ما أهمية وجود الكنيسة في حياتنا؟
وجود الكنيسة نعمة، والذي يبعد عن الكنيسة يشعر أن شيئًا ما ينقصه. ونحن كمصريين وأقباط نحب الكنيسة، وليست محبتنا هي للمباني والجدران، ولكنها محبة للحياة التي بداخل الكنيسة.
سوف نتكلم عن..
١. مكانة الكنيسة بالنسبة للإنسان
٢. نعمة الوجود بداخل الكنيسة؛ ما الذي تقدمه الكنيسة لنا لتفرحنا؟
أولًا: مكانة الكنيسة بالنسبة للإنسان
١. احتياج ضروري للإنسان:
عندما تقابل المسيح مع تلاميذه وسألهم «ماذا يقول الناس عني إني أنا؟»، ثم سألهم «وأنتم ماذا تقولون؟»، اندفع بطرس الرسول وقال: «أنت المسيح ابن الله الحي»، فقال له السيد المسيح عبارة تأسيسية: «... وعلى هذة الصخرة أبني كنيستي». الصخرة هي صخرة الإيمان. "كنيستي" هي أول ذكر لكلمة "كنيسة" في العهد الجديد، وجاءت بصيغة الملكية للمسيح.
الكنيسة احتياج أعطاه لنا المسيح، لأنه احتياج ضروري للإنسان، لأن الإنسان عندما يكون وحيدًا يشعر بالنقص، ولكن عندما يعيش بداخل مجتمع يشعر بعضويته فيه. وقد بدأ الله منذ العهد القديم في زرع فكرة الكنيسة في حياة الإنسان.. بدأت بخيمة الاجتماع، وكانت تمثل مرحلة الترحال، ثم بناء الهيكل في أورشليم، والهيكل كان يمثل مرحلة الانتظار. ثم أوجد الله وزرع الكنيسة في العالم، وأسماها "كنيستي"، وهي مرحلة الانتشار.ثم انتشرت الكنائس في العالم، ومن خلال الكنيسة، يحيا المسيح فيّ.
٢- الكنيسة بالنسبة للإنسان هي الحضور الدائم للمسيح:
والآيه التي توضح هذا هي: «ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر»؛ معنا بداخل الكنيسة، ولذلك نسميها بيت الله أو بيت الملائكة أو بيت القديسين أو بيت التسبيح. فأنت تأتي إلى الكنيسة لتتقابل مع شخص السيد المسيح، وقمة هذه المقابلة تأتي في سر الإفخارستيا (القداس).
عندما كان شاول يضطهد كنيسة الله بإفراط، ظهر له السيد المسيح وقال له: «شاول شاول لماذا تضطهدني؟!»، فقد كان يضطهد المسيح الموجود بداخل كل كنيسة. ويقول القديس بولس: «أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله ساكن فيكم؟!»، فالكنيسة هي الحضور الدائم للمسيح، ولا خلاص للإنسان خارج الكنيسة.
3- الكنيسة هي نافذة الأبدية:
هي قطعة من السماء.. وفي التقليد الكنسي نجلس ناظرين إلى الشرق، لأن الشرق موطن النور. وكما قال المسيح: «أنا نور العالم»، ومن الشرق يأتي المسيح في المجيء الثاني. ومن تقليد الكنيسة أن يكون في السقف طاقة نور تُظهِر موطن الشرق الذي يأتي منه المسيح. ولنتذكر دائمًا أننا نعيش على الأرض، ولكن نصيبنا في السماء، وأعمارنا في الأرض هي الفرصة التي تجعلنا نحافظ على نصيبنا في السماء. ولهول انتظار الأبدية يقول الكتاب عن الأشرار: «يقولون للجبال غطينا»، هذا الإحساس يجب أن يصل للإنسان، وهذا ما يدفعه ليسير بمنتهى الدقة في حياته.
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: "الكنيسة أعلى من السماء، وأكثر اتساعًا من الأرض". ويقول القديس كبريانوس: "من لا يتخذ الكنيسة أمًا له، لا يكون الله أباه". ويجب أن يطيع الإنسان أمه، فالوصية تقول «أكرم أباك وأمك».يقول القديس أغسطينوس: "حينما كان المسيح ظاهرًا في الجسد، كانت الكنيسة مخفيه فيه، وهو يعمل كل شيء لها. وعندما صعد بالجسد، صار هو موجودًا فيها، وصارت تعمل كل شيء به ولأجله"، وهذه العبارات هي التي تفهمنا معنى ومكانة الكنيسة.
