اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4830 أكتوبر 2020 - 20 بابه 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

النظرة القديمة والنظرة المتجددة..!!

الأنبا بيتر أسقف نورث وساوث كارولاينا وكنتاكي والنائب البابوي لولاية فيرجينيا

30 أكتوبر 2020 - 20 بابه 1737 ش

+ جورج برنارد شو هو المؤلف الأيرلندي الساخر الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1925م؛ ويُعتبر أحد أشهر الكتّاب المسرحيين في العالم... قال يومًا: "إن أذكى رجل عرفته في حياتي هو "خياطي" لأنه كلما ذهبت إليه أخذ قياسي من جديد؛ وكأنه أول مرة يتعامل معي؛ بينما صنّفني الناس بمقاييسهم تصنيفًا نهائيًا".. لقد قصد بعباراته أن لا تنظر إلى الإنسان كأنه جماد؛ ولا بد أن نحاول اكتشاف الآخر من جديد في كل مرة نلتقي به...

+ إننا كشعوب شرقية مصابون بآفة تنخر في طباعنا؛ وتؤثر في أحكامنا؛ إنها آفة "النظرة القديمة أو التصور القديم". عندما نكّون تصورًا عن شخص ما؛ وربما يكون التصّور والحكم كان صحيحًا في الماضي، ثم نسقط نفس التصّور عليه حتى بعد التغيير؛ فالذي كنا نعرفه (خبيثًا أو كاذبًا أو متهورًا أو أنانينًا أو عنيفًا – أو حتى زانيًا) نحبسه في ذاك التصّور حتى ولو بدأ يتغير؛ يظل هذا الشخص محبوسًا مُكبّلًا داخل ذلك البرواز لا يخرج منه، ونحكم على أي فعل أو تصرف من خلال التصوّر القديم.

+ إن الرب يسوع دخل يومًا بيت سمعان الفريسي، وجاءت إمرأة وجلست عند قدميه، وبدأت تقبّل قدميه بالدموع وتمسحها بشعر رأسها؛ نادمةً على خطاياها وباكية عن آثامها، لكن الفريسي حكم عليها حكمًا نهائيًا «إنها خاطئة»، وحكم على المسيح أيضًا بأنه ليس نبيًا «لو كان هذا نبيًا لعلم من هذه المرأة التي لمسته؛ إنها خاطئة»... لقد حبسها في ماضيها؛ وحكم على كل ما فيها؛ وتجاهل دموع عينيها.. لقد كوّن عنها صورة بإنها "خاطئة" وستظل خاطئة؛ ولم يتخيل يومًا إنها ستتوب ولن تعود "خاطئة ".. إنها نظرة غير صحيحة وغير عادلة بل وظالمة... وفي المقابل نجد الوحي الإلهي يقول عنها: «وإذا إمرأة في المدينة "كانت" خاطئة»؛ لقد كشف لنا الحاضر الواقع ولم يذكر الماضي السابق الذي تمسك به الفريسي ومن معه.

+ ولقد كرر الفريسيون نفس القسوة مع "المولود أعمى" واتهموه بأنه "تلميذ ذاك..." وإنه "بالخطايا وُلد..." ولم يحاوروه بأنه "كان أعمى والآن يبصر..."

+ إننا جمعيًا نجتاز في ممر التغيير والأحداث؛ والحياة تطحن الجميع في طاحونة الضيقات والأزمات؛ وتلوّح لنا كل يوم بالتغيرات... فكلنا نجتاز الأفراح والأحزان؛ النجاح والفشل؛ الفقر والغنى؛ والمرض والصحة... لذلك ترانا نتأثر وأغلبنا يتغير وبعضنا يتطوّر... ولا نقف عند الشكل الواحد المتجمد؛ فنحن لسنا جمادًا....

+ وهذا بجانب إيماننا بروح الله المغيّر؛ وروح الله المُطَوِّر الذي يفوق كل عقل وتصوّر... إن شاول الطرسوسي لم يعد شاول بل بولس الرسول؛ وأريانوس الوالي لم يعد قاتلًا بل الشهيد المقتول؛ وموسى اللص الزاني لم يعد أسود بل الأبيض البتول....

+ لذلك أيها الأحباء دعونا نخلع نظارة الماضي لنرى الآخر فى حاضره الجديد، دعونا ننزع تصورًا قديمًا ونرى واقعًا بثوبٍ جديد؛ دعونا نتحرر من أفكار كبّلنا بها الآخر بقيود من حديد.

+ ليكن كل واحد فينا "خياطًا" يأخذ قياسًا جديدًا لكل شخص يقابله؛ فالذي نظرته فقيرًا منذ سنوات في حياته الروحية ربما صار اليوم غنيًا باللمسات الالهية؛ والذي كان في المدينة مُدانًا وخاطئًا صار اليوم بارًا وبريئًا...

لذلك أيها الحبيب: كن خياطًا ماهرًا واشطب القياسات والأرقام القديمة لمن تقابله؛ وقِس من جديد من رأسه حتى أنامله.. فالناس يتغيرون؛ يتطورون والكثير منهم –أيضًا– يتوبون..




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx