اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون29 نوفمبر 2019 - 19 هاتور 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 45-46

اخر عدد

المسيحية والعمل الإجتماعي...المسيحية والخبز

نيافة الأنبا موسى

29 نوفمبر 2019 - 19 هاتور 1736 ش

يتصور البعض أن المسيحية ديانة أخروية، أي أنها لا تهتم إلا بالسماء والأبدية، ولا تشعر بالتزامها الاجتماعي ودورها في المجتمع.

والحقيقة أن سبب هذا التصور هو ما حدث في بعض البلاد، التي كانت تُسمى مسيحية، وكيف كانت الكنيسة ورجال الدين غائبين عن ساحة الخدمة الاجتماعية، والإحساس بالفقير والجائع والمطحون.

وقد كان التطور الطبيعي أن يتصور الثوّار أن المسيحية هي التي علّمتهم ذلك، حتى أن ماركس تصور أن الدين هو أفيون الشعوب، بمعنى أنه المخدر الذي يتعاطاه الفقراء والمطحونون، بتشجيع من الأغنياء والقادرين، لكي يظلوا راضين بحالهم المأسوي، منتظرين المكافأة والراحة في السماء.

وينبغي أن نعترف أن بعض رجال الدين المسيحي في هذه الدول كانوا سببًا في هذا التصور، إذ عاشوا في بذخ واستهتار، ولم يهتموا بإخوتهم في الكنيسة والوطن، فلما حدثت الثورة، لم تحدث ضد رجال الدين فقط، بل ضد الدين أيضًا.

فهل المسيحية فعلاً دين أخروي لا يهتم بالحياة على الأرض، والاحتياجات الأساسية للإنسان كالخبز والحرية؟!!

1- إن الرب يسوع نفسه، بعد أن تحدث إلى الشعب حديثًا روحيًا مستفيضًا، ورأى أنهم جاعوا، قال لتلاميذه: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا»، وأشبع الجموع حتى لا يخوروا في الطريق (مت14: 14-21).

2- ومع أنه ركز على الكلمة لحياة الإنسان، إلا أنه لم يلغِ الخبز، لهذا قال: «لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللَّهِ» (مت4:4).

3- إن الرب يسوع لم يهمل أبدًا حاجات الإنسان إلى الطعام والشراب، بل أكد لنا أنه سيعطينا كل ذلك دون أن نطلب، ورفع أبصارنا الروحية إلى غذاء الروح، ليتكامل الغذاء الإنساني: الروحي والجسدي، فالإنسان روح وجسد!!

4- وإن كان الرب يوصينا: «إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ» (رو12: 20)، فكم بالحري تكون مشاعرنا حينما نرى إخوتنا في حاجة إلى لقمة خبز أو شربة ماء؟!

5- إن المسيحية تتسامى بالروح، دون أن تهمل الجسد، لهذا قال الرسول بولس: «لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ» (أف5: 29).

6- كما أن المسيحية توصينا على إخوتنا المحتاجين: «مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ» (1يو3: 17). «إِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ الْيَوْمِي، فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: امْضِيَا بِسَلاَمٍ، اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا، وَلَكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ» (يع2: 15، 16).

إن تقسيم العمل المسيحي إلى عمل روحي وآخر إجتماعي، هو محض خطأ معتاد. فالمسيح لم يمزق الإنسان، وكلا العملين: الروحي (الوعظ والرعاية) والاجتماعي (احتياجات الجسد)، عملان مسيحيان بالدرجة الأولى!!

وختامًا يكفي أنه من مواهب الروح القدس أن الرسل اختاروا أناسًا مملوئين بالروح القدس من أجل خدمة الموائد.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx