يعزّ علينا انتقال أحبائنا الشهداء وإصابة المصابين في دير القديس الأنبا صموئيل، يوم الجمعة الماضي ٢ نوفمبر. وكما نسمي كنيستنا «كنيسة الشهداء، أم الشهداء جميلة»، وهذا التعبير تعيشه الكنيسة ليس اليوم فقط ولا السنين القليلة الماضية، لكن نعيشه عبر ألفي سنة منذ أن بدأت الكنيسة القبطية وتأسست على أرض مصر في منتصف القرن الأول الميلادي. ونؤمن أن كنيستنا كنيسة شهداء وهذا معروف في كل العالم، معروف أن الكنيسة القبطية المصرية هي كنيسة شهداء، ولهذا عندما نودع أحباء لنا إلى السماء نودعهم على رجاء القيامة.
بلا شك الألم يعتصرنا وألم الفراق شديد ومرير، ونفوسنا جريحة، ونكون في حالة من الاضطراب والحزن في قلوبنان ولكن عندما نرفع أعيننا نحو السماء نجد التعزية السماوية.
أحــــــــــــب أن أعــــــــــزّي كل أبنائنا وأسرهم اللي صاروا شهـــــــــــــداء نتيجة عمل خسيس وليس فيه أي نوع من الإنسانية، ولا يأتي بأي ثمر، ولا يحقق أي هدف. مصرنا التي بنعيش فيها كلنا كمصريين، حــــــول نهر النيل الذي يجــــري من جنوب البلاد إلى شمالها منذ أيام الفراعنة، يمثل لنا نوعًا من الوحــــــدة، وهذه الوحدة لا توجد في أي بلد آخر. وباعتبارنا أبناء النيل ونأكل من خير الأرض التي على ضفتيه ونشرب منه، حتى أننا نرتاح عندما نتمشى بجواره. ولهذا بلادنا متماسكة قوية، ليست صنع أحد، لكن طبيعة من يد الله التي جعلتنا نعيش في أرض مصر منذ أيام الفراعنة وقبل الميلاد بقرون كثيرة امتدادًا لميلاد السيد المسيح. وأرضنا تباركت بالعائلة المقدسة، ثم امتدت فيها المسيحية عبر التاريخ حتى دخول العرب مصر، فامتزجت الفرعونية بالمسيحية بالإسلامية، وصار الإنسان المصري إنسانًا متميزًا وغنيًا بالحضارات التي عاش فيها. لهذا فإن الأصوات التي تتكلم كثيرًا عن عدم فهم، يجب أن تعلم أن أثمن ما نملكه كمصريين كلنا، مسيحين ومسلمين، هو وحدتنا الوطنية على أرض الوطن. وهي وحدة لم تُصنَع باتفاق على ورق أو شخص صنعها عبر التاريخ.. لكن هذه وحدة من يد الخالق الذي أوجد النيل، فنقول مصر هبة النيل.
نعزي أسر أبنائنا الشهداء، ونصلي من أجل المصابين، ونصلي من أجل أن يجنّب الرب بلادنا كل هذه الشرور، ويحفظ البلاد، ويحفظ أهلها، ويعطي السلام دائمًا.و نصلي كذلك من أجل كل مسئول في كل مكان حسب مسئوليته، ونتطلع دائمًا أن يكون مجتمعنا مجتمعًا مملوءًا بالسلام والحب والراحة والسكينة. ربنا يعزي الجميع ويعزي الكنيسة. وثد شاركنا الكثيرون التعزية، سواء داخل أو خارج مصر. نطلب صلوات الجميع من أجل بلادنا الحبيبة.