اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4825 ديسمبر 2020 - 16 كيهك 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

القدم واللسان... وأثرهما في حياة الإنسان

الأنبا بيتر أسقف نورث وساوث كارولاينا وكنتاكي والنائب البابوي لولاية فيرجينيا

25 ديسمبر 2020 - 16 كيهك 1737 ش

منذ خمس سنوات اكتشف العلماء الألمان آثارًا لأقدام ديناصور عملاق من فصيل غير معروف، ويعتقدون أنه يرجع إلى 145 مليون عامًا، وأكتشفوا أن آثار الأقدام عميقة تصل إلى 43 سم في الأرض، وهو ما يرجّح أن تكون الأرض كانت لينة والديناصور ثقيل الوزن جدًا....

قرأت هذا الخبز وتعجبت كثيرًا : كيف أن آثارًا لأقدام منذ ملايين السنين تصل إلينا ونراها اليوم؟! لقد استدعت هذه الآثار مشهدًا جاء في تتمه دانيال عن قصة "بال" الصنم الذي كان يعبده أهل بابل، وكانت تُقدَّم إليه كل يوم كميات كبيرة من الطعام، وكانوا يعتقدون ومعهم الملك بأن التمثال يأكلها جميعًا، إلّا أن دانيال كشف الخدعة للملك، وأثبت أن الكهنة السبعين وعائلاتهم هم من يأكلون الطعام، عندما ذرّى برماد في الهيكل، وتركوا آثارًا لأقدامهم عليها، وفُضِح أمرهم وهلكوا جميعًا... وكانت آثار أقدامهم هي السيف الذي حصد رؤوسهم!

هنا نرى أن آثار الأقدام تبقى لآلآف السنين، وربما تكون سببًا في خلاص أو هلاك المؤمنين، ولعل هذا يجعلنا نشير إلى أحد أعضاء الإنسان وهو الأصغر حجمًا والأكثر أثرًا... إنه اللسان: الذي ربما يكون للبعض خلاصًا وأيضًا للآخرين هلاكًا.

لقد عبّر القديس يعقوب في رسالته عنه قائلًا: «هكذا اللسان أيضًا هو عضو صغير ويفتخر متعظمًا... الذي يدنس الجسم كله ويضرم دائرة الكون...» (يع٣: 5، 6).

إن اللسان رغم إننا نراه ضئيلًا لكن أثره يبقى عظيمًا، ربما هو نفسه يشعل الصراعات، وأيضًا يقسم البلاد، وربما نراه يشتّت مجتمعات.

إن أثره يبقى محفورًا في الذاكرة، وكلماته تبقى حية ثائرة، ربما تُحيي إنسانًا أو تقتله، تشجع يائسًا أو تهدمه...

لذلك ليكن كل إنسان فينا حكيمًا: يعرف ماذا يقول، ومتى يقول، وصدى ما يقول... فربما كلمة تقولها ولا تقصدها تكون سهمًا تغرسه في قلب من تحب دون أن تدري، أو عبارة تهرب من تحت لسانك لتصبح نارًا تحرق من حولك.

+ لذلك قال القديس أرسانيوس: "كثيرًا ما تكلمت وندمت، أمّا عن السكوت فلم أندم قط"، وقال أيضًا الأنبا موسى القوي: "أبغض كلام العالم لكي تبصر الله..."

إن الصمت يا أحبائي يعلّم الإنسان الرزانة والهدوء، ويبعده عن الضوضاء بهدوء، بل ويساعده على جمع الفكر والتركيز في الله.

+ لقد صدق الشيخ الروحاني عندما قال: "سَكّت لسانك ليتكلم قلبك، وسكّت قلبك ليتكلم الله..."

لإننا كثيرًا ما سمعنا عن أناس دمّرتهم كلمة، بل وأصبح دمارهم دمارًا لمن حولهم. لقد قيل عن "هتلر" إن أستاذه قد سخر منه وهو فتى صغير عندما عرض عليه هتلر لوحة قد رسمها، ومنذ ذلك الحين عزم هتلر أن يرسم لوحة من الدم والدمار لكل من حوله وللعالم.. وقد فعل! وهذا بسبب كلمة ساخرة أصابته.

من هنا علينا أن نعرف قيمة الكلمة وقامتها، بل تأثيرها وحجم فائدتها أو تدميرها، فالحكمة مطلوبة من الجميع عندما نتكلم ونتفوه أو نصمت ونتعلم!

لقد أعجبنى هذا القول: "إن كانت القدم تترك أثرًا على الأرض، فلسانك يترك أثرًا في القلب..."؛ لقد تركت الديناصورات آثارًا لأقدامها منذ ملايين السنين، واليوم رأيناها. ونعلم أن كلمات لساننا تطبع أثرًا لسنين حتى وإن نسيناها...

إذًا فلنحذر يا إخوتي من كلمات أفواهنا لئلا تطبع أثرًا على قلوب الناس اللينة، تظل إلى سنين طويلة وأزمنة.. ولنعلم حتمًا أن: القدم واللسان سيؤثران في حياة الإنسان..!!




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx