من مثلك يا أبي الراهب؟!

الأنبا كيرلس أسقف ميلانو

* يا أبي الراهب من مثلك... يا من قدّمتَ نفسك ووضعتَ ذاتك نذرَا للرب؟!...
* من مثلك يا من سلّمت حياتك في يدي الرب وقلت مع المرنم: «نفسي في يديك كل حين»؟!...
* من مثلك يا من حملت اسمًا لقديس جاهد وسلك في طريق الرب قبلك... وأنت خرجت على آثاره لترعى حواسك؟!...
* من مثلك يا من أصغيت للوصية... ويا من أحببتها من كل قلبك... وسرت متمسّكًا بها فصرت مسكنًا للطاعة... وبالفقر الاختياري اغتنيت... وعشت مجاهدًا من أجل حياة البتولية والطهارة... وتزيّنتْ نفسك وتحلّت بالصبر؟!...
* من مثلك يا من انحللت عن الكل وارتبطتَ بالواحد؟!... من مثلك يا من التصقت بالمسيح وعانقته بأفكارك... واختفيت في ذاك المخفي عن الكل؟!...
* من مثلك يجلس على قمّة العالم لأنه لا يشتهي شيئًا ولا يريد شيئًا سوى الله وحده، كما قال القديس أغسطينوس؟!...
* من مثلك يا من صارت السماء لك غطاء، وكل الأرض لك فراشًا، لأن المسيح فردوس النفس وضع شماله تحت رأسك ويمينه تعانقك؟!...
* أنت التصقت بالرب فأصبحت طلعتك بهية ومعطَّرة برائحة المسيح الزكية... ولهذا يتساءلون: «من هذه الطالعة من البرّية مستندة على حبيبها... معطَّرة بالمر واللبان؟» (نشيد ٣: ٦، ٨: ٥)...
* إنهم يتفرّسون في السلام الساطع من وجهك... و يقولون عنك: "حقًّا إنك أصغيت لوصايا الرب، لذا كان كنهر سلامك و برّك كلجج البحر" (إشعياء ٤٨: ١٨)...
* من مثلك مطوَّب لأنه استطاع أن ينام واسم الله القدوس على شفتيه؟!... فإن الشياطين تهرب من الاقتراب إليك ولا تجد فيك مدخلاً ولا محلاًّ، كما قال الشيخ الروحاني...
* من مثلك يا من سمعت لقول معلمك أنبا أنطونيوس... فرفعت يديك قبل أن يرخيهما الموت... وأشعلت قلبك بدموع عينيك؟!...
* من مثلك يا من ملأ الله قلبك... وملأ فكرك... يا من انشغلت بوصايا الرب وانشغلت بوعوده معك ولك؟!...
* من مثلك يا من بروحك المنسحقة وقلبك المنكسر والمتواضع قدمت الذبيحة التي يقبلها الرب ولا يرذلها؟!...
* من مثلك يا من صار قلبك صافيًا كالماء فانطبعت فيه صورة الله؟!