كلمة المطران منير حنا فى حفل تأبين البابا شنودة
المطران منير حنا مطران الكنيسة الأسقفية بمصر
08 مارس 2013 - 29 أمشير 1729 ش
لقد كان قداسة البابا شنوده نموذجًا للراعي الأمين الذي يرعى كنيسة الله، حيث كرّس نفسه لتعليم شعبه بصفة منتظمة على مدى أكثر من أربعين عامًا، كان يجتمع مع شعبه كل يوم أربعاء، ليجيب عن أسئلتهم و يعلّمهم من الكتاب المقدس. لقد نمت الكنيسة الأرثوذكسية في عهد قداسة البابا شنوده بطريقة غير مسبوقة، فقد دشن قداسته كنائس وأديرة جديدة في جميع قارات العالم، وقام بسيامة أكثر من مئة أسقف، واهتم بالتعليم اللاهوتي فأنشأ عدّة من كليات اللاهوت في مصر والعالم، كما اهتم قداسته بشباب الكنيسة وقام برسامة أساقفة لشباب الكنيسة ووثّق انتماء الشباب للكنيسة، وكراعٍ أمين اهتم باحتياجات الفقراء و المهمَّشين وواظب على الاجتماع معهم كل يوم خميس ليستمع لهم و يساعدهم ماديًا وروحيًا.
لقد كان قداسته يشعر بهموم و متاعب الشعب وكان ينادى بحقوقهم، وكان هذا وراء تحديد إقامته وعزله من منصبه كبطريرك للكنيسة، لكن الله بيد قوية أعاده إلى كرسيه، و بالرغم من ذلك لم يتسلّل لقلبه أي شعور بالمرارة نحو بلاده وبلادنا مصر، بل كان قلبه ينبض بحب مصر، فهو صاحب المقولة الشهيرة: "مصر ليست فقط وطنًا نعيش فيه، إنما هي وطنٌ يعيش فينا". و أنا أقول أن قداسة البابا وضع الشعب كله بمسلميه و مسيحيّيه في قلبه، لذلك عاش قداسة البابا في قلب الشعب كله.
إن رحيل قداسة البابا في هذا الوقت الذى تمرّ فيه مصر بفترة انتقالية يؤثّر في مشاعرنا جميعًا، كان قداسته له اهتمامات خاصة بوحدة الكنيسة وبالعمل المسكوني؛ فرأس مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط، وعمل وبذل جهده لوحدة الكنيسة. ونحن ككنيسة أسقفية نرتبط ارتباطًا وثيقًا بالكنيسة الأرثوذكسية التي هي الكنيسة الأم في مصر، فلقد كان قداسته مشجّعًا لي شخصيًا وللكنيسة، ولعب دورًا رائعًا في التقارب بين الطوائف المسيحية بكونه بابا أكبر كنيسة في الشرق الأوسط. لقد شرّفنا قداسته عندما قبل نوال الدكتوراة الفخرية من أحد كليات اللاهوت الأسقفية بالولايات المتحدة الأمريكية. إننا نصلى في كل كنائسنا من أجل أن يعطي الكنيسة كلها على مختلف طوائفها العزاء و الصبر و السلام. وتعزيتنا أن قداسة البابا هو صاحب المقولة الشهيرة: "ربنا موجود"؛ ونحن نثق أنه الآن يتمتع بملء الوجود الإلهي.
إننا نشكر إلهنا من أجل حياة قداسة البابا التي ستظل عالقة في أذهاننا و في فكرنا و في قلوبنا.