توت 1734 ش

نشكر الله كثيرًا أنه أعطانا أن نزور أستراليا في برنامج مُكثَّف للغاية، ورغم آلامنا الجسدية والتي لم تفارقنا حتى الآن، إلّا أن الله أفرح قلوبنا بثمار مفرحة للغاية في سيدني وكانبرا وملبورن، والتي كانت تحتاج عدة أسابيع في زيارات الكنائس والأديرة والأنشطة، وليس مجرد أسبوعين فقط.

أستراليا أصغر قارة في العالم، وسادس أكبر دولة في العالم، كما أنها أكبر جزيرة، والاسم "أستراليا" يعني "أرض الجنوب"، وعاصمتها السياسية كانبرا، وعاصمتها الثقافية ملبورن، وعاصمتها الاقتصادية سيدني.

وقد بدأت خدمتها عام 1969م في حبرية القديس البابا كيرلس السادس، الذي أرسل الأب القمص مينا نعمة الله ليقيم أول قداس في ملبورن ثم في سيدني، ليبدأ بعد ذلك مشوار خدمة الكنيسة القبطية في أستراليا، والذي راعاه المتنيح البابا شنوده الثالث بستة زيارات آخرها عام 2002م، حيث تأسست إيبارشية ملبورن عام 1999م بتجليس نيافة الأنبا سوريال أسقفًا لها (وقد رُسِم أسقفًا عامًا عام 1997م)، ثم إيبارشية سيدني عام 2002م بسيامة نيافة الأنبا دانييل أسقفًا لها. وفي عام 2009م تمت سيامة نيافة الأنبا دانيال أسقفًا ورئيسًا لأول دير قبطي في أستراليا وهو دير القديس الأنبا شنوده في سيدني. وخلال زياراتنا مع الوفد المصاحب تمتعنا بمحبة الجميع.

وقد رأيت أن أسجل هذه الثمار المفرحة والشاهدة على عمل يد الله القدوس في هذه البلاد البعيدة من خلال كنيستة المقدسة.

1- الكنائس وأنشطتها:

بعد ما يقرب من خمسين عامًا على بدء الخدمة في استراليا، صارت لنا عشرات من الكنائس في أنحاء البلاد لتقديم الرعاية الروحية والكنسية، التي يقوم بها أكثر من مائة كاهن وراهب. وقد كان لنا لقاء محبة بهم جميعًا في ضيافة إيبارشية ملبورن، كما عقدنا اجتماعًا مسائيًا في سيدني مع الآباء الكهنة وأسرهم، ولقاء آخر بالآباء الكهنة وأسرهم في ملبورن أثناء برنامج آخر يوم في الزيارة. والجميع يعمل ويخدم ويتعب في هذه البلاد الواسعة ومع الوافدين من دول كثيرة.

وبجوار الأنشطة المعتادة في كنائسنا تمتّعنا في كل من سيدني وملبورن بأنشطة الكورال وعروضهم المتميزة، كما تمتعنا بأنشطة خوارس الشمامسة وإتقانهم للحن القبطي الأصيل..

وخلال الزيارة وضعنا حجر الأساس لعدة كنائس جديدة تعبّر عن حيوية الكنيسة القبطية المصرية وازدهارها.

2- المشروعات الكنسية:

الكنسية تمتد والخدمة تزدهر وتثمر، وكان من أبرز أيام هذه الزيارة افتتاح برج ابؤرو (ملك السلام) يوم 10/9/2017، وهو مشروع عملاق بدأ منذ 7 سنوات، ويرتفع 43 طابقًا، تُخصَّص الأدوار الأربعة الأولى كمقرّ لمطرانية ملبورن ومقر للكلية اللاهوتية، مع كل الأنشطة المصاحبة، في تصميم هندسي ومعماري رائع، والكنيسة فيه مُزيَّنة بأيقونات رفيعة المستوى.

ويقع البرج في وسط مدينة ملبورن والحائزة على جائزة أفضل مدينة للحياة والعيش على مدار السبع سنوات الأخيرة. وقد حضر الاحتفال عدد كبير من الرسميين الأسترال والمصريين، ومنهم السيدة الوزيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة المصرية، مع وفد برلماني يضم السيد محمد السويدي (زعيم الأغلبية)، والدكتورة أنيسة حسونة، والدكتورة ماريان عازر.

وفي سيدني وضعنا في بدء زيارتنا حجر الأساس لمقر مطرانية سيدني الجديد، واستمعنا لشرح مُفصَّل عن المشروع الذي نرجو أن يكتمل سريعًا.

3- المدارس القبطية:

بدأت فكرتها منذ أكثر من 26 سنة، وكان يشجعها كثيرًا المتنيح البابا شنوده الثالث. وقد زرنا ثلاث مدارس في سيدني، ومدرسة في ملبورن، وقد تعب فيها عدد من الآباء الكهنة والأراخنة المشهود لهم. وهناك احتياج للمزيد منها. وتشعر بالروح المصرية والقبطية بين طلاب هذه المدارس التي لها دور كبير جدًا في التواجد القبطي.. لقد فرحنا ونحن نستمع منهم أناشيد وألحان باللغات العربية والقبطية والإنجليزية، كما أنهم يدرسون الكثير عن مصر وتاريخها وحضارتها..

إن الحكومة الاسترالية تدعم بسخاء هذه المدارس خاصة مع نجاحها ومستواها المتقدم.

4- الكليات اللاهوتية:

تعتبر كلية القديس أثناسيوس اللاهوتية في ملبورن “SAC” هي أول كلية إكليريكية قبطية معتمدة من الجامعة في أستراليا، وصار لها حق منح شهادات الماجستير والدكتوراه، وبها هيئة تدريس متميزة، ونيافة الأنبا سوريال أسقف ملبورن هو عميدها، وقد حصل على الدكتوراه عن شخصية الأرشيدياكون حبيب جرجس الذي كان نورًا وسط الظلام. وقد حضرنا حفل تخريج دفعة جديدة من الدارسين المتميزين بالكلية.

كما أن في سيدني كلية إكليريكية منذ زمن طويل، وقام على رعايتها أراخنة أفاضل لعشرات من السنوات، والآن بدأت بداية جديدة في التعاون العلمي مع جامعة ماك كوري، وتغير اسمها إلى كلية القديس كيرلس "عمود الدين". وقد كان لنا بركة زيارة الكليتين وإلقاء كلمات بهما، بحضور أعضاء هيئة التدريس مع بعض الدارسين والضيوف.

5- الأديرة القبطية:

في سيدني يوجد دير القديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين الذي بدأ عام 2002م، وتم الاعتراف الكنسي به عام 2009م، وقد قضينا ليلة صلاة وتسبحة وقداس وجلسة روحية مع رهبان الدير العامر.

وتحت الإنشاء دير للراهبات في كوينز لاند.

أمّا في ملبورن، فقد زرنا دير الأنبا أنطونيوس للرهبان وبه راهبان، كما زرنا دير الملاك ميخائيل للراهبات وبه راهبتان مع أخت طالبة رهبنة..

وكل هذه الأديرة تتمتع بإمكانيات طيبة وينتظرها مستقبل زاهر إن حافظت على الحياة الرهبانية والتقاليد الديرية وسط المجتمع الجديد.

6- الشباب والمستقبل:

كان من دواعي سرورنا أن الشباب والشابات هم الذين قاموا بتنظيم كل الفعاليات التي حضرناها في زياراتنا. لقد حضرنا اجتماعًا شبابيًا كبيرًا في كل من سيدني وملبورن.. وكنت سعيدًا وأنا أحيي كل الحضور فردًا فردًا. وكم تلامست مع محبتهم وحضورهم المفرح وخدمتهم الجميلة. هم بالحقيقة المستقبل المشرف، والاهتمام بهم أولوية أولى وسط مجتمع كبير مفتوح لم تعد فيه حدود لحفظ التقاليد والقيم التي عرفناها في إيماننا المسيحي. على سبيل المثال: هناك توتر فكري عنيف حاليًا عما يُسمَّى بالزواج المثلي Same sex marriage والذي لا نعرفه ولا نقبلة في إيماننا ولا حياتنا، وكيف يقف الشباب الواعي رافضًا مثل هذه الانحرافات، كذلك من الاحتياجات المهمة توفير مطبوعات روحية واجتماعية متاحة أمام الجميع. وكان من أسئلتهم التي تكررت: ما هو الكتاب الذي أثّر فيك؟! وهذا ينمّ عن رغبة القراءة والمعرفة التي يحتاجونها. لقد شاهدت عدة مطبوعات وكتب في الكنائس وفي دير الأنبا شنوده، واعتقد أن الأمر يحتاج المزيد والمزيد.

7- الخدمات الاجتماعية:

لكل من الإيبارشيتين خدمات اجتماعية واسعة ومن خلال مؤسسات اجتماعية مسجلة ومنضبطة ماليًا.. ففي سيدني عقدنا اجتماعًا مع تسعة من ممثلي هذه الجمعيات الخيرية والتي تخدم الفقراء والمحتاجين في مصر والسودان، وأحد هذه الجمعيات هي لخدمة حالات الإدمان بين الشباب في أستراليا.

وكذلك في ملبورن مؤسسة الرجاء القبطي لها دور فعال في الخدمة الاجتماعية. بالإضافة لذلك زرنا بيتًا للمسنين في ملبورن، وعُرِض علينا مشروع جديد لتوسعته معماريًا. وفي سيدني حضرنا توقيع إنشاء بيت كبير للمسنين في خطوة جادة نرجو أن تُكلَّل بكل نجاح.

وأمثال هذه الخدمات الاجتماعية تعتبر رابطًا قويًا بين الكنيسة الأم والامتدادات الجديدة في كل اتجاه.

8- العلاقات المجتمعية:

كان من اللافت لنا العلاقات الطيبة التي للكنيسة في أستراليا مع الرسميين المحليين في المقاطعات، وأيضًا مع كل رموز المجتمع من الحكومة والمعارضة والبرلمانيين. لقد زرنا عددًا من الوزراء وأعضاء في البرلمان الأسترالي، وحضرنا مناقشة بين الحكومة والمعارضة في جلسة بالبرلمان، حيث تُعقَد هذه المناقشة يوميًا من 2-3 ظهرًا بصورة حضارية وإنسانية راقية، ويحضرها عدد من الطلبة والدارسين لبناء الفكر الديمقراطي الصحيح.. وتقابلنا مع أول عضور برلماني قبطي (بيتر خليل) والذي يمثل صورة مشرقة عن المستقبل.

كما زرنا الحاكم العام لأستراليا والذي رحب بنا كثيرًا، وأخذنا في جولة بالسيارة لحدائق القصر ومشاهدة حيوان الكنغارو والذي يُعتبر شعارًا لأستراليا بشكله المتميز.

9- العمل الكرازي:

قبل زياراتنا لأستراليا، زرنا اليابان – بلاد الشمس المشرقة – وبنعمة المسيح دشنّا أول كنيسة قبطية أرثوذكسية هناك، ورسمنا ثلاثة شمامسة يابانيين، وقد رُسم كاهن لها. وهذا عمل كرازي في إيبارشية سيدني والتي يمتد عملها أيضًا إلى تايلاند وبعض البلاد الأخرى، حيث تكون الكنيسة رسالة سلام ومحبة وخدمة في هذه المجتمعات.

وكذلك إيبارشية ملبورن لها عمل كرازي في جزر فيجي، وقد شاهدنا فيلمًا تسجيليًا عن الخدمة فيها (وهي تبعد عن ملبورن 5 ساعات بالطائرة)، والتي يقوم بها الأب الكاهن مع فريق من الخدام والخادمات، وشاهدنا ترانيم الصغار وألحان الكبار بصورة تدعو إلى الإعجاب. وهذا مجال جديد يخدم فيه أبناء الجيل الثاني والثالث من الشباب والشابات والذين يفرحون بهذا الدور وهذه المشاركة في خدمة الكنيسة.

10- الارتباط الوطني:

في كل مكان حضرنا إليه وعلى أي مستوى وبحضور السادة سفراء وقناصل مصر، كنا نتكلم عن مصر الوطن والتاريخ والحضارة والمستقبل.

إن عدد المصريين في أستراليا يفوق المائة ألف نسمة، ويشكّل الأقباط هناك ثاني أكبر تجمع خارج مصر. واعتقد أن الأمر يحتاج مزيدًا من الاهتمام من الحكومة المصرية بالزيارات المتتالية من السادة الوزراء والمسئولين، وإقامة بعض الأنشطة كالمعارض وغيرها والتي تدعم الارتباط بالوطن.. حقًا لقد هاجروا منذ عشرات السنين، ولكن قلوبهم ومشاعرهم واهتماماتهم مازالت في مصر. لقد كان حضور السيدة وزيرة الهجرة حضورًا متألقًا بالحقيقة مع الوفد البرلماني المصاحب، خاصة في مقابلاتهم مع قطاعات الشباب والأجيال الجديدة.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx