اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون08 فبراير 2019 - 1 امشير 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 05-06

اخر عدد

«لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ» (يع1: 19)

القمص بنيامين المحرقي

08 فبراير 2019 - 1 امشير 1735 ش

تأتي الكلمة اليونانية κούω͗α بمعنى ينصت باهتمام، معبرة عن الإدراك عن طريق السمع. وهو الأمر عينه الذي يوصى به يشوع بن سيراخ، قائلًا: «كن سريعا في الاستماع وكثير التأني في إحارة الجواب» (سي5: 13). لقد أعطى الله الخالق للإنسان أُذنين بارزتين من رأسه، لكي يسهل له عملية الاستماع. وكلمة "مسرعًا" تعني راغبًا أن يسمع باشتياق وبحب؛ فبالتالي هو لا يستمع بهدف الجدال أو المخاصمة، بل بعد السماع والإدراك يدخل حيز التنفيذ والعمل. فنصلي في أوشية الإنجيل: [فلنستحق أن نسمع ونعمل، بأناجيلك المقدسة، بطلبات قديسيك]. ولكن يجب أن نلاحظ أن الإسراع في الاستماع ليس مطلقًا، فهناك أشياء لو سمعها الإنسان تضرّه، لذلك يوصينا سليمان الحكيم، «لاَ تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَى كُلِّ الْكَلاَمِ الَّذِي يُقَالُ لِئَلاَّ تَسْمَعَ عَبْدَكَ يَسِبُّكَ» (جا7: 21). ومنها أن لا نشغل أنفسنا بكلمات الغير ضدنا، فالاهتمام بكلام أهل العالم، يجعلنا نصير عبيدًا للناس. فلا نبالي لا نحب مديحهم، ولا نكره ذمّهم. بل الإسراع في الاستماع لما يخص خلاص النفس والسماع إلى «خَبَرِ الإِيمَانِ» (غلا3: 5). فهذا واجب بأن نسرع دائمًا للجلوس تحت أقدام المسيح إلهنا، كما جلست مريم أخت لعازر.

الإستماع وصية إلهية: يبدأ الله حديثه في الوصايا العشر، قائلًا: «إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ ...» (تث6: 4). فالاستماع أفضل من تقديم الذبيحة (1صم15: 22)، بل ويطلب معلمنا إشعياء النبي من الطبيعة غير العاقلة أن تستمع «اِسْمَعِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَأَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ لأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ...» (إش1: 2). يقول القديس أمبروسيوس: [لم يقل "تكلم" بل "اسمع" فقد سقطت حواء، لأنها تكلمت مع آدم بما لم تسمعه من الرب إلهها. فالكلمة الأولى التي يقول لك الله: "اسمع". فإن كنت تسمع تحتاط في طريقك، وإن سقطت تصلح بسرعة طريقك. لأنه «بماذا يصلح الشاب طريقه إلاَّ بحفظ كلمة الرب؟!» (مز119: 9). لذلك قبل كل شيء اصمت واسمع، فلا تسقط بلسانك. إنه لشر عظيم أن يُدان الإنسان بفمه] (Duties of the Clergy,Book1, ch. 2).

وعدم الاستماع لصوت الله، ووصاياه خطيئة: قبل سبي بابل كانت مهمة الأنبياء أن ينادوا بأن الله سيدين من لا يسمع لصوته، بل وجعل المسيح إلهنا لمن لا يسمع لصوت المصالحة أو من الكنيسة؛ كالوثنيّ والعشار (مت18: 17). مع ملاحظة قول المسيح إلهنا للرسل «اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي» (لو10: 16)، فالكنيسة لا تتكلم إلا بكلام الله.

الله يسمع: كما يطلب الله من أبنائه أن يستمعوا له، هو أيضًا يسمع لهم، ويستجيب. وهذا ما يميز الإله الحي الحقيقيّ عن الآلهة الكاذبة، التي لها آذان ولا تسمع: «فحسبوا جميع أصنام الأمم آلهة، مع أنها لا تبصر بعيونها، ولا تتنشق الهواء بأنوفها، ولا تسمع بأذنها ولا تلمس بأصابع أيديها. أما أرجلها فعاجزة عن المشي» (حك15: 15).

الاستماع للآخر: يعالج معلمنا القديس يعقوب الرسول، أمرٌ خطير في حوارنا مع بعضنا البعض، فنحن قد لا نعطى فرصة لمن يريد أن يتكلم حتى يُعبِّر عن نفسه، بل نقاطعه لنعلن رأينا نحن!! وهنا نسمع الطريقة الصحيحة للحوار، أن نعطي للمتكلم فرصة كافية ولا نقاطع المتكلم. فالاستماع في حد ذاته وسيلة للعلاج، فقد يكون المتكلم يريد أن يخرج ما بداخله من أمور مكبوته، وفقط يطلب من يسمعه، وهذا أمرٌ هام بالنسبة للأب الكاهن أو الإخوة الخدام.

من ناحية أخرى سماع الآخر، ولا سيما صاحب الرأي الآخر، سواء في حوارٍ لاهوتيّ، أو مناقشة من تعرّض لأفكار إلحادية؛ وسيلة هامة جدًا أن نستمع لهم حتى نحدد الفكر الخاطئ بدقة، ولا نتوهم نحن المشكلة، فمن يسمع للناس بهدوء لن يخطئ في الرد عليهم.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx