احتفالات عيد الميلاد المجيد
11 يناير 2013 - 3 طوبه 1729 ش
أهنئكم أيها الأبناء الأحباء بعيد الميلاد المجيد... راجياً لكم بركات مولود المذود المقدس من الفرح والخير والسلام في حياتكم وأعمالكم وعائلاتكم وكل عيد ميلاد وأنتم في ملء سلام الروح وكامل صحة الجسد...
الحدث الغني:
يعتبر التجسد وميلاد ربنا يسوع المسيح من أغني الأحداث في تاريخ البشر ... وفيه نتقابل مع نوعيات عديدة ربما تمثل كل الخليقة .. فمثلا: مع الأفراد: يوسف، هيرودس، مريم، أليصابات، سمعان. ومع الجماعات: الرعاة اليهود، المجوس الغرباء، الأطفال. ومع الحيوانات: في المذود، في تقدمات الهيكل... ومع السمائيين: الملائكة، بشارة الملاك. ومع المدن: الصغيرة "بيت لحم" الكبيرة "أورشليم"، الدول "مصر". ومع الألقاب: النجار، الملك، النبية، الشيخ، عمانوئيل......هو حدث غني جداً... ولكننا سنختار ثلاثة عناصر فقط:-
أولاً: الأسم الجديد عمانوئيل. ثانيا: الكيان الجديد التجسد.
ثالثا: العمق الجديد المحبة..
أولا: الأسم الجديد: عمانوئيل...
وترجمته "الله يكون معنا" باعتباره المستقبل وقد ورد في نبوة إشعياء قبل أن يصير واقعاً بحوالي سبعة قرون ".. ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد إبنا وتدعوا اسممه عمانوئيل" (اش14:7) وقد تكرر في (إش8:8) كما ورد مرة أخري بمعناه في (إش10:8) وتحقق علي أرض الواقع (مت23:1) مع ميلاد مسيحنا القدوس. وهذا هو ما عبر عنه ربنا يسوع المسيح في الصلاة الوداعية وهو علي بعد خطوات من الصليب حين قال ".. أريد أ، هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني..." (يو24:17). معني ذلك أن هذا اللقب لم يكتف بتحقيق أن يكون الله معنا فقط، بل اشتهي أن نكون أيضا معه... فالله صار معنا لهدف سامي أن نكون نحن أيضا معه. وإذا عدنا الي الوراء قليلا وقتما صارت البشارة إلي أمنا العذراء مريم وهي في ناصرة الجليل حيث يفتتح الملاك جبرائيل بشارته بهذه الكلمات"... سلام لك أتها الممتلئة نعمة. الرب معاك..." (لو28:1) فكانت هذه التحية بمثابة إقرار حقيقة قامة الإيمان التي تحيا فيها أمنا العذراء مريم حيث صارت مع الله مع كل القلب فصار الله معها في كل القلب. ومن هنا استمدت نقاوتها الفائقة التي استحقت معها أن تكون بالحقيقة فخر جنسنا. ويمكننا أن نعتبر هذا الاسم الجديد هو افتتاحية العهد الجديد التي صار الله معنا، ومتحداً فينا وبنا ولنا ... ويدوم هذا الوضع الجديد حيث نقرأ معا كلمات مسيحنا في الإنجيل المقدس للقديس متي الرسول "... ها أنا معكم كل الأيام إلي أنقضاء الدهر. آمين" (مت20:28) دلالة علي استمرار هذا الاسم الجديد- عمانوئيل – في الإنسانية ومثلاً في "الكنيسة" التي هي جسد المسيح بكل أسرارها وحياتها إلي انقضاء الدهر.
ثانيا: الكيان الجديد – التجسد...
يقول معلمنا بولس الرسول "عظيم هو سر التقوي. الله ظهر في الجسد" (1تي16:3) فتقوي الإنسان هي السر الذي به نفهم حقيقة هذا الكيان الجديد، فالتجسد ليس حدثاً ماضياً وقع في الزمن وانتهي... ولكن الله الذي ظهر في الجسد البشري ليفتقد الإنسان المغترب بعد ذلك الزمن الطويل منذ السقطة الأولي ومعصية المخالفة التي سقط فيها رأسا البشرية آدم وحواء... ها هو يأتي بالميلاد البتولي المعجزي ويدخل طبيعتنا بالسلطان الإلهي لأنه غير خاضع للطبيعة بل هو سيدها. فالميلاد وظهور ابن الله مولوداً هو لتأكيد حقيقية إنسانية وبشرية المسيح، وفي نفس الوقت كان ميلاداً بتولياً فريداً من عذراء لتأكيد حقيقة لاهوتية المسيح وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي "الكلمة في كله قد أتحد بالإنسان في كله". وفي هذا الكيان الجديد صارت هناك إمكانية أن يأتي الله ويسكن قلب الإنسان فعلا وحقيقة وهذا هو امتياز وفخر المسيحية بل وانفرادها حيث يتلاقي الخالق والمخلوق في تواصل تم فيه تحقيق الوعد الإلهي القديم (تك15:3) ، في ملء الزمان بعد أن طال انتظار واشتياق الإنسان الإنسان نحو ذلك حتي كانت العذراء فخر جنسنا هي الهدية التي قدمها البشر لله لتكون معمل الاتحاد الإلهي ونقطة الالتقاء بين السماء والأرض – بين الله والإنسان – بين العهد القديم والجديد... وها نحن نري طائفة الرعاة في برائتهم وبساطتهم بل ونقاوتهم يسعون نحو الإله المتأنس وليداً صغيراً في مذود صغير يصير هو بؤرة اهتمام كل الخليقة ... السمائيين بالتسبيح، والرعاة بالإعلان، والمجوس بالهدايا، والسماء بالنجم، والأرض بالحيوانات... لقد صار معنا أي حل بيننا، وصار فينا متحداً بالإنسان المؤمن، وصار لنا نعمة التبني فنكون أبناءه الأحباء وندعوه "أبانا" في كل حين.
ثالثا: العمق الجديد: المحبة:
الله محبة وبمحبته أخرج الأرض من العدم إلي الوجود ووهب الإنسان صورته ومثاله ولكن الإنسان أختار الضعف وأوجد نفسه خارج الفردوس طريداً بلا خلاص. ولكن الله لم يخلق ليدين ويهدم... بل ليخلص ويخلد (يو17:3) فكانت البداية هي تجسده لأنه "هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو16:3). فالله عندما خلقنا عرفنا أنه يحبنا ولكن عندما تجسد عرفنا أنه يحبنا جداً محبة لا تحد ولا توصف بل تتحدي أفهامنا وإدراكنا ومعارفنا... فالميلاد أعطانا بعداً روحياً أو وصفاً روحياً فائق العمق لم يختبره الإنسان من قبل.. لقد نلنا نعمة التبني وصرنا بالحقيقة أبناء الله "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون بإسمه" (يو12:1) فقد حل الأبن الكلمة في وسطنا وصار بكراً بين أخوة كثيرين" (رو29:8)... وهذا العمق الجديد نراه واضحاً في كل الذين اجتمعوا حول المذود فمثلا في يوسف النجار الشيخ الوقور حامل استقامة العهد القديم وحارس سر التجسد كذلك مريم العذراء المختارة دائمة البتولية حاملة صورة العهد الجديد وخادمة سر التجسد. كذلك نراه في إصرار المجوس الغرباء الباحثين عن الحقيقة والذين قدموا أتعابهم واجتهادهم وأوقاتهم قبل أن يقدموا هداياهم الثمينة من الذهب والمر واللبان. حتي الملائكة في تسبيحها تعطي... المجد لله في الأعالي .."لأنه تجسد وتعلن" ... السلام علي الأرض ..."لأنه صلب" ثم ... تفرح كل الناس..."لأنه قام". هذا العمق الجديد بالميلاد هو بدء أفراح موكب الخلاص وانتهاء الخصومة بين الله والبشر .. ها قد صارت المصالحة...
المسيح الهنا يبارك هذا العالم ويعطية السلام الحقيقي مع خالص محبتي لجميعكم وكل عام وانتم بخير
احتفلت الكنيسة القبطية في مصر وسائر بلاد المهجر بعيد الميلاد المجيد، وفي الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية رأس قداسة البابا صلاة القداس الالهي، اسُتقبل قداسة البابا في موكب مهيب من المقر البابوي حتى الكنيسة عند التاسعة والنصف مساءا واشترك مع قداسته أصحاب النيافة الاساقفة العموميون: الانبا رويس، والانبا موسى، والانبا بطرس، والانبا دانيال، والانبا يؤانس، والانبا مكسيموس، والانبا مارتيروس، والانبا ارميا، والانبا صليب، مع كل من القمص سيرافيم السرياني والقس أنجيلوس اسحق سكرتيري قداسة البابا، والاباء الكهنة بالكاتدرائية ومعهم القس أنطونيوس فخري باسقفية الشباب، كما اشترك في الصلاة أحد الاباء الكهنة الاثيوبيين، وقد شهدت الكاتدرائية حضورا كثيفا من المهنئين من كافة أطياف المصريين، وألقى قداسة البابا كلمة عميقة عن الميلاد تجدها بين صفحات هذا العدد، كما قدم الشكر لجميع المهنئين وعبر عن أجمل أمانيه لمصر والمصريين والعالم أجمع، كما شهدت الكاتدرائية أكثر من ستين من مندوبي وكالات الانباء والقنوات الفضائية القبطية والمسيحية والرسمية والعربية والعالمية، واشترك في صلوات القداس خورس الكلية الاكليريكية بقيادة المرتل ابراهيم عياد، وزدت الكاتدرائية بعدد كبير من الشاشات، كما قادت فرق الكشافة الكنسية عملية النظام بالكاتدرائية، كما قام رجال الامن ورجال المرور بحهد كبير لحفظ النظام في تلك الليلة. وقد بينما استمرت الصلوات حتى الواحدة والنصف صباحا، وشهد القداس عددا فائقا من المتناولين، وكانت ليلة مبهجة.
وفي صباح يوم العيد استقبل قداسته وفودا كثيرة من المهنئين ثم اتجه ليلا الى دير القديس الانبا بيشوي ليستقبل وفدا اخرى عديدة من الاباء المطارنة والاساقفة والاباء الكهنة ورهبان الاديرة والاكليروس وأعداد غفيرة من أفراد الشعب، واستمر قداسته في استقبال المهنئين في الدير حتى مساء الاربعاء ثم عاد قداسته الى المقر البابوي في الانبا رويس بالقاهرة.
أوفد قداسة البابا الأنبا تاوضروس الثاني، نيافة الحبر الجليل الأنبا رافائيل الأسقف العام وسكرتير المجمع المقدس، لصلاة عيد الميلاد المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالأسكندرية، وقد رأس نيافته صلاة قداس العيد ومعه كهنة الكاتدرائية وقدم لشعب الأسكندرية تهنئة قداسة البابا بالعيد، وقدم الشكر كذلك للمسؤولين الذين حضروا الصلاة للتهنئة، وألقى عظة عميقة عن عناية الله ومحبته للبشرية التي تجسدت في الميلاد.
كما استقبل نيافته ومعه القمص رويس مرقس وكيل البطريركية صباح يوم العيد، السيد محافظ الأسكندرية، ونائب المحافظ والقيادات الأمنية والتنفيذية والحزبية، التي حضرت للتهنئة وكانت فرصة لتبادل كلمات المحبة