30 يونيو
سيظل يوم 30 يونيو محفورًا في ذهن المصريين، وفي ذاكرة التاريخ، فهو اليوم الذي خرج فيه المصريون بملايين كثيرة، في كل أنحاء البلاد، يؤكدون رغبتهم في دولة مدنية حديثة، تفصل بين الدين والسياسة.
والحقيقة أن مزج الدين بالسياسة، يضرّ بهما معًا لأن:
- الدين ثابت... والسياسة متغيرة!
- الدين إلهي... والسياسة بشرية!
- الدين مقدس... والسياسة تتلوث أحيانًا!
- الدين أبدي... والسياسة زمنية!
من هنا كان خروج المصريين يوم 30 يونيو، تأكيدًا لهذه المعاني كلها... فالكل كانوا يطلبون "مصر مدنية ديمقراطية حديثة"...
ولنا عبرة حسنة في التاريخ، سواء حينما كانت في العصور الوسطى، حالة امتزاج بين الدين والسياسة، وشبه خضوع من الإمبراطور للقيادة الدينية... هذا الخلط بين الأبدي والزمني، الإلهي والإنساني، ثَبَتَ فشله، ورفضته الإنسانية تمامًا...
نحتاج إذًا أن نؤكد هذا المعنى في حياتنا الحاضرة، وأجيالنا المستقبلة.
- دخول الدين في السياسة... يجرحه!
- ودخول السياسة في الدين.. تغيره! والحقيقة أنهما ميدانان مختلفان:
- الدين: إيمان بالله، فوق العقل، وفوق الحواس، وثقة بالقدير.
- السياسة: اختيار للبشر، ليقودوا حياتنا الزمنية، وهم متغيرون بسبب نجاحهم أو فشلهم.
شكرًا للشعب المصري الجميل، الذي تحرك بعفوية شديدة، وتلقائية فريدة، ليؤكد هذه المعاني كلها.
نحن نقدر الأديان، ونطلب لها العمل من أجل الإنسان، حاضره وأبديته!
وكذلك نقدر السياسة والساسة، في حدود الممكن البشري، والضعف الوارد.
مصر حضارة 7000 سنة، خرجت في هذا اليوم من منطلق مخزونها الحضاري، وتاريخها المشترك. ونحن نثق أن مصرنا الحبيبة، ستحيا في سلام اجتماعي، وتعايش حقيقي، كما عشنا على الدوام. لقد اختلط المسلمون بالمسيحيين في مصر على مدى الأيام، في البنايات والمستشفيات والمدارس، والمناسبات الدينية، والأعياد بأنواعها، في حب ووحدة، يحسدنا عليها الآخرون.
- وحدتنا سببها تاريخ عريق وثابت.
- وامتزاج واندماج اجتماعي.
- واحترام للأديان والمواقف والتوجهات.
ونشكر الله أن مصر التي علّمت العالم الحضارة، إسلامها وسطي يعلّم العالم الوسطية.
حقًا «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ» (إشعياء 25:19).
