اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4824 أبريل 2020 - 16 برموده 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 15-16

اخر عدد

المسيح قام.. بالحقيقة قام

القمص بنيامين المحرقي

24 أبريل 2020 - 16 برموده 1736 ش

فعل القيامة ανάστασις يأتي بمعنى يُنهض أو يوقظ أو تعيين لوظيفة ما أو مُهمة، وهو عمل غير معتاد، فعل جديد؛ فمفهومه يفوق عمل العقل البشريّ، والفلسفة الطبيعية، لأنه حدث فوق الطبيعيّ. على عكس كلمة موت هو فعل طبيعي أرضي، بينما عمل القيامة هو فعل إلهيّ، فالذي خلق وحده يملك أن يُصلح ما أفسدته الخطية في خليقته، ويعيد خلقتها على صورته.

القيامة تشرح وتفسر المعنى الأخروي للمعجزة: فمعظم معجزات المسيح كانت شفاء للجسد، وقد رتبت الكنيسة في أحاد الصوم الكبير، رحلة توبة، الابن الشاطر، السامرية، وهناك توبة مصحوبة بشفاء من نتائج الخطيئة: شفاء المولود أعمى، وشفاء مريض بركة بيت حسدا، وفي جمعة ختام الصوم نصلي سر مسحة المرضى (القنديل العام)، بل وتصل إلى أقصاها في إقامة لعازر من الموت بعد أن أنتن، بنزع نتائج الخطيئة، إلى أن نصل إلى عيد الفصح، القيامة، نجد الحياة الحقة.

فالقيامة معجزة المعجزات: كان هدف المعجزات هو البرهنة على ألوهة الكلمة المتجسد، فيقول السيد المسيح: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي» (يو10: 25)، فقد كان هدف معجزة تحويل الماء إلى خمر في قانا الجليل: «أَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ» (يو2: 11)، وهكذا كان هدف معجزة إقامة لعازر من بين الأموات: «لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي» (يو11: 42)، كما يقول معلمنا القديس بطرس الرسول: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ» (أع2: 22).

وتأتي القيامة بالبرهان الذي لا يقبل الشك، فيشهد معلمنا القديس بولس الرسول، عن عمل القيامة قائلًا: «تَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا» (رو1: 4). كلمة تعيّن في اللغة اليونانية تأتي όρισθέντος وتعني تحقّق وتحدّد، ويشرحها القديس يوحنا ذهبي الفم قائلًا: [ما معنى يحدد إذًا؟ يُعني يُعيّن أو يُظهر أو يقيم أو يعترف به من الجميع]، أي ابن الله الذي اتخذ جسدًا وصار في صورة عبد، بالقيامة من الأموات ظهر وتحدد بقوة أنه ابن الله، فقد قام بقوة ذاته، وهذا عينه ما قاله القديس بطرس الرسول: «فَلْيَعْلَمْ يَقِينًا جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ رَبًّا وَمَسِيحًا» (أع2: 36). ففي التجسد  «صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ» (رو1: 3)، ولكنه لم يصر ابن الله أو ربًا ومسيحًا، لأنه هكذا منذ الأزل، لكن القيامة برهنت على ذلك.

القيامة هي مصدر عضويتنا في جسد المسيح الواحد: يقول القديس بولس الرسول: «لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ» (رو6: 5)، يشرح القديس يوحنا ذهبي الفم ذلك بقوله: [إنه يتكلم عن نوعين من الموت، الأول حدث بالمسيح في المعمودية، الذي فيه دفن خطايانا السالفة، وهذا العمل نعمة إلهيّة. والآخَر: يحدث من خلالنا، بواسطة جهادنا الذي يأتي بعد المعمودية، لكي نظل بعد المعمودية أمواتًا عن الخطايا، وإن كنا نرى الله يُساعدنا بصور كثيرة جدًا]. لذلك يعتبر القديس بولس الرسول أن كل الأشياء التي كان يفتخر بها، فيما سبق نفاية (في3: 8)، والآن لا يضع أمامه هدف واحد، وهو حسب قوله: «لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ» (في3: 11). والذي يصل إليه عن طريق معرفة الرب يسوع، لذلك يمتدح القديس يوحنا الرائي مَنْ بلغ هذه القيامة قائلًا: «مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هَؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً لِلَّهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ» (رؤ20: 6). لذا رتبت الكنيسة الملهمة بالروح القدس أن تكون معمودية الموعوظين ليلة عيد القيامة، فيلبسون الثياب البيضاء ويمسكون الشموع وهم يسبحون تسبحة الغلبة والخلاص، وبهذا تعلن الكنيسة أن سرّ عضويتهم في الكنيسة وسر قداستهم واستنارتهم تتحقق من خلال المسيح القائم.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx