لمـــــا ترنمــــت دبـــــــــورة النبيــــــــــــــة بعــــــــــد انتصـــــــار شعــــــــب إسرائيــــــــــل علــــــــى أعدائـــــــــه قالــــــــــــــــت فــــــــــــــي ترنيمتهـــــــــــــــــــــا: «اِلعَنـــــــــــــــــوا ميـــــروزَ قالَ مَلاكُ الرَّبِّ. اِلعَنــــــوا ساكِنيهــــــــا لَعنًا، لأنَّهُــــــمْ لَمْ يأتوا لمَعونَـــــةِ الرَّبِّ، مَعونَةِ الرَّبِّ بَينَ الجَبابِرَةِ» (قض5: 23). ويـــــرى الشُــــرّاح أن ميروز هي قرية تقع على بعد 12 ميلًا من السامرة، مما يعني أن سكانها كانوا من شعب بني إسرائيل إلّا أنهم تقاعسوا عن الخـــــــروج مـــــــع إخوتهــــــم لمحاربة أعدائهم مما أوقع عليهم اللعنة.
وقصـــــة أهـل ميروز هي قصة كل إنسان متراخٍ في عمل الرب. إنه ليس فقط يغضب الرب بل الأصعب من ذلك أنه يجلب على نفسه اللعنة. هذا بعينه ما حذر منه الكتاب المقدس في قوله: «مَلعونٌ مَنْ يَعمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ برِخاءٍ، ومَلعونٌ مَنْ يَمنَعُ سيفَهُ عن الدَّمِ» (إر48: 10). هذا ما أكد عليه السيد المسيح أيضًا في حديثه: «مَنْ ليس مَعي فهـــــــو علَيَّ، ومَــــنْ لا يَجمَعُ مَعي فهو يُفَرِّقُ» (لو11: 23)، ويعقوب الرسول في رسالته: «فمَنْ يَعرِفُ أنْ يَعمَلَ حَسَنًا ولا يَعمَلُ، فذلكَ خَطيَّةٌ لهُ» (يع4 :17).
يعني ذلك أنه لا يوجد في قوانين الملكوت مجالًا للسلبية والتراخي والإحجام وإلا يقع المـــــرء تحـــــت «لعنـــــة ميـــروز». فكل من رأى «أخًأ وأُختًا عُريانَينِ ومُعتازَينِ للقوتِ اليوميِّ، فقالَ لهُما أحَدُكُمُ: «امضيا بسَلامٍ، استَدفِئا واشبَعا»، ولكن لَمْ تُعطوهُما حاجاتِ الجَسَدِ» (يع2 :15-16) يكون مستوجبًا لعنة ميروز. وكل من كان نازلًا في الطريق من أورشليم إلى أريحا ونظر أخاه معرىً مجروحًا بين حيٍّ وميت فرآه وجاز مقابله يكون مستوجبًا لعنة ميروز. وكل من رأى المسيح جائعًا فلم يطعمه، وعطشانًا فلم يسقه، وغريبًا فلم يأوه، وعريانًا فلم يكسِه، ومريضًا ومحبوسًا فلم يزره فإنه يكون مستوجبًا لعنة ميروز. وكل من يهمل خلاصًا هذا مقداره مُقدَّمًا بسعة للدخول إلى الملكوت متكاسلًا عن الجهاد حتى الدم مقاومًا ضد الخطية يكون مستوجبًا لعنة ميروز. وكل من يطمر الوزنة المسلمة له مدعيًا قساوة السيد وإجحافه في المطالبة بالثمر يكون مستوجبًا لعنة ميروز. وكل من يمتنع عن الشهادة للحق كما يوحنا المعمدان الذي ظل صوته يدوي قائلًا: «لا يحل لك» يكون مستوجبًا لعنة ميروز. وكل أب أو أم أو خادم أو كاهن يكف عن الصلاة والتضرع من أجل أولاده المؤتمن عليهم يكون مستوجيًا لعنة ميروز. وكل عضو في جسد المسيح يجيب على طلب الروح القدس: «اذهَبِ انظُرْ سلامَةَ إخوَتِكَ» (تك37 :14) قائلًا: «أحارِسٌ أنا لأخي؟» (تك4 :9) يكون مستوجبًا للعنة ميروز. وكل من يستعفي من تلبية دعوة الحضور لعشاء الخروف بسبب حقل أو خمسة أزواج بقر أو امرأة فإنه يكون مستوجبًا لعنة ميروز. وكل من يحب أبًا أو أمًا أو امرأة أو أولاد أو إخوة أو أخوات أكثر من المسيح فإنه يكون مستوجبًا لعنة ميروز. وكل من يستعفي من أخذ صليبه والصعود عليه كل يوم يكون مستوجبًا لعنة ميروز.
فلننظر إذًا جميعًا يا إخوتي لكي نكون أبناء بركة لا لعنة، ولئلا نضع أنفسنا بتراخينا وتهاوننا تحت الدينونة والحكم.