ميلاد المسيح
البابا تواضروس الثاني
11 يناير 2013 - 3 طوبه 1729 ش
أبنائي وأخوتي الأحباء في كل مصر وكل بلاد العالم.. أهنئكم بعيد الميلاد.. ميلاد السيد المسيح ـ المجيد وإذ أرحب بكم في بداية عام جديد يبدأ فيه الله معنا عاما جديدا
حسنا يملأه ببركات الفرح والخير والسلام في ربوع بلادنا المحبوبة مصر.. في كل بيت وفي كل قلب وفي كل العالم. إن أغني حدث في تاريخ البشر هو ميلاد السيد المسيح والذي دخل إلي الزمن ليجعله محددا حيث صار هناك تاريخ ما قبل الميلاد وتاريخ ما بعد الميلاد, ولكنه ليس حدثا ماضيا وقع في الزمن وانتهي.
لقد جاء السيد المسيح ليفتقد الإنسان المتغرب بعد سقطته الأولي ومعصية المخالفة التي سقط فيها رأسا البشرية آدم وحواء وامتدت تلك السقطة إلي جميع البشر كما يقول داود النبي العظيم الذي ظهر بعد الخليقة بأجيال واجيال بالخطايا ولدتني أمي( مز51:5). في حدث الميلاد نتقابل مع شخصيات عديدة من الرجال والنساء, الأغنياء والفقراء من ذوي المقام الرفيع ومن أصحاب المقامات المتدنية, ومن بين هؤلاء يمثل الرعاة مركز الصدارة في مقدمة الأحداث كانوا رعاة البادية يحرسون حراسات الليل علي رعيتهم.( لو8:2) حياتهم بدائية وهم قوم رحل من مكان لمكان وكانوا دائما موضع اتهام عند فقد أي شيء, كما أن المحاكم لم تكن تقبل شهادتهم.. إلا أنهم كانوا أصحاب قلب بسيط نقي.. وسط الأجواء الباردة وظلام الليل يقومون بأعمال الحراسة بمنتهي الأمانة.. لم يكن هناك رقيب عليهم إلا ضمائرهم وقلوبهم لقد أختارهم الله لهذه الأسباب مجتمعة... أمناء... أنقياء.... بسطاء... بلا عيب نقرأ من الإنجيل المقدس في بشارة معلمنا القديس لوقا للرسول عن هؤلاء الرعاة الذين تلقوا أول أخبار ميلاد السيد المسيح حيث قيل فقال لهم الملاك: لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب لوقا2:10 وفي هذه الكلمات القليلة نجد أربة رسائل مهمة لنا نحن البشر:
الرسالة الأولي: فقال لهم الملاك والملائكة سكان السماء ولذا هم يقدمون رسالة سماوية عطرة.. وما أبهج أن تخاطب السماء أرضنا ورغم أنه علي كوكب الأرض وجدت الحروب والمنازعات والخصومات بين البشر.. إلا أن السماء مازالت تشتهي أرضا تخلو من كل هذه الصراعات بل وتأتي الملائكة كأرواح خادمة وتعلن رغبة السلام بأخبار سارة وبشري مفرحة
الرسالة الثانية: لا تخافوا وهو وعد سماوي نجده عبر أسفار الكتاب المقدس مرارا وتكرارا. فهذا الوعد هو احتياج حقيقي للإنسان أينما وجد, أنها بالحقيقة رسالة طمأنينة( تيموثاوس الأولي2:1-2) وقد سبق أن قال السيد المسيح لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت( لو32:12). الخوف أحد مظاهر حياة الإنسان وقد يكون في الحدود الطبيعية وقد يمتد إلي الحدود المرضية, وروح الخوف تسري في المجتمعات لأسباب كثيرة ومتعددة الجوانب ليس المجال لذكرها الأن وإنما قصدت أنه يجب أن نبحث عن رسائل الطمأنينة في حياتنا حتي نحيا في سلام فالخطية أحد مسببات الخوف وانتشار الخطية بكل صورها عار علي الشعوب وعلي الإنسان أيضا.. أما وعود الكتاب المقدس عن هذه الطمأنينة فأنها عديدة ففي العهد القديم ومن سفر المزامير نقرأ: الرب نوري وخلاصي ممن أخاف. الرب حصن حياتي ممن أرتعب( مز27:1) وفي العهد الجديد نقرأ في نهاية الإنجيل المقدس لمعلمنا متي البشير.. وها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر أمين( متي28:20).
الرسالة الثالثة: وها أنا أبشركم بفرح عظيم الفرح أؤ رسالة الفرح التي يحتاجها الإنسان هي الرسالة الثالثة حيث يشتاق للسعادة ويجد في أثرها. بشري الفرح كوصية أفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا( فيلبي4:4) أن بعد الإنسان عن الروحيات واندفاعة نحو ماديات هذا العالم جعلت قلبه يجف من الوجود الإلهي في حياة البشر وفي مثل الابن الضال ظن أن سعادته هي في تترك ووطنه واندفاعه نحو بلاد بعيده وهو يقتني أموالا كثيرة.. ولكن هيهات لقد أكتشف الحقيقة أن سعادته في بيته عندما يتخلي عن ضعفاته وسقطاته وخطايات لن يشعر الأنسان بالفرح الحقيقي طالما هو في غربة موحشة. عندما يتوب عن كل شر تبدأ رسالة الفرح في حياته وفي قلبه وأن ثقل الخطية التي هي الكارثة الوحيدة في العالم قد أنزاح من فوق صدره ليتمتع بحياة كلها فرح وسلام وسعادة وهناء.
الرسالة الرابعة: يكون ـ هذا الفرح ـ لجميع الشعب أنها رسالة جماعية وليست فردية.. لكل أسرة ولكل الأسرة في احدي معجزات السيد المسيح التي أقام فيها لعازر الذي كان يعيش مع أختيه مريم ومرثا.. قدم لهم السيد المسيح أخبارا سارة وبالتالي علينا أن نفرّح الأخرين وتكون وسيلة لنقل هذا الفرح لكل أحد. فرحنا اليوم فرح سماوي بلا خوف وحقيقي وبلا فردية. أن فرح الميلاد هو بدء موكب الخلاص ليبارك السيد المسيح في حياتنا ويمنح أن نعيش هذه المعاني.
إننا نصلي من أجل بلادنا مصر المحبوبة.. نصلي من أجل سيادة الرئيس د. محمد مرسي وكل المسئولين فيها.. نصلي من أجل سلامها وأمنها وانطلاقها الاقتصادي والاجتماعي نصلي من أجل العالم كله خاصة المناطق التي فيها صراعات أو حروب التي لا تحقق أي نتيجة ايجابية