اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون22 سبتمبر 2017 - 3 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعددان 37-38

اخر عدد

البابا بطرس خاتم الشهداء

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

22 سبتمبر 2017 - 3 توت 1734 ش

ونحن نحتفل بتذكار عيد النيروز وبداية عام قبطي جديد، وسنة جديدة لتقويم آبائنا الشهداء، نتذكر سيرة القديس البابا البطريرك البابا بطرس، السابع عشر من بطاركة الكنيسة الأرثوذكسية، ذلك لأنه لُقِّب بـ"خاتم الشهداء"، وبدمائه انتهي عصر الاستشهاد المنظم الذي قادته الإمبراطورية الرومانية ضد المسيحية خلال عشر حلقات متواصلة من اضهاد المسيحيين، تعاقب فيها عشرة أباطرة وثنيين اضطهدوا الكنيسة وأذاقوها أمرّ الآلام.. ولكن طلبة هذا الأب البطريرك كانت أن تكون دماؤه هي آخر ما يُسفَك من دماء من ابناء الكنيسة.. نعم لم ينتهِ الاضطهاد ضد الكنيسة حتي اليوم، لكن الاضهاد الممنهج ضد الكنيسة انتهى بطلبة هذا الأب القديس.. ولنا في سيرته عدة دروس روحية هامة.

1- حرصت والدة البابا بطرس في طفولته أن تقدمه للكنيسة ليتربّى على يدي البطريرك السابق البابا ثاؤنا البابا السادس عشر على الكرسي المرقسي. وهكذا تتلمذ هذا القديس على يدي آباء الكنيسة، وهذا هو الأمر الهام الذي نحتاج أن نحرص عليه جميعًا، فالإيمان لا يُعرَف فقط بالعلوم اللاهوتية والمعارف النظرية، لكنه يُستلَم كوديعة حيّة نتسلّمها بالتلمذة والحياة على يد آبائنا ومعلمينا، لكي نأخذ من منهجهم وروحهم وفكرهم وفضائلهم؛ وهذا هو الإيمان الحيّ المعاش. فلا يكفي أن تمتلئ عقولنا بالمعرفة، ولكن يجب أن نحرص أن نتعلم ونعيش تحت رعاية آباء الكنيسة.

2- كان البابا بطرس حريصًا على الايمان الصحيح، فكان هو أول أب بطريرك عانى من بداية ظهور تعاليم آريوس قس الإسكندرية الهرطوقي، والذي بدأ يعلّم بإنكار لاهوت السيد المسيح. حقًا ينسب التاريخ الفضل للبابا أثناسيوس الرسولي أنه هو من وقف ضد آريوس في مجمع نيقية، إلّا أن أوّل من صرّح بأن تعاليم آريوس كانت خاطئة ومخالفة للإيمان الصحيح كان هو البابا بطرس، إذ حرم تعليم آريوس وبيّن ضلاله. فقد كان البابا بطرس حافظًا للإيمان، حريصًا على التعليم العقائدي الصريح.

3- قدم البابا بطرس درسًا للكنيسة كلها في ضرورة الاهتمام بالأسرار المقدسة، إذ قدّم لنا درسًا كيف نتعامل مع الأطفال الذين هم على حافة الموت، وكيف تحرص الكنيسة ألّا يُحرَموا من سر العماد قبل انتقالهم، فيحكي التاريخ عن أُم من مدينة أنطاكية ارتد زوجها عن الإيمان، وأرادت أن تعمّد ولديها، فركبت السفينة في طريقها للإسكندرية، وعندما هاج البحر وخافت الأم أن تفقد أولادها، جرحت ثديها ورشمتهم بعلامة الصليب المحيي ثم غطّستهم في المياة على اسم الثالوث، فلمّا هدأت الريح وقدّمت طفليها للبابا لكي يعمدهما تجمّدت مياه المعمودية، فلما علم البابا بالقصة مجّد الرب وأعلن قبول معموديتهم، مؤكِّدًا لنا جميعًا ضرورة الحرص على نوال الأطفال سر المعمودية، حتى وإن كانوا في أشدّ حالات المرض، لتحفظ الكنيسة لهم مكانًا في الملكوت السماوي.

4- قدمت لنا سيرة البابا بطرس درسا في محبة الراعي لرعيته وبذل ذاته عنهم، ومحبة الرعية أيضًا لراعيها وارتباطها به، فقد فضّل البابا بطرس عندما حُكِم عليه بالموت أن ينقب الجنود حائط السجن الخلفي ويمضوا به إلى ساحة الاستشهاد لأنه حرص ألّا يُصاب أولاده المتجمهرين أمام محبسه بسوء، وقدم صلاة أن يقبل الله دمه كآخر دم يُسفَك في عصور الاستشهاد.

5- أخيرًا قدمت حياة البابا بطرس درسًا روحيًا هامًا أن الانقسامات الداحلية بسبب البدع والهرطقات هي أقسى علي الكنيسة من الاضطهادات الخارجية، لأنها تُفقِد الكنيسة وحدتها، فلنبقَ إذًا حريصين أن نحتفظ جميعا بوحدة الإيمان الصحيح، ونحتفظ كلنا بوحدتنا مع راعينا.. ونصلي من أجل ان يحمي الرب كنيسته لا من الاضطهادات الخارجية فقط، بل بالأحرى من أجل أن يحفظ الرب للكنيسة وحدتها الداخلية.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx