اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون22 سبتمبر 2017 - 3 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعددان 37-38

اخر عدد

«أيجوز لكم أن تجلدوا إنسانًا رومانيًا غير مقضي عليه؟» (أع22: 25)

نيافة الأنبا سرابيون أسقف لوس آنجلوس

22 سبتمبر 2017 - 3 توت 1734 ش

عندما أمر الأمير الروماني أن يُفحَص القديس بولس بضربات ليعلم سبب الشكوى المُوجَّهة ضده، يقول سفر الأعمال: «فلَمّا مَدّوهُ للسّياطِ، قالَ بولُسُ لقائدِ المِئَةِ الواقِفِ: أيَجوزُ لكُمْ أنْ تجلِدوا إنسانًا رومانيًّا غَيرَ مَقضيٍّ علَيهِ؟» (أع22: 25). القديس بولس ذكّر قائد المئة بالقانون الروماني الذي لا يجيز معاقبة مواطن روماني دون محاكمة وحكم قضائي. قائد المئة ذهب للأمير رئيسه الذي أمر بجلد القديس بولس «وأخبَرَهُ قائلًا: «انظُرْ ماذا أنتَ مُزمِعٌ أنْ تفعَلَ! لأنَّ هذا الرَّجُلَ رومانيٌّ». فجاءَ الأميرُ وقالَ لهُ: «قُلْ لي: أنتَ رومانيٌّ؟». فقالَ: «نَعَمْ». فأجابَ الأميرُ: «أمّا أنا فبمَبلَغٍ كبيرٍ اقتَنَيتُ هذِهِ الرَّعَويَّةَ». فقالَ بولُسُ: «أمّا أنا فقد وُلِدتُ فيها». ولِلوقتِ تنَحَّى عنهُ الّذينَ كانوا مُزمِعينَ أنْ يَفحَصوهُ. واختَشَى الأميرُ لَمّا عَلِمَ أنَّهُ رومانيٌّ، ولأنَّهُ قد قَيَّدَهُ» (أع22: 26-29). القديس بولس كان مسيحيًا يعتز بإيمانه المسيحي ويدافع عنه ويكرز به ويحتمل الآلام لأجل المسيح، وكثيرًا ما احتمل الجلد لأجل المسيح (2كو11: 23-25)، وهو الذي قال: «لكن ما كانَ لي رِبحًا، فهذا قد حَسِبتُهُ مِنْ أجلِ المَسيحِ خَسارَةً» (في3: 7-8). فلماذا إذًا لم يقبل القديس بولس أن يُجلَد لأجل المسيح؟

القديس بولس كان أيضًا مواطنًا رومانيًا، وكان يعتز بهذه المواطنة، وكان يعتز بالقانون الروماني الذي لا يسمح بعقوبة شخص دون محاكمة، والقانون الذي كان يسمح للشخص الذي عندما يرى أن محاكمته ليست عادلة أن يرفع دعواه إلى قيصر. ولقد استخدم القديس بولس هذا الحق عندما وجد أن فيلكس الوالي وفستوس الذي تولى بعده لم يقدما لة محاكمة عادلة، لأنهما كانا يخافان من المشتكين عليه من رؤساء اليهود، لذلك قال القديس بولس لفستوس الوالي: «أنا واقِفٌ لَدَى كُرسيِّ وِلايَةِ قَيصَرَ حَيثُ يَنبَغي أنْ أُحاكَمَ... إلَى قَيصَرَ أنا رافِعٌ دَعوايَ!». استجاب فستوس الوالي بعد أن تكلم مع أرباب المشورة وقال: «إلَى قَيصَرَ رَفَعتَ دَعواكَ. إلَى قَيصَرَ تذهَبُ!» (أع25: 10-12).

نلاحظ الآتي:

1- القديس بولس الرسول لم يجد تناقضًا بين محبته للمسيح واستعداده لاحتمال الآلام حتى الموت لأجله، وبين أن يطالب بحقوقه كمواطن روماني وجد أن من الظلم حسب القانون الروماني أن يُجلَد بدون محاكمة، أو أن يُحاكَم ولا توجد تهمة حقيقية ضده، ولكن الوالي فيلكس وبعده فستوس لا يطلقان سراحه مجاملة وخوفًا من الغوغاء.

2- القديس بولس كان يعتز أنه مواطن روماني، ويرى أن المواطنة الحقيقية أن يطالب بحقوقه وليس أن يقبل الظلم حرصًا على سمعة الأمبراطورية الرومانية. عدم المطالبة بالحقوق تؤدي إلى استمرار الظلم، كما أن الحقوق تُؤخَذ ولا تُمنَح. فالقديس بولس لم يطلب منحة أو عطية من الأمير أو الوالي فستوس، بل طالب بحقه كمواطن روماني.

3- الأمير الروماني لم يعتبر طلب القديس بولس إساءة لسمعة الحكم الروماني، بل رأى أن الظلم هو الذي يسيء إلى سمعة النظام الحاكم، لذا يقول الكتاب المقدس: «واختَشَى الأميرُ لَمّا عَلِمَ أنَّهُ رومانيٌّ، ولأنَّهُ قد قَيَّدَهُ» (أع22: 29). كذلك أيضًا فستوس الوالي لم يعتبر طلب القديس بولس أنه يرفع دعواه إلى قيصر تشويهًا لسمعة الوالي أو الولاية في فلسطين، بل أعطاه هذا الحق.

4- الإساءة الحقيقية لسمعة الوطن تكون من الظلم واستمرار الظلم للمواطنين، وليس من جانب المواطنين الذين يرفضون الظلم.

5- علينا أن نذكّر الظالمين أننا وُلِدنا في هذا الوطن، وأننا مواطنون نطالب بحقوقنا بسبب حبنا لوطنا.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx