اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون14 سبتمبر 2018 - 4 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

على الجبال أرفع بكاءً ومرثاةً (إر9: 10)

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

14 سبتمبر 2018 - 4 توت 1734 ش

الظبي يا إسرائيل مقتول على شوامخك... كيف سقط الجبابرة؟!! الأنبا إبيفانيوس على شوامخك مقتول... قد تضايقت عليك جدًا يا أخي الأنبا إبيفانيوس... كنت حلوًا ووديعًا لنا جميعًا جدًا... كيف سقطت يا جبار البأس وبادت آلات حربك؟!! كيف انفصم حبل فضتك، وانسحق كوز ذهبك، وانقصفت بكرتك عند قلايتك؟؟!! (2صم1: 19-27؛ جا12: 6).

هكذا يحلو لي أن أقتبس كلمات دواد النبي وسليمان الحكيم راثيًا وباكيًا أسقفًا جليلًا أُهرِقت دماؤه بغدر وغِلٍّ على أعتاب قلايته. تلك القلاية التي شهدت على مدار سنوات طويلة كتابة فصول عديدة من رواية حب دافق لنفس رقيقة عذبة عزمت أن تنسكب سكيبًا عند قدمي عريسها، مصممة على أن تحتمل حتى النفس الأخير بصير ومثابرة ووداعة كل صروف اتضاعها وإماتتها، لكي تُحضّر إلى عريسها كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان وبكل أذرّة التاجر.

يا ليت جدران قلايتك تتكلم فتخبرنا عن أسرار جهادك، وأسهارك، وأصوامك، ومطانياتك، وانكبابك على الدراسة والمعرفة، وكلمات دموعك، وتنهدات نفسك، وخفقات قلبك يا أبانا المطوَّب من قِبل السمائيين والأرضيين!!

لنا ثقة كبيرة أنه إن كان «نبوخذ نصر ملك بابل هرس عظامك» (إر50: 17)، وإن كان الذين قتلوك فكروا قائلين: «لنهلك الشجرة بثمرها ونقطعه من أرض الأحياء فلا يُذكَر بعد اسمه» (إر11: 19)، إلّا أن عظامك المهروسة صارت مثل بخور مسحوق يحمل صلوات الكنيسة إلى حضن الآب حيث تستقر الآن، وأن شجرتك التي نُزِعت بلا رحمة من أرض الأحياء صارت شجرة كبيرة في ملكوت الله، يأتي إليها كل أبنائك ومحبيك لكي يتآووا في أغصان صلواتك ويستنيروا بضياء تعاليمك!!

أما عن الكنيسة الحزينة الباكية على ما شهدته من غُمة كئيبة فأقول لها: «استيقظي استيقظي، البسي ثياب عزّك يا صهيون، البسي جمالك يا أورشليم المدينة المقدسة» (إش52: 1). انظري هوذا الله قد وعد قائلًا: «أعاقب بيل في بابل، وأخرج من فمه ما أبتلعه» (إر51: 44). نعم، هو وحده القادر أن يخرج من فم عدو الخير ما ابتلعه من أبنائك بفخ البغضة، والحقد، والتحزب، والانقسام. هو وحده القادر أن «يجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد» (يو11: 52)، بشفاعة دم أبينا الأنبا إبيفانيوس الصارخ إليه نهارًا وليلًا من أجل توبة وخلاص الجميع.

ليتك يا أبانا الشهيد الأنبا إبيفانيوس، يا مسكن البر، يا أيها الجبل المقدس، تذكرنا أمام الأحضان الإلهية لكي يعيننا الله على توبتنا وإماتة إنساننا العتيق، ولكي يسحق الشيطان تحت أقدام الكنيسة سريعًا، ويوصل – ليس فقط الكنيسة الجامعة الرسولية – بل والعالم كله إلى ميناء الخلاص بسلام.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx