أخبريني يا أمي:
كيف جاز في نفسك سيف؟
ما كان يشغلني في الأحداث الأخيرة في مصر هو أن أسأل أحباءنا المعاصرين الذين عاصروا أحداث الضيق وعبروا إلى الفردوس عن مشاعرهم نحونا فيما حلّ بمصر، وتصوّرت أنني ألتقي بالذين عانوا من الظلم، خاصة القديسة مريم التي جاز في نفسها سيف (لوقا 2: 35).
شاهدت أبي الحبيب القمص بيشوي كامل وقد سطع بهاء الرب عليه وهو في الفردوس. قال لي:
لماذا تئنّ على ما حلّ بمصر، هل ينسى الرب وعده: مبارك شعبي مصر (إشعياء 29: 25)؟ عندما اهتزّ مبنى كنيسة القديسين بسبب السيارة المفخَّخة، اهتز الفردوس فرحًا، لقد انطلقتُ استقبل الشهداء القادمين واحتضنهم وأقدمهم واحدًا فواحدًا لسيدي يسوع مفرِّح القلوب.
لقد تهلّلنا بالذين أصيبوا أيضًا، لأنهم قدموا هم وعائلاتهم ذبائح شكر حسب مسرّة الله.
ما كنا نصلي من أجله أن يشرق الرب بنوره على مدبِّري المذبحة، لكي يعرفوا الرب، فيتّسموا بالحب عوض الكراهية والعنف! مساكين هؤلاء الذين أعماهم عدو الخير عن الحق والحب!
سألتُ القديسة مريم: ما هي مشاعرك حين حمل سمعان الشيخ الطفل يسوع على ذراعيه، وكانت تهنئته لكِ: «وأنتِ أيضًا يجوز في نفسكِ سيف» (لوقا 2: 35)؟
ابتسمت كعادتها، وقالت: لم أندهش من كلماته، فإن الذي تجّسد مني أقام من أعماقي سماءً جديدةً لا تضطرب من سيوف البشر.
اذكر يا ابني أنني ابنة داود، فحين واجه جليات الفلسطيني الوثني الجبار، بحث لا عن سيفٍ يواجه به هذا القائد وأسلحته، إنما عن حجر صغير جدًا، أمسك بحصاة وضربه بالمقلاع فسقط الجبار، وقطعتُ رأسه بسيفه (صموئيل الأول 17: 4) وها هو الحجر الحقيقي المقطوع بغير يدين الذي ضرب التمثال فسحقه، وصار جبلاً كبيرًا وملأ الأرض كلها (دانيال 2: 35). إني أحمله على يديّ وفي قلبي، فكيف أخاف من السيف؟
كان سمعان الشيخ يحدثني ووجهه متجهًا نحو الطفل يسوع يشكره، طالبًا أن يُطلقه من جسده الذي شاخ! كان يحدثني عن السيف الذي يجوز في نفسي، وعينيَّ على الطفلِ، مدركة أنه القدير الذي حوَّل أعماقي إلى سماءً متهللةً. أحسستُ أن السيف لن يقدر أن يحطم حياتي، ولا أن يفقدني مسرّتي بالرب وحبي لكل البشرية؟
لا تخف يا ابني، فإننا ما نراه لا تدركونه بعد. إنكم في مجدٍ عجيبٍ، الفردوس كله يطوّبكم من أجل ما سمح به الرب لكم لمجدكم الأبدي!