إبيفانيا
11 يناير 2013 - 3 طوبه 1729 ش
الكلمة "إبيفانيا" تُقال عن عيد الظهور الإلهي عند عماد السيد المسيح في نهر الأردن وحلول الروح القدس عليه «بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ» (لوقا 3: 22) وانفتاح السماء وصوت الآب يقول على مسمع من يوحنا المعمدان والسيد المسيح بالطبع: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (متى 3: 17).
لكن الكلمة نفسها هي كلمة يونانية مركّبة من مقطعين "إبي" (Epi) و"فانيا" (phania). ومعنى مقطع "إبي" أي "فوق" أما معنى كلمة "فانيا" فهي من الفعل "فينو" (phaino) أي يضيء أو يظهر، وبذلك تكون كلمة "إبيفانيا" معناها "يظهر من فوق" ولذلك تُطلق على "الظهور الإلهي" في وقت عماد السيد المسيح، وعلى عيد الغطاس.
وقد وردت كلمة "إبيفانيا" في (تسالونيكي الثانية 2: 8) «بِظُهُورِ مَجِيئِهِ» وهي عن ظهور السيد المسيح في مجيئه الثاني. كما وردت في (تيموثاوس الثانية 1: 9،10): «بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَ النِّعْمَةِ الَّتِي اعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، إِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ». وقد وردت في هذا النص كلمة "بظهور" نطقها "إبيفانياس" نتيجة التصريف اللغوي. وهذه عن مجيء السيد المسيح الأول وإتمامه الفداء.
إن أهمية عيد الظهور الإلهي هي أن الثالوث القدوس قد صار ظاهرًا حيث أن الابن الوحيد الجنس الذى تجسّد من أجل خلاص البشر كان صاعدًا من مياه الأردن، واقترن ذلك بالعلامة التى أُعطِيت ليوحنا المعمدان وهي حلول الروح القدس على ابن الله المتجسد بهيئة جسمية مثل حمامة، وأيضًا انفتاح السماء في نفس ذلك الحدث ومجيء صوت الآب السماوي يشهد لألوهية الابن الذي هو موضوع سرور الآب قبل الأزمنة الأزلية، وأيضًا في تجسّده وطاعته الكاملة للآب في كل شيء بحسب إنسانيته. وبهذا يكون الثالوث قد أُعلِن في ذلك الحدث بشهادة يوحنا المعمدان.
وقد تحقّق قول إشعياء النبي في نبوّته عن هذا الحدث حينما كتب بفم السيد المسيح: «رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ. وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ» (إشعياء 61: 1، 2؛ لوقا 4: 18، 19) لقد مسح الآب بالروح القدس ابنه الوحيد المتجسد، ولذلك دُعِي "المسيح" بأداة التعريف؛ فهو ليس مجرد مسيح للرب لكنه هو المسيح أو "المسيا" المنتظر. أمّا عن مسحه بالروح القدس؛ فإن ذلك كان من ناحية إنسانيته وليس من حيث لاهوته لأن له نفس الجوهر الإلهي مع الروح القدس والآب