اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون15 نوفمبر 2019 - 5 هاتور 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 43-44

اخر عدد

يشكل الماء أولاً ينبوع الحياة وقوتها. ليست الأرض بدونه إلا صحراء قاحلة، أرض الجوع والعطش، حيث يتعرض البشر والحيوان والنبات للموت. إلا أنه مع ذلك هناك "مياه موت" مثل الفيضان المدمّر الذي يجرف الأرض ويبتلع الأحياء، وكذلك السيول الجارفة أو الأمطار المستمرة مع الزوابع تشكل خطرًا على حياة الإنسان. على هذا يكون الماء تارة مُحيِيًا وتارة مرعبًا. ولكنه دائمًا لازم وضروري ووثيق الصلة بالحياة البشرية.

وإذا قمنا برحلة عبر أسفار الكتاب المقدس لنعرف تاريخ المياه حيث نبدأ: كان روح الله يرف على وجه المياه – ثم الطوفان – ثم غرق فرعون – الصخرة التي ضربها موسى في البرية فنبع منها الماء العذب – وشفاء برص نعمان السرياني بعد اغتساله – معمودية يوحنا المعمدان – عرس قانا الجليل وتحويل الماء إلى خمر – حوار السيد المسيح مع السامرية على البئر – نزول دم وماء من جنب السيد المسيح وقت الصليب... الخ.

وحيث أننا نبدأ شهر هاتور (الشهر الثالث في السنة القبطية) وهو شهر الزرع، يقول المثل: "هاتور أبو الدهب المنثور" (والمقصود زرع القمح أو بداية سقوط قطرات الأمطار التي تلمع في ضوء الشمس فتبدو كأنها الذهب المنثور). وهنا مثل آخر يقول: "إن فاتك زرع هاتور، استنى لما السنة تدور"، ويحثّ على عدم تأجيل الزرع في هاتور وإلا فسوفّ تنتظر عامًا كاملاً.

من هذا المنطلق أكتب عن "الماء" وأهميته القوية لحياتنا جميعًا نحن المصريين، خاصة ونحن أمام عدة تحديات خطيرة جعلت من موضوع الماء في مصر مسألة حياة أو موت. ومن هذه التحديات:

1- زيادة عدد السكان (متوقع عام 2050 – بعد 30 سنة فقط – أن نكون حوالي 150 مليون).

2- محدودية الموارد المائية خاصة ومعظم الماء يأتي من خارج مصر.

3- التغيُّرات المناخية والتي أدت إلى التصحُّر والجفاف في بعض المساحات في مصر.

4- الاستخدام المفرط للمياه، حيث تشيع بيننا ثقافة الوفرة المائية، وهذا لم يعد في صالحنا الآن.

5- التلوث البيئي الذي أهدر نوعيات المياه كمًا وكيفًا.

وبالطبع هناك تزايد مستمر في عدد سكان مصر، رغم أن حصة مصر من المياه ثابتة ومحدودة وهي 55,5 مليار متر مكعب سنويًا حسب اتفاقية 1959. لقد كان نصيب الفرد وقتها 2000 متر مكعب في السنة، أما الآن فقد هبط نصيب الفرد سنويًا إلى الربع تقريبًا (حوالي 555 مترًا مكعبًا سنويًا)، وهنا مكمن الخطر الذي يجب أن ننتبه له جميعًا.

إننا نستخدم المياه في كل مناحي الحياة: الشرب، والاستخدامات المنزلية، وفي الزراعة، وفي الصناعة، وأيضًا في توليد الكهرباء. ومن هنا تأتي المسئولية الجماعية نحو المياه واستخدامها حيث أنها:

1- المياه "وزنة حياة" ينبغي الحفاظ عليها بكل وسيلة.

2- المياه تحتاج إلى ترشيد كامل، وهذا واجب أخلاقي وديني.

3- المياه النظيفة ضرورية للصحة جدًا، ولا يجب تلويث مصادرها.

ولذا يجب التوعية الدائمة والمستمرة في خدمة الكنيسة (الوعظ والاجتماعات والخلوات وسائر الأنشطة) عن هذه المسئولية الجماعية من أجل حاضرنا ومستقبلنا. وإليك عزيزي القارئ بعض الإرشادات التي تخدم موضوعنا:

1- أغلق صنابير المياه بعد كل استخدام.

2- استخدم الدش في الاستحمام بدلاً من البانيو.

3- لا تترك الأطفال يلعبون بالمياه.

4- استخدم المياه بكمية مناسبة في إعداد المشروبات الساخنة.

5- تنظيف الأرضيات بكمية قليلة على قدر الإمكان.

6- اِغسل الفاكهة والخضروات في وعاء مملوء بالمياه وليس تحت الصنابير المفتوحة.

7- لا تستخدم الخرطوم في غسيل السيارة (يكفي جردل واحد).

8- أسلوب الري بالرش أو بالتنقيط في ري الحدائق والمزروعات.

9- لا تلوّث مياه النيل وفروعه، فهي التي تشرب منها وترتوي.

10- تكلم كثيرًا مع أسرتك وأصحابك وعملك وخدمتك أن "نقطة المياه تفرق".

وهذا هو الشعار الذي ترفعه كل الجهات المسئولة عن المياه في مصر، أن "نقطة الميه تفرق"، وهذا يعني أن ثقافة "ندرة المياه" يجب أن تحل محل ثقافة "وفرة المياه". وهذا الاهتمام يجب أن يصل إلى الصغار والكبار في كل بيت، لكي تنتشر هذه التوعية اللازمة في هذا المجال.

ونحن في الكنيسة نستخدم المياه في القداس الإلهي: غسل يدي الكاهن - ومسح الحَمل بالماء – وإضافة الماء إلى الكأس – وغسل الأواني - وصرف التناول - ورش المياه - وقداس اللقان، هذا فضلاً عن ممارسة سر المعمودية وأهمية الولادة من الماء والروح. كما أننا نصلي في الكنيسة دائمًا طلبة خاصة بالمياه (أوشية المياه) "اذكر يا رب مياه النهر في هذه السنة باركها"، ونقول "اطلبوا عن صعود مياه الأنهار (والأمطار والينابيع) في هذه السنة، لكي يباركها المسيح إلهنا ويصعدها كمقدارها، ويفرح وجه الأرض ويعولنا نحن البشر، ويعطي النجاة للدواب ويغفر لنا خطايانا".

لا تنسَ: نقطة الميه تفرق.



قداسة البابا تواضروس الثانى

15 نوفمبر 2019 - 5 هاتور 1736 ش

يشكل الماء أولاً ينبوع الحياة وقوتها. ليست الأرض بدونه إلا صحراء قاحلة، أرض الجوع والعطش، حيث يتعرض البشر والحيوان والنبات للموت. إلا أنه مع ذلك هناك "مياه موت" مثل الفيضان المدمّر الذي يجرف الأرض ويبتلع الأحياء، وكذلك السيول الجارفة أو الأمطار المستمرة مع الزوابع تشكل خطرًا على حياة الإنسان. على هذا يكون الماء تارة مُحيِيًا وتارة مرعبًا. ولكنه دائمًا لازم وضروري ووثيق الصلة بالحياة البشرية.

وإذا قمنا برحلة عبر أسفار الكتاب المقدس لنعرف تاريخ المياه حيث نبدأ: كان روح الله يرف على وجه المياه – ثم الطوفان – ثم غرق فرعون – الصخرة التي ضربها موسى في البرية فنبع منها الماء العذب – وشفاء برص نعمان السرياني بعد اغتساله – معمودية يوحنا المعمدان – عرس قانا الجليل وتحويل الماء إلى خمر – حوار السيد المسيح مع السامرية على البئر – نزول دم وماء من جنب السيد المسيح وقت الصليب... الخ.

وحيث أننا نبدأ شهر هاتور (الشهر الثالث في السنة القبطية) وهو شهر الزرع، يقول المثل: "هاتور أبو الدهب المنثور" (والمقصود زرع القمح أو بداية سقوط قطرات الأمطار التي تلمع في ضوء الشمس فتبدو كأنها الذهب المنثور). وهنا مثل آخر يقول: "إن فاتك زرع هاتور، استنى لما السنة تدور"، ويحثّ على عدم تأجيل الزرع في هاتور وإلا فسوفّ تنتظر عامًا كاملاً.

من هذا المنطلق أكتب عن "الماء" وأهميته القوية لحياتنا جميعًا نحن المصريين، خاصة ونحن أمام عدة تحديات خطيرة جعلت من موضوع الماء في مصر مسألة حياة أو موت. ومن هذه التحديات:

1- زيادة عدد السكان (متوقع عام 2050 – بعد 30 سنة فقط – أن نكون حوالي 150 مليون).

2- محدودية الموارد المائية خاصة ومعظم الماء يأتي من خارج مصر.

3- التغيُّرات المناخية والتي أدت إلى التصحُّر والجفاف في بعض المساحات في مصر.

4- الاستخدام المفرط للمياه، حيث تشيع بيننا ثقافة الوفرة المائية، وهذا لم يعد في صالحنا الآن.

5- التلوث البيئي الذي أهدر نوعيات المياه كمًا وكيفًا.

وبالطبع هناك تزايد مستمر في عدد سكان مصر، رغم أن حصة مصر من المياه ثابتة ومحدودة وهي 55,5 مليار متر مكعب سنويًا حسب اتفاقية 1959. لقد كان نصيب الفرد وقتها 2000 متر مكعب في السنة، أما الآن فقد هبط نصيب الفرد سنويًا إلى الربع تقريبًا (حوالي 555 مترًا مكعبًا سنويًا)، وهنا مكمن الخطر الذي يجب أن ننتبه له جميعًا.

إننا نستخدم المياه في كل مناحي الحياة: الشرب، والاستخدامات المنزلية، وفي الزراعة، وفي الصناعة، وأيضًا في توليد الكهرباء. ومن هنا تأتي المسئولية الجماعية نحو المياه واستخدامها حيث أنها:

1- المياه "وزنة حياة" ينبغي الحفاظ عليها بكل وسيلة.

2- المياه تحتاج إلى ترشيد كامل، وهذا واجب أخلاقي وديني.

3- المياه النظيفة ضرورية للصحة جدًا، ولا يجب تلويث مصادرها.

ولذا يجب التوعية الدائمة والمستمرة في خدمة الكنيسة (الوعظ والاجتماعات والخلوات وسائر الأنشطة) عن هذه المسئولية الجماعية من أجل حاضرنا ومستقبلنا. وإليك عزيزي القارئ بعض الإرشادات التي تخدم موضوعنا:

1- أغلق صنابير المياه بعد كل استخدام.

2- استخدم الدش في الاستحمام بدلاً من البانيو.

3- لا تترك الأطفال يلعبون بالمياه.

4- استخدم المياه بكمية مناسبة في إعداد المشروبات الساخنة.

5- تنظيف الأرضيات بكمية قليلة على قدر الإمكان.

6- اِغسل الفاكهة والخضروات في وعاء مملوء بالمياه وليس تحت الصنابير المفتوحة.

7- لا تستخدم الخرطوم في غسيل السيارة (يكفي جردل واحد).

8- أسلوب الري بالرش أو بالتنقيط في ري الحدائق والمزروعات.

9- لا تلوّث مياه النيل وفروعه، فهي التي تشرب منها وترتوي.

10- تكلم كثيرًا مع أسرتك وأصحابك وعملك وخدمتك أن "نقطة المياه تفرق".

وهذا هو الشعار الذي ترفعه كل الجهات المسئولة عن المياه في مصر، أن "نقطة الميه تفرق"، وهذا يعني أن ثقافة "ندرة المياه" يجب أن تحل محل ثقافة "وفرة المياه". وهذا الاهتمام يجب أن يصل إلى الصغار والكبار في كل بيت، لكي تنتشر هذه التوعية اللازمة في هذا المجال.

ونحن في الكنيسة نستخدم المياه في القداس الإلهي: غسل يدي الكاهن - ومسح الحَمل بالماء – وإضافة الماء إلى الكأس – وغسل الأواني - وصرف التناول - ورش المياه - وقداس اللقان، هذا فضلاً عن ممارسة سر المعمودية وأهمية الولادة من الماء والروح. كما أننا نصلي في الكنيسة دائمًا طلبة خاصة بالمياه (أوشية المياه) "اذكر يا رب مياه النهر في هذه السنة باركها"، ونقول "اطلبوا عن صعود مياه الأنهار (والأمطار والينابيع) في هذه السنة، لكي يباركها المسيح إلهنا ويصعدها كمقدارها، ويفرح وجه الأرض ويعولنا نحن البشر، ويعطي النجاة للدواب ويغفر لنا خطايانا".

لا تنسَ: نقطة الميه تفرق.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx