اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4830 أكتوبر 2020 - 20 بابه 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

الإيمان والعقل

نيافة الأنبا سرابيون أسقف لوس آنجلوس

30 أكتوبر 2020 - 20 بابه 1737 ش

جدَّد انتشار وباء فيروس كورونا الحوار حول موضوع هام وهو: علاقة الإيمان بالعقل البشري ومنجزاته، وخاصة أنه للوقاية من الإصابة بهذا الوباء تم وضع العديد من الإجراءات الاحترازية التي أثّرت على الحياة الكنسية في مجالات متعددة.

لمناقشة هذا الموضوع اللاهوتي الهام نحتاج لأمرين:

١- أن نتبع خطوات ربنا الرب يسوع المسيح. فمثلًا في معجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات والسمكتين، عندما طلب التلاميذ من السيد المسيح أن يصرف الجموع قال لهم: «أعطوهم أنتم ليأكلوا» (لو٩: ١٣). لماذا قال لهم ذلك؟ القديس يوحنا يكشف لنا السبب: «فقال لفيلبس: "من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟"، وإنما قال هذا ليمتحنه لأنه علم ما هو مزمع أن يفعل» (يو٦: ٥-٦). أراد أن يشجع التلاميذ أن يفكروا ويستخدموا عقولهم لإيجاد حل. حاول التلاميذ ولكنهم لم ينجحوا، وحتى عندما وجدوا الخمسة أرغفة شعير والسمكتين قال أندراوس: «ولكن ما هذا لمثل هؤلاء؟» (يو٦: ٩). وعلى الرغم من عجز العقل البشري عن إيجاد حل لمحدوديته، لم يرفض السيد المسيح نتائجه، فأخذ نفس الخمس خبزات والسمكتين وباركهم، واستخدم نفس التلاميذ -الذين فشلوا- في تنظيم الجموع في مجموعات، وأيضًا في توزيع الطعام، ثم في جمع الكسر، وكلها أمور تحتاج للعقل البشري.

على جناح الهيكل عندما طلب الشيطان من السيد المسيح أن يطرح نفسة إلى أسفل رفض، وقال له: «إنه قيل: لا تجرب الرب إلهك» (لو٤: ١٢)، فلماذا يفعل شيئًا ضد العقل البشري ودون حاجة له؟ فالسيد المسيح كان يصعد الجبل وينزل منه، وكان يركب السفينة، ويسير على قدميه، رغم عدم حاجته لذلك لقدرته الإلهية، ولكنه يعلمنا احترام قوانين الطبيعة لأنه خالق قوانين الطبيعة.

٢- أن نتعلم من آبائنا اللاهوتيين مثل القديس أثناسيوس والقديس كيرلس أنه عند مناقشة موضوع لاهوتي نرجع إلى كيف خلق الله الانسان لندرك حكمة الله. الله خلق الانسان كائنًا عاقلًا، ووهبه نعمة العقل لكي يستخدمه، فأعطاه أن يُخضِع الأرض ويتسلط على ما فيها (تك١: ٢٨)، كذلك وضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها (تك٢: ١٥)، ولم يقل له كيف يفعل ذلك لأنه وهبه نعمة العقل. كما وهبة حرية الإرادة لذلك أعطاه وصية. الكائنات غير العاقلة تأكل وتتكاثر بالغريزة، أما الانسان العاقل فعقله يتحكم في غرائزه، لذلك أعطى الله الإنسان الوصايا لتقود عقله في الطريق الصحيح.

استخدام العقل -هبة الله لنا- لا يتعارض مع الإيمان، ولكن عقل الانسان محدود، وعقل الانسان قد يقوده إلى الشرور. لذا يحتاج الانسان للإيمان ليهب عقله قدرات غير محدودة، وليقود عقله في طريق الخير. كما يهب الإيمان العقل استنارة في تطبيق منجزاته بطريقة صحيحة خاصةً في الأمور الكنسية التي لها طبيعة خاصة تختلف عن أمور العالم.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx