اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4811 ديسمبر 2020 - 2 كيهك 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 47-48

اخر عدد

زمن الرحيل

قداسة البابا تواضروس الثانى

11 ديسمبر 2020 - 2 كيهك 1737 ش

بعد أيام يرحل هذا العام 2020، وقد عانت فيه البشرية معاناة شديدة بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، والذي راح ضحيته أكثر من مليون ونصف من البشر حتى الآن، فضلاً عن الإصابات وقد تعدّت 66 مليون مصاب في العالم.. وفي بلادنا مصر كان لطف الله بنا كبيرًا حيث قام كل المسئولين بدورهم ومسئولياتهم، وأداروا الأزمة بكل اقتدار، وحسب الإمكانيات الصحية وغير الصحية المتوفرة واجهوا الجائحة، وبالمقارنة مع العديد من الدول والشعوب، تُعتبر مصر من الدول المنخفضة أو المتوسطة في أعداد المصابين والمتوفين.

وفي كنيستنا القبطية رحل عن عالمنا اثنان من الآباء الأساقفة الأجلاء –وبغير إصابة من الفيروس– وهما: المتنيح الأنبا صرابامون أسقف ورئيس دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، والمتنيح الأنبا رويس الأسقف العام والذي كان مهتمًا بالخدمة في كندا وفي كنيسة العذراء مريم المعروفة باسم قصرية الريحان في مصر القديمة. كما رحل عدد من الآباء الكهنة الموقرين حوالي عشرين كاهنًا من جراء الإصابة بالفيروس، وكذلك أعداد من الشمامسة والأراخنة والأطباء وأطقم التمريض وغيرهم.

لقد كنا نتصور في بداية العام أنه سيكون متميزًا بسبب الرقم الذي يحمله 2020، ولكن ما أن بدأت الأشهر الأولى حتى جاءت الأخبار بما لا نشتهيه.. وبدأ الانتشار الواسع الذي تسبب في وقف عجلة الحياة بصورة غير مسبوقة في تاريخ الإنسان وعلى مستوى العالم...

يرحل هذا العام وقد ترك لنا ذكريات أليمة في تاريخ حياتنا، وإن كان ينتهي وقد بدأت أخبار إنتاج لقاحات ضد الفيروس تظهر في عدة دول بعد أبحاث علمية مضنية، وبدأت دول كثيرة تشتري هذه اللقاحات لتحصين شعوبها، خاصة الصف الأول الذي يواجه الفيروس في المستشفيات والمراكز الصحية من الأطقم الطبية والفنية.

وخلال انتشار الفيروس كوباء وجائحة عالمية أُثيرت أسئلة كثيرة: لماذا؟ وبسبب من؟ وكيف؟... الخ. ولا يملك أحد الإجابات الشافية على هذه الأسئلة، ولكننا نرى أنه جرس انذار للإنسان الخاطئ.. لقد جنحت البشرية في علاقاتها مع الله الخالق والذي أوجد الخليقة والإنسان من عدم.. وتحول الإنسان عن خالقه، تارة يعبد العلم، وتارة يعبد التكنولوجيا، وتارة يعبد عقلة ومزاجه.. وابتعد الإنسان عن القصد في خلقته، واستغل حريته في خطايا كثيرة كالإلحاد والشذوذ والانحراف والحياة الترابية والجسدية بكل المتع والشهوات، وسقط في عبادة المال، وبدلاً من أن يكون وسيلة حياة، صار المال سببًا في الصراعات والحروب والنزاعات التي تشهدها بلاد كثيرة.

الله أراد في رحمته ومحبته إيقاظ الإنسان، أراد أن يرجع من غفوته وسقطاته، وأن يعرف للتوبة طريقًا.. لأن هذا هو نداء المسيح منذ بداية خدمته الجهارية على الأرض:

«.. قد كمل الزمان

واقترب ملكوت الله

فتوبوا

وآمنوا بالإنجيل» (مرقس 1: 15)

ولكن للأسقف كثيرون لم يستجيبوا لهذا النداء رغم قسوة الوسيلة، وأعني انتشار الجائحة ورحيل وإصابة الملايين. وربما عنوان المقال "زمن الرحيل" يكون دافعًا لصحوة ويقظة وتوبة ورجوع واستعداد من أجل الأبدية والنصيب الصالح.

إننا على الرجاء نعيش، فالمسيح الذي أتى بين البشر جاء ليشفيهم من أمراضهم الروحية وأسقامهم الجسدية، وهو الذي قال «لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى» (مت9: 12)، وهو الذي أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا كما تقول نبوة إشعياء النبي (إش53: 5). وباسم المسيح تتم معجزات الشفاء على أيدي الرسل والقديسين، ونعلم أن الوسائط الروحية كالصلاة بإيمان (يعقوب 5: 13)، والمسح بالزيت في سر مسحة المرضى، وأيضًا استخدام الماء المقدس في صلوات اللقان وخلال القداسات لأنه مصدر لطرد الأمراض. وأيضًا رشم إشارة الصليب فيه قوة شفاء، كما كانت الحية النحاسية المعلقة على عصا موسى بمثابة دواء (سفر العدد 21: 6-9).

ومع هذه العلاجات الروحية، هناك العلاجات الوقائية والتي أثبتت فعاليتها في الحد من انتشار الفيروس، مثل: لبس الكمامة، والابتعاد الجسدي، وغسل الأيدي والأسطح باستمرار بالماء والصابون والمطهرات، وتجنب الزحام والغرف المغلقة قليلة التهوية، وتناول الطعام الطازج من الخضروات والفاكهة لرفع مناعة الجسم، وأخذ نصيب كاف من الشمس كل يوم...

وهذه هي نصيحة بولس الرسول لنا في رسالته الثانية إلى أهل مدينة كورنثوس «... إن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا. لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديًا. ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى، بل إلى التي لا تُرى. لأن التي تُرى وقتية وأما التي لا تُرى فأبدية» (2كورنثوس 4: 16-18).

أدام الله عليكم الصحة والعافية والسلام...




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx