اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4821 أغسطس 2020 - 15 مسرى 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

النجار ابن مريم

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

21 أغسطس 2020 - 15 مسرى 1736 ش

يصف لنا القديس مرقس الرسول بدقة أحد الأحداث المهمة في حياة السيد المسيح والسيدة العذراء في الأصحاح السادس من إنجيله. فهوذا السيد المسيح قد جاء من كفرناحوم بعدما كان قد أقام ابنة يايرس وأتى إلى وطنه أي إلى الناصرة. لقد جاء إلى مدينته كواحد من معلمي الناموس متبوعًا بتلاميذه، وابتدأ يعلم في المجمع في يوم السبت. عندئذ بُهِت السامعون من تعليمه وحكمته وتساءلوا: «أليس هذا هو النجار ابن مريم؟» (مر6: 3).

ومن المعروف بين اليهود أن الابن (والابنة)  يُنسب لأبيه وليس لأمه حتى ولو كان أبوه ميتًا. فنرى مثلًا: يوحنا ويعقوب ابني زبدي، وسمعان بن يونا، وحنة بنت فنوئيل... إلخ. أمّا أن يُنسب الابن لأمه فكان ذلك يحمل إشارة لكونه ابنًا غير شرعي لا يُعرف اسم أبيه! بالتالي، يكون هذا اللقب "النجار ابن مريم" الذي سُمِّي به يسوع من قِبَل أهل بلدته حاملًا إساءة خفية للسيد المسيح وأمه. وأيّة إساءة أعظم وأمرّ من أن ترى الأم القديسة ابنها يُهان، وأن يرى الابن أمه كلية الطهر تُطعن في بتوليتها وطهارتها؟!

لكن على النقيض توجد حالة أخرى وحيدة يُنسب فيها الابن إلى أمه وهو أن يكون واحدًا من ملوك يهوذا. فقد لاحظ دارسو الكتاب المقدس أنه في سفري الملوك الأول والثاني، بينما كان يوثّق كاتبهما سيرة وتتابع كل من ملوك يهوذا وملوك إسرائيل بعد انقسام مملكة داود، تعمّد الكاتب أن يذكر أسماء أمهات ملوك يهوذا وأن يُغفل ذكر أسماء أمهات ملوك إسرائيل. والاستثناء الوحيد في ذلك هو يهورام وآحاز ملكا يهوذا اللذان وُصِفا بأنهما سلكا في طريق ملوك إسرائيل وبالتالي لم يُذكر اسم أم كليهما. واستنتج الشُرّاح أن السبب في ذلك هو أن أم الملك ، وليست زوجته، كانت تحصل على لقب الملكة، وكانت تُسمى "الملكة الأم"، وكان لها الكلمة العليا في القصر بعد ابنها الملك، كما كانت تجلس في مجلس القضاء معه عن يمينه. أما كون ملوك يهوذا فقط هم الذين حُفظت أسماء أمهاتهم في سفر الملوك لأن ذلك له تفسير مسياني. فقد كان من المنتظر أن يجيء المسيا من سبط يهوذا. وبالتالي، كان من المتوقع أن تكون إحدى أمهات ملوك يهوذا تلك هي المرأة التي يسحق نسلها رأس الحية بحسب الوعد الإلهي لحواء.

من هنا نرى كل العجب في كلام مار مرقس المــُلهم بالروح القدس. فهو الإنجيلي الوحيد من بين الإنجيليين الثلاثة الذين وصفوا تلك الحادثة الذي ذكر أن أهل الناصرة لقّبوه "بالنجار ابن مريم". ففي إنجيل لوقا قالوا: «أليس هذا ابن يوسف؟» (لو4: 22)، بينما نجدهم في إنجيل متى يقولون: «أليس هذا ابن النجار؟ أليست أنه تُدعى مريم» (مت13: 55).

ما أحلى عمل الله العجيب الذي جعل أهل الناصرة يشهدون دون أن يدروا للملك المسيا النجار الذي ملك على خشبة، ولأمه الملكة. فبينما أرادوا الإساءة لها والتشهير بسيرتها الطاهرة، كرّموها كرامة الملكة أم ملك الملوك ورب الأرباب.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx