اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4824 يوليه 2020 - 17 ابيب 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 27-28

اخر عدد

الشبع الداخلي

الأنبا تكلا - اسقف دشنا

24 يوليه 2020 - 17 ابيب 1736 ش

 تكلمنا فيما سبق عن "الجمال الداخلي" لأمنا الطاهرة القديسة مريم العذراء.. واليوم نود أن نتكلم عن فضيلة أخرى من المجد الداخلي.. وهي الشبع الداخلي.. وهو على الأقل:

(1) شبع روحي: كانت من صغرها تحيا في الهيكل وسط الصلوات والتسابيح والقراءات الروحية والعظات، لذلك كانت حقا شبعانة روحيًا، لم يستطع العالم أن يغريها أو يشدها إليه.. وهنا نقول لمن يعلّق أخطاءه على الظروف الخارجية: لو كنت شبعانًا من الداخل لن تثيرك أو تشدك هذه الأمور، فالضغط الخارجي يحطم العود الأجوف لا العود المصمت، والمياه تغرق السفينة التي بها عطب أو ثقب. ليتنا نتعلم من يوسف الصديق ودانيال والثلاثة فتية، بل من نوح البار الذي حفظ نفسه وسط كل العالم الشرير. فلنشبع بالصلاة والقراءة الروحية والعظات المقدسة.

(2) شبع نفسي: حقا ما أصدق قول الكتاب المقدس «النفس الشبعانة تدوس العسل، وللنفس الجائعة كل مُرّ حلـو» (أم7: 27). حقًا إن كانت النفس شبعانة فسوف تترفّع عن كل الصغائر والنقائص، فلا تنظر إلى التفاهات ولا تجري وراء الدنايا. شبعها الداخلي يغنيها عن أي شبع خارجي.. فالمال والمقتنيات والشهوات لا تغريها بل تدوس هي عليها. ولكن إن جاعت ستقبل أي شيء يُعرَض عليها حتى ولو كان مُرًّا ستجده حلوًا لأنها فارغة جائعة.. لتشبع نفوسنا بالفضيلة حتى تدوس الخطيئة التي قد تبدو كالعسل.

(3) شبع عاطفي: كانت أمنا القديسة في حالة شبع عاطفي، كان يملأ قلبها الحب نحو الله والناس، حب الخير للغير، حب الخدمة.. لذلك رأيناها مكرسة للرب، تحب الناس كما فعلت في عرس قانا الجليل، وما زالت تفعل بشفاعتها عن الناس. تحب الخدمة مثلما فعلت مع أليصابات إذ خدمتها ثلاثة أشهر كاملة.. إن الشبع العاطفي يحمي الإنسان ويحفظه من السقوط والانحراف.. لذلك فلنحرص في بيوتنا لنوفّر الحب والحنان ليشبع بهما أفراد الأسرة ولا يبحثون عنه في الخارج.. فالحب داخل الأسرة لا يوجد مثيل له في الخارج.. فهل يوجد حب مخلص أكثر من حب الأب والأم لأبنائهما؟ وهل يوجد حب أخلص من حب الزوج لزوجته والزوجة لرجلها؟ إن الحب الخارجي قد يكون حبًا زائفًا يكون له أغراض ومصالح، وقد لا يدوم ولا يستمر.

(4) شبع فكري: كانت أمنا القديسة شبعانة فكريًا، ممتلئة من كل فكر صالح، وقد خرج نتاج معرفتها في تسبحتها الجميلة التي قالتها في بيت زكريا وأليصابات. فهي توضّح مدى معرفتها لكثير من أسفار العهد القديم.. لذلك علينا أن نتعلم منها كيف نشبع فكريًا بالقراءة والمعرفة والفهم، فذلك يعطي للإنسان حكمة تحفظه من السقوط في تيارات فكرية خاطئة، فالله قال قديمًا «قد هلك شعبي من عدم المعرفة» (هو4: 6)، وقال الكتاب المقدس: «الحكمة هي الرأس، فاقتنِ الحكمة، وبكل مقتناك اقتنِ الفهم، ارفعها فتعلّيك، تمجدك إذا اعتنقتها، تعطي رأسك إكليل نعمة، تاج جمال تمنحك» (أم4: 7-9)، وقال أحد القديسين: "العقل الفارغ معمل للشيطان"، لذلك لا تترك عقلك فارغًا ليضع الشيطان فيه ما يشاء، بل املأ عقلك بكل ما هو نافع ومفيد لتشبع وترتوي وتُشبع الآخرين أيضًا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx