في حياتنا على الأرض كثيرًا ما نقابل آلامًا في الطريق، ربما تكون في مواجهة مشكلات الحياة اليومية، وربما تكون في احتياجنا للنصرة على الخطايا المتسلّطة علينا، ربما في مواجهة مشاعر اليأس أو الضيق، ربما في قلقنا من المستقبل وهمّنا به، ولكننا أمام هذه الاشياء جميعها علينا أن نتمسك بروح الرجاء، محتفظين بيقين داخلي أن الله لن يتركنا، بل لابد أنه يعمل. فنثق دائمًا أن المستقبل أفضل، وأن الرب لابد أن يتدخل ليغيّر الحياة.. ربما لا يحلّ مشاكلنا بالطريقة التي نرجوها، لكنه لابد أن يصنع الكل حسنًا في حينه.
والرجاء احتياج إنساني قديم، فمنذ سقوط آدم -الإنسان الأول- أعطى الرب الإنسان وعدًا بالخلاص، وعلى هذا الرجاء عاش الآباء والأنبياء منتظرين خلاص الرب عبر القرون. كما تكلم معلمنا بولس الرسول عن الفضائل المسيحية الثلاث: الإيمان والرجاء والمحبة، وأعطى الرجاء أهمية كبيرة فقال: «لأننا بالرجاء خلصنا» (رو8: 24). وقد اختبرت الكنيسة بطول تاريخها كيف أن الرب دائمًا كان رجاءها في كل شدّة، فخرجت قوية عفية من كل الضيقات التي اعترضتها.
وهذه بعض الأمور التي تساعدنا أن نحتفظ برجائنا في طريق حياتنا ورحلتنا نحو الأبدية:
1) تذكر دائمًا وعد الرب أن «كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الرب» (رو8: 28)، فمهما كانت الظروف التي تمرّ بها اعلم أن الرب قادر أن يحولها لخيرك، فقد عاش يوسف مظلومًا، لكن هذا الظلم كان هو الطريق الذي يقوده ليصير منقذًا للشعب وقائدًا للأمة.
2) ثق دائمًا في حكمة الله ومحبته، فالله الكلي الحكمة يعرف دائمًا ما يناسبك، ولأنه يحبك فهو يرتب كل الأمور بحسب حكمته ومحبته لتكون سببًا لخلاص نفسك. فلا تفقد رجاءك رغم الضيقات.
3) استمع لدعوة الرب «تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال» (مت11: 28)، فعندما تعوزك الراحة التي لا تستطيع أن تجدها في العالم، الجأ بنفسك إلى الله، فهو الذي وعد، وهو قادر أن يريحك. قل له: أنت الذي دعوتني أن آتي إليك في ضيقي.
4) تذكر أن الله يهمه أمر خلاصك، فإن كانت مسرّته أن تنال الملكوت «فإن أباكم سُرَّ أن يعطيكم الملكوت» (لو12: 32)، فكم وكم يقدر ويُسَر أن يخفّف آلام جسدك وضيقات نفسك. لذلك خاطب نفسك «لماذا أنتِ حزينة يا نفسي.. ترجّي الرب» (مز42: 5).
5) تذكر ان الله يهتم بالصغار والضعفاء والمنسيين، وحتى بالخليقة الغير العاقلة، فهو يعتني بزنابق الحقل وفراخ الغربان ويحصي شعور رؤوسنا... فكم بالحري يعتني بك في ضيقك وتعبك؟
6) تذكر كلمات الرب لرجاله بطول الكتاب المقدس، واعتبرها رسائل خاصة لك، فهو قال لإبراهيم: «أنا معك لأحفظك»، وليشوع: «أنا أكون معك» (تث31: 23)، ولإرميا: «لا تقل إني ولد» (إر1: 7).
7) تذكر عمل الله مع شعبة وكنيسته عبر الدهور، وكيف نجّى الله الكنيسة من ضيقات شديدة في عصور الاضطهاد وعصور البدع والهرطقات، ولكن الكنيسة خرجت منها قوية، فلا يضعف الكنيسة إلّا روح الانقسام الداخلي.
8) ذكّر نفسك أن حياتك وعملك وخدمتك هي ملك للرب، وأنت فقط عامل معه، فالله هو الذي يعمل، وهو يقود سفينة حياتك.. فلا تخف ولا تيأس، كن مستعدًا دائمًا ولكن اتركه يعمل.
9) تذكر الذين انتظروا خلاص الرب فأدركوه.. تذكر كيف فرح داود بخلاصه، وكيف نظر نحميا عودة الشعب من السبي، وسمعان الشيخ، وفرحة التلاميذ بقيامة الرب... وكيف اختبروا جميعًا عمل الرب في المستقبل.
10) ردِّد دائما داخل نفسك «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوّيني» (في4: 13)، واعلم أنه بقوة ربنا يسوع تستطيع أن تجتاز الأوقات الصعبة، بل تتعامل معها بروح الرجاء، ولا تسلم نفسك لمشاعر اليأس..