ثانيًا: ماهي نعمة الكنيسة؟
كلمة كنيسة تتكون من خمسة حروف، وهذه الحروف تشرح لنا نعمة الكنيسة في حياتنا.
١- حرف الكاف: الكتاب المقدس
الكنيسة كتاب مقدس حي، نتسلم فيها الإنجيل. وفي كل مرة نصلي في القداس أو العشية، يكون هناك شرح للإنجيل، وتصير حياة الإنسان حياة إنجيلية. أقوى عمل تستطيع أن تعمله أن تصير إنجيلًا مقروءًا من جميع الناس، أن يكون كلامك هو كلام الإنجيل وحياتك انعكاسًا للإنجيل. لنا آباء شرحوا لنا الكتاب عبر الأجيال، وجعلونا نعيش داخل الكتاب المقدس «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله»،«كلمة الله حية وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين...».
2- حرف النون: نقاء وتربية.
الكنيسة تساعدني في حياة النقاء، "الكنيسة ليست متحفًا للقديسين، الكنيسة مستشفى للخطاة". والسيد المسيح قال في العظة على الجبل «طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله»، عندما تصير نقيًا تستطيع أن ترى الله في حياتك وقلبك،إلى أن تراه في الأبدية. وفي تقليدنا نلبس التونية البيضاء رمزًا للنور والنقاء، الأبيض يلبسه الطفل يوم المعمودية، وتلبسه العروس في يوم الزفاف، ويلبسه الأخ عندما يكون طالب رهبنة. الكنيسة مجتمع يساعدك على حياة النقاء، نقاء في التعليم والتربية، وتخرج وأنت تحمل النقاء في قلبك، وتحافظ عليه وأنت تمارس حياتك في المجتمع.
3- حرف الياء: الكنيسة ينبوع شبع وارتواء للإنسان.
يُصاب الإنسان بهموم كثيرة في العالم تجعله مضطربًا، أمّا الكنيسة فهي مجتمع الشبع من السلام. نقول "يا ملك السلام أعطنا سلامك...". لا تجعل حضورك في الكنيسة حضورًا شكليًا، ولكن احضر بكل كيانك، اشبع بها لأن «النفس الشبعانة تدوس العسل».
٤- حرف السين: تعبير عن السماء
الكنيسة قطعة من السماء، والسماء هي القديسين، وكنيستنا تحب القديسين، ودائما نرفع أعيننا نحو السماء. والطفل في المعمودية نلبسه الملابس البيضاء، ملابس السماء، ويبدأ الإنسان منذ معموديته في أن يعيش الحياة السمائية. الكنيسة قطعة من السماء، لامعة، ولذا نذهب للكنيسة بملابس مناسبة للسماء.
5- حرف الهاء: تعبير عن كلمة هيكل.
الهيكل يعني الأسرار والصلوات، الكنيسة بيت الصلاة. والصلوات في قمتها تكون في الأسرار «فيه يحدث نمو الجسد لبنيانه في المحبة». والألحان في كنيستناهي قطع صلاة مُلحّنة، لأن هذا أغلى ما نقدمه لله. الكنيسة هيكل صلوات بيننا وبين الله.
الكنيسة في مفراداتها الخمسة:
كتاب مقدس = الحياة الإنجيلة
نقاء وتعليم = الحياة النامية
ينبوع شبع = الحياة الشبعانة
سماء = الحياة السمائية
هيكل صلوات = الحياة المقدسة
وتشرح لنا هذه المعاني الكنسية كلها مكانة الكنيسة بالنسبة للإنسان، ونعمة الوجود بداخل الكنيسة.
راجع نفسك لكي تنال البركة الكاملة، وتشعر بتغيير فعلي في حياتك. يعطينا مسيحنا أن نعيش هذا، «صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ،الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ (جسد الكنيسة) مُرَكَّبًا مَعًا، وَمُقْتَرِنًا بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِل، حَسَبَ عَمَل، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ» (أف٤: ١٥، ١٦).
نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين.